08 - 10 - 2012, 06:43 PM
|
رقم المشاركة : ( 6 )
|
..::| VIP |::..
|
رد: موضوع متكامل لتفسير سفر الرؤيا كتابيا
3. إلى ملاك كنيسة برغامس
1. من هو؟
"واكتب إلى ملاك الكنيسة التي في برغامس". قيل أنه كريوس الذي ذكره يوسابيوس المؤرخ، وقد كان قويًا في الإيمان، وختم حياته بالاستشهاد.
2. صفات الرب
"هذا يقوله الذي له السيف الماضي ذو الحدين" [12].
إذ تركت الكنيسة بابها للغرباء وامتلأت بالعثرات في داخلها، يظهر الرب كديّان غيور يعزل بسيف حاد من هم له ومن هم غرباء حتى وإن دعوا أنفسهم مسيحيين.
إنه رب الكنيسة يبعث بكلمته كسيف ماض يعزل ما هو حق مما هو باطل، يبتر ما هو من الشيطان ويقطعه، وهذه هي فاعلية كلمة الله دائمًا!
3. حال الكنيسة
"أنا عارف أعمالك وأين تسكن حيث كرسي الشيطان،
وأنت متمسك باسمي ولم تنكر إيماني
حتى في الأيام التي فيها كان أنتيباس شهيدي الأمين،
الذي قٌتل عندكم، حيث كرسي الشيطان يسكن" [13.]
يعرف الرب الظروف القاسية التي تجتازها هذه الكنيسة،إذ توجد حيث يقيم "الروح الشيطاني"، لهذا فإن الرعاية فيها صعبة ومؤلمة.
لكن أذكروا أن عندكم "أنتيباس الشهيد الأمين"،شاهدًا أنه يمكن للمؤمن أن يثبت إلى الموت من أجل الإيمان مهما تكن الظروف. قد حدثنا المؤرخ أندريا عن هذا الشهيد كشخصٍ معروف لديه وأنه استشهد حرقًا، وقد عرض عليه أن ينقذوه فأبى.
إذن في وسط الظروف القاسية يوجد من بينكم شهداء أشهد لهم عن أمانتهم.
"لكن عندي عليك قليل.
أن عندك هناك قومًا متمسكين بتعليم بلعام
الذي كان يعلم بالاق أن يلقي معثرة أمام بني إسرائيل
أن يأكلوا ما ذبح للأوثان ويزنوا.
هكذا عندك أنت أيضًا قوم متمسكون بتعاليم النيقولاويين الذي أبغضه" [14-15].
كعادته يوبخ بحزم، لكن في لطف "عندي عليك قليل". أما تعليم النيقولاويين فقد سبق التعرض له. غير أنه في هذه الكنيسة بدأت جماعة تتقبل هذه التعاليم الغريبة دون أن تبلغ إلى تنفيذ المبادئ، وهؤلاء يعثرون الكنيسة كما أعثر بالاق الشعب قديمًا (عد 25: 1، 2، 3؛ 31: 16).
وهنا نلاحظ الآتي:
أ. يبدأ بالتوبيخ على أكل ما ذبح للأوثان قبل الزنا [14]. لأنه كما يقول لنا الآباء أن خطية النهم يتبعها حتمًا سقوط في الزنا.
ب. عندما يؤدب كنيسته على تعاليم النيقولاويين يكفيه أن يقول لها إن القوم متمسكون بما يبغضه. وهذا يكفي دون حاجة إلى مجادلة أو مباحثة لأنه يلزم ألا يتمسك بما يبغضه ولا تتراخى عما يحبه.
ج. يوبِّخ الرب الراعي بسبب القلة المنّحرفة، وكما يقول القديس أغسطينوس: [إننا (كأساقفة) نوبَّخ بسبب جرائم الأشرار، وليس بسبب جرائمنا، بالرغم من أن بعضًا منهم لا يعرفوننا.]
4. العلاج والمكافأة
"فتب وإلاّ فإني آتيك سريعًا وأحاربهم بسيف فمي.
من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس.
من يغلب فسأعطيه أن يأكل من المنّ المخفي،
وأعطيه حصاة بيضاء،
وعلى الحصاة اسم جديد مكتوب لا يعرفه أحد غير الذي يأخذ" [16-17].
يلتزم الأسقف أن يتوب سريعًا من أجل خطايا هؤلاء القلة وانحرافهم، لأنهم أولاده وهو مسئول عنهم أمام الله. أما مكافأة الغلبة على هذه العثرات فهي أكل المنّ المخفي!
يا للعجب أن الله يقدم لنا جسده ودمه الأقدسين، المنّ السماوي (يو 6: 49-51)، لنتناوله عربونًا. إنه يمتعنا ونحن على الأرض بغذاء الغالبين السماوي.
يا لها من مكافأة عظيمة ينالها الكاهن والشعب عندما يتقدمون بعد جهاد طويل وأتعاب في الحياة ومثابرة في العبادة لينعموا بجسد الرب السرائري، وكأس الخلاص، في وحدة الحب للشركة والثبوت في الله!
وفي نفس الوقت بتناول هذا المنّ تبتهج النفس فتعوف كل تعليم غريب يقدم لذات أرضيّة وإباحيات كتعليم النيقولاويين. لهذا تحرص الكنيسة أن تغذي أولادها منذ طفولتهم بالمنّ المخفي كمكافأة لهم وكدواء.
هذا عن المنّ المخفي. أما الحصاة البيضاء فكما يقول القديس إيرونيموس إنها جوهرة تضيء ليلاً كضياء النهار، وهو بهذا يشير إلى الكلمة المتجسد. هذا هو مكافأتنا لا نقبل عنها بديلاً.
ويرى ابن العسال أن الحصاة أو الفص الأبيض يشير إلى الملكوت المكتوب عليه بلغة روحيّة جديدة لا يعرفها إلا أبناء الملكوت. ويرى البعض أنها الحصاة البيضاء التي كان يستخدمها القضاة الرومان واليونان لإعلان براءة المتهم. وظن البعض أنها أحد الحجارة الكريمة الموضوعة على صدر الحبر الأعظم .
أما الاسم الجديد فلا يعرفه إلا الذي يأخذ، لأن الفرح الداخلي السماوي "لا يشاركه غريب" ، ولا يدركه إلاّ من يحيا فيه ويتذوقه.
إذن المنّ المخفي والحصاة البيضاء والاسم الجديد هي إعلانات عن تمتع الغالب بالرب يسوع خبزنا السري وغنانا وفرحنا الذي فيه يستريح قلبنا.
ويرى الأسقف فيكتوريانوس أن: [المنّ المخفي هو الخلود، والحصاة البيضاء هي التبني لله، والاسم الجديد المكتوب على الحصاة هو "مسيحي".]
|
|
|
|