08 - 10 - 2012, 08:50 PM
|
رقم المشاركة : ( 3 )
|
..::| VIP |::..
|
رد: موضوع متكامل لتفسير سفر اشعياء النبى كتابيا
علام تضربون بعد ؟!
تزدادون زيغانا ، كل الرأس مريض وكل القلب سقيم ؛ من أسفل القدم إلى الرأس ، ليس فيه صحة بل جرح وإحباط ، وضربة طرية لم تعصر ولم تلين بالزيت " إش 1 : 5 ، 6 .
يعلن الله أن هذا الشعب قد رفض النبوة لله لذا لم يعد مستحقا أن يكون موضع اهتمام الله وتأديبه . فقد سبق فأدبهم كأبناء له لكنهم ازدادوا زيغانا ، لذا يود أن يوقف التأديبات الأبوية تاركا إياهم لنوال ثمر فسادهم الطبيعى .
" بلادكم خربة ، مدنكم محرقة بالنار ، أرضكم تأكلها غرباء قدامكم وهى خربة كانقلاب الغرباء ، فبقيت إبنة صهيون كمظلة فى كرم ، كخيمة فى مقثأة ، كمدينة محاصرة " إش 1 : 7 ، 8 .
يتحدث النبى هنا عما سيحل بيهوذا بعد غزو سنحاريب الأشورى حاسبا ما سيحل بهم فى المستقبل كأنه حاضر ، لأنه أمر حادث لا محالة .
هذا الخراب الذى حل هو علامة على ما أرتكبه يهوذا من آثام ، وحتمية طبيعية لتركهم الله مقدسهم وارتدادهم عنه ، وعدم طاعتهم لصوته .
هكذا كل نفس لا تلتصق بالله مقدسها يحل الخراب بكل مدنها : الجسد والنفس والفكر والقلب مع كل الأحاسيس والمشاعر الخ ....
وسط هذا الخراب المطبق يجد الله بقية قليلة أمينة تشهد له ، بسببها لم يحطم شعبه الذى فسد ، إذ قيل :
" لولا أن رب الجنود أبقى لنا بقية صغيرة لصرنا مثل سدوم وشابهنا عمورة " إش 1 : 9 .
لا يهتم الله بكثرة العدد وإنما بالبقية القليلة التى تتقدس له وسط الفساد الذى يحل بالكثيرين .
__________________
( 5 ) استدعاء القضاة :
" اسمعوا كلام الرب ياقضاة سدوم ، اصغوا إلى شريعة إلهنا يا شعب عمورة " إش 1 : 10 . فى شجاعة بلا خوف ولا مداهنة يدعو إشعياء قضاة الشعب " قضاة سدوم " ويلقب الشعب نفسه " شعب عمورة " ، وذلك من أجل الظلم والفساد الذى أتسم به كل الرؤساء والمرؤوسين .
لا نجد فى كل السفر موقفا واحدا يشعر فيه النبى بالخوف أو الضعف سوى عند رؤيته للسيد المسيح فى مجده ( إش 6 ) ، إذ يخشى إشعياء الله لا الناس .
يرى أن العلاج الوحيد للقضاة كما للشعب هو كلمة الرب وشريعته .
( 6 ) الإتهام : العبادة الشكلية :
الإتهام الموجه إليهم هنا خطير للغاية ؛ فإنه لم ينسب إليهم الإلحاد ولا ممارسة العبادة الوثنية إنما ينسب إليهم الرياء ، يمارسون العبادة لله بدقة شديدة مع حرفية قاتلة ، يقدمون الكثير من الذبائح والتقدمات ويحفظون الأعياد أما قلوبهم فبعيدة عن الله ، وحياتهم فاسدة .
كما قيل لملاك كنيسة اللاودكيين :
" لأنك تقول أنى أنا غنى وقد استغنيت ولا حاجة لى إلى شىء ولست تعلم أنك أنت الشقى والبائس وفقير وأعمى وعريان " رؤ 3 : 17 .
هذا الإتهام اثار آباء الكنيسة للكشف عن غاية العبادة فى حياة الكنيسة سواء فى العهد الجديد أو القديم والإلتزام بعد الإنحراف عن هذه الغاية الإلهية .
يقول : " من طلب هذا من أيديكم أن تدوسوا دورى ؟! إش 1 : 12 . فقد أكثروا الدخول فى الهيكل ليقدموا ذبائح بلا حصر ، فرآهم الله – فى عدم توبتهم – أشبه بالحيوانات التى تدوس بيته وتدنسه ! تحول تقديم الذبائح عن المصالحة مع الله إلى صب غضب الله .
جاءوا بتقدمات كالبخور الذى يرمز إلى الصلاة ، لكنهم إذ أعطوا الرب القفا لا الوجه ( إر 2 : 27 ) صار بخورهم مكرهة للرب ، لأنه حمل رائحة ريائهم وعدم توبتهم .
( 7 ) دعوة للتوبة :
فضحهم الله أمام أنفسهم مظهرا بشاعة الفساد الذى حل بهم دون أن يحطمهم باليأس أو يجرح نفوسهم إنما بالحب الأبوى السماوى قدم لهم العلاج ليستر عليهم ويردهم إلى طبيعتهم الصالحة التى خلقهم عليها . هذا العلاج هو التوبة النابعة عن الإيمان والممتزجة بالحب ،
أما خطواتها فهى :
( أ ) الأغتسال :
بقوله " اغتسلوا .. تنقوا " إش 1 : 16 لا يقصد التطهيرات الناموسية ، لأنه فى اتهامه لهم يطلب ألا يقفوا عند الشكل الخارجى للعبادة ، إنما عنى اغتسال المعمودية الذى فيه نخلع الإنسان العتيق لنحمل فينا الإنسان الجديد الذى على صورة خالقنا .
هذا ما عناه الرب بقوله للنفس البشرية " حممتك بالماء " حز 16 : 9 ، إذ جاء فى نفس السفر " وأرش عليكم ماء طاهرا فتطهرون من كل نجاساتكم ...... " حز 36 : 25 ، 26 .
( ب ) " اعزلوا شر أفعالكم من أمام عينى الرب .. كفوا عن فعل الشر " إش 1 : 16 . إذ ينال الإنسان النقاوة التى بها يعاين الله يقدر أن يميز أعمال الشر عن العمل الإلهى ، فيرفض كل ما هو شر ، حتى لا يعرج بين الطريقين : الله والخطية .
( ج ) " تعلموا فعل الخير " إش 1 : 17 .. لا يكفى الجانب السلبى ، أى نزع كل ما هو شر والكف عنه دائما وإنما هنا يوجد التزام بالعمل الإيجابى ، نحمل سمة المسيح الذى هو " الحق " فينا . لهذا يوصينا " اطلبوا الحق ، انصفوا المظلوم ، اقضوا لليتيم ، حاموا عن الأرملة " . هذه هى التوبة الإيجابية التى خلالها نرجع إلى الله لا لنكف عن الشر واظلم فحسب وإنما لنمد أيدينا بالحب العملى والرحمة ، خاصة تجاه العاجزين والأرامل .
( د ) الحب العملى تجاه المتألمين ، تجعل الله يفتح مراحمه أمامنا نحن الخطاة ، قائلا :
" هلم نتحاجج يقول الرب : إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج ، وإن كانت كالدودى تصير كالصوف " إش 1 : 18 .
هذه دعوة صريحة تعلن عن شوق الله نحو خلاص كل إنسان يقبل الشركة مع القدوس خلال الصليب .
الله يطلب من الإنسان أن يدخل معه فى حوار .. ليته لا ييأس أحد من نفسه حتى وإن بلغ أقصى الشر ، حتى وإن عبر إلى التعود على صنع الشر ، حتى وإن حمل طبيعة الشر نفسها لا يخف .. عظيمة هى قوة التوبة .
|
|
|
|