عرض مشاركة واحدة
قديم 08 - 10 - 2012, 09:00 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Marina Greiss Female
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Marina Greiss

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 14
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : USA
المشاركـــــــات : 20,933

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Marina Greiss غير متواجد حالياً

افتراضي رد: موضوع متكامل لتفسير سفر اشعياء النبى كتابيا

إشعياء – الإصحاح الثالث عشر




وحى من جهة بابل



إذ تحدث النبى عن السيد المسيح وأمجاد عصره خشى أن يفهم البعض أن هذا الأمر يتم فى عهده أو فى المستقبل القريب لذلك تنبأ عن بابل وما سيحل بالشعب خلال السبى البابلى ثم العودة من السبى .

قبل مجىء السيد المسيح تظهر مملكة بابل بكل عنفوانها لتتحطم ، ويأتى المسيا ليملك ولا يكون لملكه نهاية . يتكرر الأمر بالنسبة لمجيئه الأخير حيث تظهر مملكة الدجال كمملكة بابل تقاوم الكنيسة وتسود العالم لكنها تنهار ليأتى رب المجد على السحاب .

بابل وغيرها من الأمم العنيفة إنما تمثل المقاومة لله ولكنيسته ... وقد جاء الوحى هنا يعلن أن كل القوى المعادية لله ومسيحه وشعبه لن تدوم بل تنهار .




( 1 ) وحى من جهة بابل :



" وحى من جهة بابل رآه إشعيا بن آموص " إش 13 : 1 .

أراد النبى تأكيد أنه هو كاتب النبوة ، تمتع بها من جهة بابل . أما تأكيده أنه هو الذى رآها فذلك لسببين :

أ – إن كان إشعياء قد تنبأ بخصوص يهوذا وأورشليم لكنه يتحدث هنا عن مصير الأمم المجاورة مؤكدا أن الله إله القديسين هو بعينه إله جميع الأمم .

ب – لم يكن لبابل حسبان فى ذلك الوقت ، فكان يصعب على السامع أو القارىء أن يصدق ما يقال عنها فى هذه النبوات .




( 2 ) دعوة الأمم لمقاتلة بابل :



لم تكن بابل قد ظهرت عظمتها بعد ، لكن النبى يراها قادمة ، عاصمتها مدينة عتاة ، لهذا يبدا نبوته عنها بتحريض الرب للأمم كى تتجمهر ضد بابل وتقتحم أبوابها وتذل كبرياءها ، قائلا : " أقيموا راية على جبل أقرع " إش 13 : 2 . هكذا يصدر الله أمرا بمحاربة بابل فيدعو الأمم أن تقيم راية الحرب على جبل خال من كل شجر أو نباتات حتى يمكن لكل الجيش أن يراها . لأن خلو المكان من الأشجار يساعد سرعة انتباه الجيش لبدء الحرب .

" ارفعوا صوتا إليهم " إش 13 : 2 ، أى اضربوا بالأبواق لأجل تحميس الجيوش .

" أشيروا باليد ليدخلوا أبواب العتاة ( الأشراف ) إش 13 : 2 ، أى يلوحون بالأيدى لتشجيع اهمم من أجل اقتحام مدينة الأحرار الأشراف فى شجاعة وإقدام .

ما هى بابل إلا النفس المتعجرفة التى يلزمنا أن نقتحمها لا برايات الحرب ولا بأصوات الأبواق ولا بالتلويح بأياد بشرية وإنما برفع راية الحب التى لمسيحنا المصلوب لتقول :

" علمه فوقى محبة " نش 2 : 4 .

الحديث هنا أعظم من أن يكون خاصا بدعوة فارس ومادى لأقتحام الأمبراطورية العظيمة بابل ، إنما هو دعوة تمس خلاص النفس الأبدى . لهذا يكمل قائلا :

" أنا أوصيت مقدسى ودعوت أبطالى لأجل غضبى مفتخرى عظمتى ، صوت جمهور على الجبال شبه قوم كثيرين ، صوت ضجيج ممالك أمم مجتمعة . رب الجنود يعرض جيش الحرب . يأتون من أرض بعيدة من أقصى السموات الرب وأدوات سخطه ليخرب الأرض " إش 13 : 3 – 5 .


يلاحظ فى هذا النص :



أولا : يرى البعض أن هؤلاء المقدسين والأبطال هم القيادات العسكرية لفارس ومادى .. ليسوا لأنهم قديسون وإنما لأن الله دعاهم دون أن يدروا لتحقيق أهدافه المقدسة ، ووهبهم قوة للعمل واستخدامهم لتحقيق أمور ليست فى أفكارهم .

ثانيا : ما هو صوت الجمهور القائم على الجبال شبه قوم كثيرين ، " صوت ضجيج ممالك أمم مجتمعة ، رب الجنود يعرض جيش الحرب " إش 43 : 4 إلا صوت الكنيسة المجتمعة معا بروح الحب والوحدة على الجبال المقدسة تتمتع بالحياة العلوية ، تسكن على قمم الوصايا المباركة لا عند السفح ، تجتمع من ممالك أمم كثيرة كجيش بألوية ( نش 6 : 10 ) ... إنها كنائس متعددة لها ثقافات متباينة لكنها خلال الإيمان الواحد والفكر الواحد تعيش كجيش روحى سماوى ... هذه هى سمة الكنيسة الحقيقية : كنيسة سماوية .

+ كم من كثيرين هاجموا الكنيسة فهلك الذين هاجموها ، أما هى فحلقت فى السماء .

تجتمع الكنيسة من أرض بعيدة ، إذ كان أغلب أعضائها وثنيين مرتبطين بالعالم ، غرباء عن بيت الله ، لكنهم صاروا سماء الرب ومقدسه ، يخربون الأفكار الزمنية أو محبة الأرضيات ليحملوا الآخرين إلى خبرة الحياة السماوية .




( 3 ) يوم خراب بابل :



يصور لنا النبى يوم خراب بابل المرهب على أيدى فارس ومادى بكونه يوم الرب الذى فيه يعلن غضبه على بابل المقاومة له ولأولاده .

يرى البعض أن ما ورد هنا تحقق فعلا فى أيام كورش ولكن بصورة جزئية ، غير أنه سيتحقق بصورة أشمل فى الأيام الأخيرة كما جاء فى سفر الرؤيا ( رؤ 17 ) . عن دينونة الزانية العظيمة الجالسة على مياة كثيرة ، بابل العظيمة أم الزوانى .

أ – يقول النبى : " ولولوا لأن يوم الرب قادم كخراب من القادر على كل شىء ، لذلك ترتخى كل الأيادى " إش 13 : 6 ، فلا يقووا على حمل السلاح . لقد صارت مملكة بابل سيدة العالم كله ، وقد أطال الله أناته عليها عشرات السنوات ، والبابليون يتمادون فى كبرياء قلوبهم وعجرفتهم ضد الرب نفسه ، لذلك إذ يسقطون تحت غضبه ترتخى أياديهم العنيفة الحاملة للسلاح ، فيصيرون فى ضعف شديد وموضع سخرية .

ب – " ويذوب قلب كل إنسان ، فيرتاعون " إش 13 : 7 ، 8 . هكذا ينتاب الكل حالة من الرعدة والخوف ، من رجال ونساء وشباب وشيوخ وأطفال ، يصير الكل منهارا ليس من يسند أخاه بل كل واحد يحطم نفسه كما يحطم من هم حوله !

جـ - يتلوون من الألم كالوالدة وهى فى حالة طلق ( إش 13 : 8 ) ، فقد حملوا فى داخلهم ثمر شر يلدونه مرارة المر . والعجيب أن الكتاب المقدس يشبه آلام الأشرار يآلام الطلق وأيضا آلام المؤمنين ( يو 16 : 20 ) ، الأولون يئنون فى يأس وبرعدة لأنهم يلدون ريحا ( إش 26 : 18 ) ، أما الآخرون فيفرحون وسط الحزن الخارجى لأنهم ينجبون إنسانا فى العالم ( يو 16 : 20 ) .

د – تصير " وجوهكم وجوه لهيب " إش 13 : 8 ، محمرة خجلا بسبب انكسارهم الشديد وجبنهم ، كما تبهت أحيانا وجوههم ( إش 13 : 8 ) ، إذ تصفر بسبب الخوف .

هـ - تصير أرضهم خرابا ليس من يمشى عليها ( إش 13 : 9 ) ، كرمز لما يحل بالجسد ( الأرض ) من فقدان لكل حيوية حقيقية . من يقاوم الرب من أجل شهوات الجسد يفقد حتى جسده وتخرب نفسه الداخلية ، إذ قيل : " لذلك أزلزل السموات ( النفس ) وتتزعزع الأرض ( الجسد ) من مكانها فى سخط " إش 13 : 13 . ربما يشير هنا أيضا إلى ثورة الطبيعة ضد من يعصى خالقها . وكأن من يعصى الرب تعصاه الطبيعة ذاتها !

و – يحل بهم الظلام " فإن نجوم السموات وجبابرتها لا تبرز نورها ، تظلم الشمس عند طلوعها ، والقمر لا يلمع بضوءه " إش 13 : 10 . هذا يشير إلى ظلمة الجهل التى تحل بالإنسان المقاوم لله ، لا يرى شمس البر .

ز – يموت الرجال فى الحرب ، وإذ اعتادت النساء فى بابل على الحياة الخليعة لذا يطلبن رجلا لتحقيق شهواتهن الرديئة فيصعب عليهن وجوده : " وأجعل الرجل أعز من الذهب الأبريز والإنسان أعز من ذهب أوفير " إش 13 : 12 . أيضا يشير ذلك إلى قلة الأيدى العاملة بسبب الحرب مع عودة المسبيين وتحرر الأمم من السلطان البابلى .

ح – فقدان القيادة والرعاية : " ويكونون كظبى طريد وكغنم بلا من يجمعها ،يلتفتون كل واحد إلى شعبه ، ويهربون كل واحد إلى أرضه " إش 13 : 14 . يقد هنا أنه يوم انكسار بابل يفقد الجيش القيادة فيهرب الجنود المأجورون أو المسخرون من الأمم كل إلى بلده .

هذه هى حال النفس البعيدة عن الله فإنها تفقد قيادتها الداخلية ، ليعيش الإنسان كطريد أو كغنم بلا راع يجمعها .. يحمل فى داخله صراعات مرة وتشتيت فكر مع تحطيم للطاقات الداخلية .

ط – بطش بالكل دون تمييز بين عسكرى أو مدنى ، رجل أو إمرأة أو طفل ( إش 13 : 15 ) . إن الماديين لا يحطمونها لأقتناء غنى ( إش 13 : 17 ) ، وتحطيم طاقات بابل ( إش 13 : 18 ) ،إنهم يخربون كل مواردها فتصير كسدوم وعمورة اللتين احترقتا بنار من السماء .

ى – تصير بابل قفرا أبديا ، لا يسكنها إعرابى يرعى غنمه ولا يربض فيها رعاة خوفا من الحيوانات المفترسة ( إش 13 : 20 ، 21 ) .

إنها صورة للنفس التى تستسلم لعدو الخير فيستخدمها لحساب ملكوت الظلمة ، يملأها شرا ويحولها إلى معمل للفساد :

" تربض هناك وحوش القفر " إش 13 : 21 ..

" يملأ البوم بيوتهم " إش 13 : 21 ..

" تسكن هناك بنات النعام .. ترقص هناك معز الوحش " إش 13 : 21 ، أى تسكن النجاسة ، بدلا من الفرح السماوى .. وهناك ترقص وتلهو الشياطين فى النفس الشريرة إذ تجد فيها موضعا لها .

" وتصيح بنات آوى فى قصورهم والذئاب فى هياكل التنعم " إش 13 : 22 .. أى تتحول القصور والهياكل من أماكن للتنعم إلى مأوى للحيوانات الشرسة .

هذا كله حل ببابل " بهاء الممالك وزينة فخر الكلدانيين "إش 13 : 19 ، المدينة الذهبية ( إش 14 : 4 ) ، الغنية فى كنوزها ( إر 51 : 13 ) ، فخر كل الأرض ( إر 51 : 41 ) ..




تحققت هذه النبوات بطريقة حرفية :



يذكر التاريخ أن كورش هدم جزءا كبيرا من أسوار بابل وأبنيتها ، وبعد 20 عاما قام داريوس بهدم بقية الأسوار ونزع أبوابها النحاسية مع صلب ثلاثة آلاف من عظمائها .

بالفعل تحولت بابل إلى خراب ، وقد حاول اسكندر الأكبر أن يعيد مجدها لكنه مات قبل تنفيذ مشروعاته . استخدمت حجارتها فى بناء بغداد وإصلاح الترع وإقامة الكثير من المرافق العامة .

أخيرا فقد أكد النبى أن ما يقوله يتحقق سريعا : " ووقتها قريب المجىء وأيامها لا تطول " إش 33 : 22 . فقد بدأ نجم بابل يتألق عام 606 ق . م . وسقطت فى يد فارس ومادى عام 536 ق . م . ، بينما جاءت النبوة فى القرن الثامن ق . م .

لقد بقيت بابل رمزا لكل نفس متكبرة عاصية كما جاء فى سفر الرؤيا ، وقد قيل : " إنه فى ساعة واحدة جاءت دينونتك " رؤ 18 : 10 .
  رد مع اقتباس