08 - 10 - 2012, 06:38 PM
|
رقم المشاركة : ( 8 )
|
..::| VIP |::..
|
رد: موضوع متكامل لتفسير سفر الرؤيا كتابيا
. السلام الرسولي للكنائس
"يوحنا إلى السبع الكنائس التي في آسيا.
نعمة لكم وسلام من الكائن والذي كان والذي يأتي".
يهدي الرسول السلام الإلهي إلى الكنائس السبع التي سيرِد الحديث عنها، ويتضمن سلامة "النعمة" التي هي أساس السلام الحقيقي، وهي موضوع كرازتنا وفرحنا.
وكشف لنا العلامة ترتليان سرّ منح النعمة الرسولية قبل السلام بقوله إنه كانت العادة القديمة بين الشعب أن يفتتحوا ملاقاتهم بالسلام، وقد استخدم السيد المسيح نفس الأمر مع تلاميذه، لكن بعد صعوده أضافوا عليها "النعمة" وقدموها عن "السلام" إذ هي موضوع كرازتهم التي ينالونها بالسيد المسيح.
ويهتم الرسول بوصف الرب ب "الكائن والذي كان والذي يأتي" في أكثر من موضوع في هذا السفر ليؤكد أن واهب النعمة وينبوعها هو الرب الحال في الكنيسة التي رعاها ويرعاها ويبقى راعيًا لها، عمل ويعمل وسيعمل من أجلها.
يقول الأسقف فيكتورينوس: [هو "كائن" لأنه يحتمل لأجلنا على الدوام، و"الذي كان" أيّ أنه مع الآب خلق كل شيء، كما أخذ له بداية (بالجسد) من العذراء. و"الذي يأتي" لأنه سيأتي حتمًا للدينونة.]
"ومن السبعة الأرواح التي أمام عرشه" [4].
اختلفت الآراء في تفسير حقيقة السبعة أرواح التي أمام عرشه:
الرأي الأول: أنهم السبعة الملائكة المخصصون لخدمة الكنائس السبع المذكورين في سفر الرؤيا، إذ هم أرواح خادمة للعتيدين أن يرثوا الخلاص. ويشهد الكتاب المقدس وكتابات الآباء عن إرسال الله ملائكته لكل إنسان ليقوموا بخدمته وحراسته. ويرى ابن العسال أن "السبعة الأرواح" هم السبع طغمات الملائكية، أيّ الرؤساء والسلاطين والربوبيات والقوات ورؤساء الملائكة والملائكة.
ويرى القديسان إكليمنضس الإسكندري والشهيد كبريانوس أنهم السبعة رؤساء الملائكة كما يظهر من قول رافائيل عن نفسه إنه أحد الملائكة السبعة الواقفين أمام الله (طو 12: 15).
أما عن سبب تقديمهم على شخص الرب يسوع الشاهد الأمين فذلك لاستطالة الحديث عنه بعد ذلك.
الرأي الثاني: أنه وصف الروح القدس الذي يعمل في الكنيسة خلال مواهبه الكاملة في الأسرار السبعة.
"ومن يسوع المسيح الشاهد الأمين" [5].
في هذه الافتتاحية يلقب الرسول شخص ربنا يسوع بألقاب تهييء روح القارئ للتلامس مع غاية هذا السفر، فيلقبه:
1. الشاهد الأمين: يدور السفر كله حول شهادتنا لربنا على الأرض ليشهد لنا الرب أمام أبيه وملائكته. وكيف نكون شهودًا أمناء؟ بالرب يسوع "الشاهد الأمين"، إذ يقول عن نفسه "لهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق" (يو 18: 37). هذه الشهادة لم تقف عند حد الكلام بل قدم شهادة عملية باذلة أوضحها بالتجسد، ونقشها على الصليب، وأكدها بموته وأعلنها بقيامته!
يقول الأسقف فيكتوريينوس: [لقد قدم شهادة في العالم بأخذه ناسوتًا حتى تألم فيه أيضًا، محررًا إيانا من الخطية بدمه، منتصرًا على الهاوية، قائمًا من الموت بكرًا، لا يسود عليه الموت بعد (رو 6: 9) بل بملكه هدم مملكة العالم.]
2. البكر من الأموات: ما يؤكده لنا هذا السفر هو أن الرب بكرنا، وكما قام الرأس هكذا تقوم معه وبه كل الأعضاء، "المسيح باكورة ثم الذين في المسيح" (1 كو 15: 23).
يقول البابا أثناسيوس الرسولي: [لم يُدعَ هكذا لأنه مات قبلنا بل لأنه كابد عنا الموت وأبطله... فإذ هو قد قام نستمد قيامتنا منه، وبسببه نقوم حتمًا من الأموات.]
وكما يقول ذهبيّ الفم إن الرب بكرنا لأنه قدم ذاته ذبيحة مقبولة بلا عيب، تسلمها الآب برضا، فصارت البشرية مقبولة فيه ومقدسة فيه.
فخلال البكر نرث في "كنيسة الأبكار"، ونتمتع بالمجد السماوي الموصوف في الرؤيا.
3. "الذي أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه. وجعلنا ملوكًا وكهنة لله أبيه له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين. آمين" [5-6].
وهنا نستطيع بكل جرأة أن نقول إننا إذ لبسنا "ربنا يسوع" صرنا منتسبين لملك الملوك ورب الأرباب رئيس الكهنة الأعظم، وبهذا "جعلنا ملوكًا وكهنة". فنحن ضعفاء بذواتنا جدًا لكننا به أقوياء للغاية. نحن كلا شيء نخور أمام أقل الخطايا، وبه ندوس على الحيات والعقارب وكل قوات العدو.لا مطروحين في ضعف أمامه، لكننا بسلطان روحي نترجى ونفرح. ليس لنا ما نقدمه، لكننا به نرفع تقدمات روحية مقبولة أمام الله.
لقد صرنا "ملوكًا وكهنة" بمعنى روحي فلا نخلط بين السلطان العام الموهوب للمسيحي، وبين الذين عينوا من قبل الله أو بسماح منه ملوكًا ورؤساء. نخضع لهم ونقدم لهم الكرامة التي تليق بهم كما أوصانا الكتاب. ويجدر بنا ألاّ نخلط بين الذين تقدسوا وتكرسوا مفروزين للخدمة والكرازة بسرّ الكهنوت وبين الكهنوت العام الذي يسميه القديس إيرونيموس (الكهنوت العلماني Laic Priesthood) الذي يناله المؤمن بسر المعموديّة.
|
|
|
|