عرض مشاركة واحدة
قديم 08 - 10 - 2012, 08:52 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Marina Greiss Female
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Marina Greiss

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 14
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : USA
المشاركـــــــات : 20,933

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Marina Greiss غير متواجد حالياً

افتراضي رد: موضوع متكامل لتفسير سفر اشعياء النبى كتابيا

إشعياء – الإصحاح الثالث




مجاعة مهلكة



خلق الله العالم بكل إمكانياته المدركة وغير المدركة من أجل سلام الإنسان وسعادته ، حتى يفرح كل بشر بالله محبوبه . متكئا عليه ، مشتاقا أن ينعم بشركة حب أعمق . أما وقد انشغل الإنسان بالعطية لا العاطى استند على " كل سند خبز وكل سند ماء " إش 3 : 1 . صار الإنسان يفتخر بغناه وقدراته وكثرة خبراته وجماله عوض افتخاره بالرب واتكاله عليه . لهذا ينتزع الله العطايا ويحرم الإنسان من البركات الزمنية ، لا للأنتقام منه ولا لإذلاله أو حرمانه وإنما لكى يرجع بقلبه إلى الله مصدر حياته وشبعه وسلامه وفرحه ومجده فينال فى هذا العالم أضعافا وفى العالم الآتى حياة أبدية ؛ ينال الله نفسه نصيبا له وميراثا !

هنا يهدد النبى بحدوث مجاعة وحرمان وتحطيم للإثنى عشر عمودا التى تتكىء عليها الجماعة [ للخبز والماء ، الجبابرة ( القادرين ) ورجال الحرب ، القضاة ، الأنبياء ، العرافين ،الشيوخ ، رؤساء الخمسين ، المعتبرين ، المشيرين ، الماهرين بين الصناع ، الحاذقين بالرقى ] .

لقد انتزع الرب الموارد الطبيعية خلال المجاعة والطاقات البشرية خلال السبى حتى يرجعوا إليه .




( 1 ) انتزاع سند الخبز وسند الماء


" فإنه هوذا السيد رب الجنود ينزع من أورشليم ومن يهوذا السند والركن وكل سند خبز وكل سند ماء " إش 3 : 1 .

حين يسمح الله لأورشليم ولبنى يهوذا ، شعبه العروس ، أن تصير فى عور إلى الخبز والماء إنما يحطم السند والركن لعلها تعود فتفكر فى الإتكاء على حبيبها ( نش 8 : 5 ) لتجد فيه شبعها وارتواءها .

+ ما هو أخطر ، حدوث جوع لكلمة الله كما جاء فى عاموس النبى : " هوذا أيام تأتى يقول السيد الرب أرسل جوعا فى الأرض لا جوعا للخبز ولا عطشا للماء بل لإستماع كلمات الرب " ( عا 8 : 11 ) .




( 2 ) انتزاع القيادات الناضجة :


انتزع الله منهم القيادات الناضجة الحكيمة ليتركهم يقيموا لأنفسهم قيادات ضعيفة وعاجزة ، فيدركوا حاجتهم إلى العون الإلهى حتى فى التمتع بقيادات حية وقوية .

" ( ينزع ) الجبار ( القدير ) ورجل الحرب ؛ القاضى والنبى والعراف ( المتدبر ) والشيخ ، رئيس الخمسين والمعتبر والمشير والماهر بين الصناع والحاذق بالرقية ( الحاذق فى الخطابة ) " إش 3 : 2 ، 3 .

ربما قصد تجريدهم مما وهبهم من قدرات وإمكانيات ، فيضعف الجبابرة وينهار رجال الحرب أمام العدو ويفقد القضاة الحكمة ......الخ .


والآن ماذا يحدث ؟



أ – " وأجعل صبيانا رؤساء لهم وأطفالا تتسلط عليهم " إش 3 : 4

حين ملك رحبعام بن سليمان قبل مشورة الأحداث المتسرعة العنيفة والمتطرفة ورفض مشورة الشيوخ الحكيمة المتزنة والمملوءة حبا وترفقا ( 1 مل 12 ) ، فانقسم الشعب وحلت الحروب الداخلية بين الأسباط ، وسادت العداوة بدل الحب والوحدة .

الله محب للشباب ، يسندهم ويطلب نموهم المستمر ، لكن ما عناه هنا بالصبيان والأطفال هو عدم النضوج الروحى والفكرى .

لقد كان يوحنا المعمدان جنينا ناضجا روحيا . شهد للسيد المسيح وهو بعد فى أحشاء البتول مريم ، بينما كان كثير من الكتبة والفريسيين والصدوقيين والكهنة ناضجين من جهة السن دون الروح .



ب – " ويظلم الشعب بعضهم بعضا والرجل صاحبه ، يتمرد الصبى على الشيخ والدنىء على الشريف " إش 3 : 5 .

علامة فقدان القيادات السليمة الناضجة اختلال الموازين فيسود قانون الظلم ويحل روح الفوضى فى حياة الجماعة كما فى داخل الإنسان . إذ لا توجد قيادة صادقة ومخلصة يطلب كل إنسان ما لذاته على حساب الغير ، ويحسب كل واحد أنه أحكم وأفضل من غيره .

أقول حينما يفقد الإنسان قيادة الروح القدس يحل فى داخله قانون الأنانية والظلم والتمرد ، فيدخل فى صراعات بلا حصر بين النفس والجسد وبين العقل والعاطفة والحواس .

ج – الدخول فى حالة يأس شديد ، حتى أن كل إنسان لا يريد أن يتحمل المسئولية ، فيمسك كل إنسان بأخيه ويقول له : " لك ثوب " علامة قبوله رئيسا ، .. يقول كل واحد : " لا تجعلونى رئيس شعب " إش 3 : 7 ، معللا ذلك بقوله :

" لا أكون عاصبا ( اضمد الجراحات ) وفى بيتى لا خبز ولا ثوب " إش 3 : 7 .

يقول المرتل : " لا تتكلوا على الرؤساء ولا على بنى آدم حيث لا خلاص عنده " مز 146 : 3 .

د – فقدان الحياة ومخافة الله : " يخبرون بخطيتهم كسدوم ، ولا يخفونها " إش 3 : 9 .

بلغت الخطورة أن أورشليم انحدرت فى عثرات متكررة لا عن ضعف أو جهل وإنما عن عمد لإغاظة الرب ( إش 3 : 9 ) .

ترتكب الشرور بالقول والفعل بلا خجل أو حياء . هذه هى صورة العالم فى العصر الحديث إذ يشعر كثير من الشباب أن ما يمارسه من انحرافات فى كل صورها هو حق طبيعى للإنسان .

يقول : " نظر وجوههم يشد عليهم " إش 3 : 9 .

يقول الكتاب : " أولاد الله ظاهرون وأولاد إبليس " 1 يو 3 : 10 .

إن كان الأشرار ظاهرين وقد صاروا أغلبية لكنه توجد قلة مقدسة للرب ، لن يتجاهلها الله ، لذا يقول النبى : " قولوا للصديق خير ، لأنهم يأكلون ثمر أفعالهم " إش 3 : 10 . فى وسط الضيق الشديد يحفظ الرب صديقيه ، ويحول كل الأمور حولهم إلى خيرهم !

لقد ظنوا أنهم يصنعون بالبار شرا لكنهم كانوا يصنعون ذلك لأنفسهم فيجنون ثمر عملهم لا كعقوبة إلهية للإنتقام وإنما كثمر طبيعى لتصرفاتهم وحياتهم : " ويل للشرير شر . لأن مجازاة يديه تعمل به " إش 3 : 11 .

" ما يزرعه الإنسان إياه يحصد " 2 كو 9 : 6 .



هـ - حب السلطة لا رعاية الحب :



الرؤساء الحقيقيون أشبه بآباء يحتضنون الكل أبناء لهم ، يقدمون حياتهم مبذولة من أجل الشعب ، لكن متى انتزعت نعمة الله يتحول الرؤساء – حتى الدينيون – إلى متسلطين ، لا هم لهم سوى الدفاع عن مراكزهم وسلطانهم بتبريرات متنوعة تحت ستار الدفاع عن الحق وهيبة المراكز القيادية والقدرة على بتر الشر . هؤلاء يتحولون من آباء باذلين إلى أطفال صغار تسيطر عليهم " الأنا " ، أو إلى ما هو أشبه بنساء ( رمز للضعف الجسمانى ) يطلبون السيطرة ، إذ يقول : " شعبى ظالموه أولاد ، ونساء يتسلطن عليه . يا شعبى مرشدوك مضلون ويبلعون طريق مسالكك " إش 3 : 12 .

يرى بعض الدارسين أن هذا تحقق حرفيا إذ تسلم بعض الصبيان الملك فى يهوذا وقامت بعض النساء بأدوار خطيرة فى تدبير الأمور .

وسط هذا الفساد خاصة من جانب القيادات يتدخل الله من أجل البسطاء فى شعبه ، فينتصب لمحاكمتهم بكونهم الكرامين الذين آكلوا الكرم عوض الأهتمام به ، موبخا إياهم : " يسحقون الشعب ويطحنون وجوه البائسين " ( إش 3 : 15 ) .




( 3 ) انتزاع إمكانيات الترف مع التشامخ :


بعد الحديث عن محاكمة القيادات الفاسدة بدأ الحديث عن بنات صهيون المتشامخات ، لعلهن كن وراء فساد هذه القيادات . فقد نسيت بنات صهيون انتسابهن لصهيون وللرب وسلكن كالوثنيات فى عجرفة مع ترف ولهو .


يقدم لنا النبى بعض ملامح الخلاعة التى اتسمت بها بنات صهيون :



أ – التشامخ : " وقال الرب من أجل أن بنات صهيون يتشامخن ويمشين ممدودات الأعناق .. " إش 3 : 16 . لقد نسين آباءهن وأمهاتهن الذين انحنت أعناقهم تحت نير العبودية فى مصر ،

" قبل الكسر الكبرياء ، وقبل السقوط تشامخ الروح ، تواضع الروح مع الودعاء خير من قسم الغنيمة مع المتكبرين " أم 16 : 18 ، 19 .

ب – الغمز بالعيون ( إش 3 : 16 ) : انشغلن باصطياد قلوب الرجال وأسرها كثمرة طبيعية لفراغ القلب الداخلى ... يقول الحكيم : " فوجدت أمر من الموت المرأة التى هى شباك وقلبها أشراك ويداها قيود ، الصالح قدام الله ينجو منها " جا 7 : 26 .

جـ - الخلاعة فى المشى : " خاطرات فى مشيهن ، يخشخشن بأرجلهن " إش 3 : 16 . دلالة على فساد القلب .




ماذا يفعل الرب بهؤلاء البنات المتعجرفات السالكات فى لهو وترف ؟



أ – " يصلع الرب هامة بنات صهيون ويعرى الرب عورتهن " إش 3 : 17 .. الصلع علامة القبح الشديد ، وتعرية العورة كناية عن كشف فساد طبيعتها ، أو إشارة إلى عريها ، هذه هى حالة النفس البشرية الساقطة بالكبرياء ، إذ تفقد عطايا الله لها ، وينفضح فساد طبيعتها فتصير بلا جمال ولا قوة ولا كرامة .

ب – انتزاع كل مظاهر الغنى والزينة من خلالخيل وضفائر وأهلة وحلقان وأسوار ...

يسمح الله بهذا التأديب لبنات صهيون لكى تجد فى المخلص سر زينتها ومجدها .

هنا يشير إلى ما يحل ببنات صهيون خلال السبى ، إذ يقول : " فيكون عوض الطيب عفونة " إش 3 : 24 ، هذا ما حدث عندما سبين وصارت رائحتهن كريهة بسبب العرق من جراء العمل فى السبى .

" عوض المنطقة حبل " إش 3 : 24 . بعد أن كانت بنات صهيون يتمنطقن بمناطق ذهبية مزخرفة ومرصعة بحجارة كريمة ربطن بالحبال لسحبهن إلى السبى كمذلولات . صورة مؤلمة تكشف عن ثمر الخطية !

" وعوض الجدائل قرعة ، عوض الديباج زنار المسح ، وعوض الجمال كى " إش 3 : 24 .. هكذا قص شهر الشريفات ، وملابس المسوح عوض الثياب الفاخرة وظهر الكى على جباههن علامة العبودية .. إذ كان العبيد من الجنسين يختمون بختم معين بالكى ليعرف السيد من هم له .

فى اختصار عبر عن تحطيم حياتهن تماما لإتكالهن على المظاهر الخارجية وعلى الذراع البشرى ، لذا يقول : " رجالك يسقطون بالسيف ، وأبطالك فى الحرب ، فتئن وتنوح أبوابها وهى فارغة تجلس على الأرض " إش 3 : 25 ، 26 . مات الرجال وسبيت النساء وصارت المدينة العظيمة كما فى فراغ ! .
  رد مع اقتباس