08 - 10 - 2012, 06:15 PM
|
رقم المشاركة : ( 6 )
|
..::| VIP |::..
|
رد: تفسير انجيل مرقس لمثلث الرحمات البابا شنودة
المسيح المعلم
+ ذكر مارمرقس أنه كلما كان الناس يجتمعون حول المسيح كعادته " كان يعلمهم " ( 1 : 22 ) . ومع أن إنجيل مارمرقس لم يورد الكثير من تعاليم المسيح مهتماً بأعماله ن إلا أنه سجل عظمته كمعلم له تأثير عجيب علي الناس . ذكر أنه كان " يكرز ببشارة الملكوت " ( 1 : 14 ) وأنه كان يعلم الناس في المجامع " فبهتوا من تعليمه ، لأنه كان يعلمهم بسلطان وليس كاكتبة " ( 1 : 22 ) . وفي مرة أخري إذ علمهم " بهتوا قائلين : من أين لهذا هذه ؟ وما هذه الحكمة التي أعطيت له " ( 6 : 2 ) ، " وكان الجمع الكثير يسمعه بسرور " ( 12 : 37 ) " وبهت الجميع كله من تعليمه " ( 11 : 18 ) . وكان الجميع يدعونه " المعلم " ، وفد دعي بهذا اللقب 12 مرة في إنجيل مرقس : ليس فقط من تلاميذه ( 9: 38 ، 10 : 35 ، 13 : 1 ، 14 : 14 ) وإنما حتي من أعدائه الفريسيين والهيرودسيين والصدوقيين والكتبة ( 12 : 14 ، 19 ، 32 ) وأيضاً من أفراد الشعب ( 5 : 35 ، 9 : 17 ، 10 : 17 ، 20 ) وهو نفسه لقب نفسه هكذا ( 14 : 14 ) .
المسيح الملك
قدمه مارمرقس كملك ، ولكن صاحب مملكة روحية ، يكرز ببشارة ملكوت الله . وظهر في إنجيله الفرق الكبير بين هيرودس الملك ، الذي يجمع حوله العظماء والقواد في لهو ورقص ، والمسيح الملك الذي يجمع حوله الشعب يعلمهم طريق الله ويشفي مرضاهم ويشبع جوعهم ( 6 : 1 - 29 ) .
صراع بين الحق والباطل
+ بعد كل هذه المقدمات ، سجل مارمرقس كيف أن خدمة المسيح أثارت عليه حسد قادة اليهود ، فحاربوه ولما لم يقدروا عليه في قوة إقناعه وفي إخجالهم أمام الناس ، قتلوه أخيراً ... إنه لم يبدأ بالإحتكاك ، بل كان يعمل عمله في هدوء بعيداً عنهم ، ولكنهم بدأوا بالعدوان ، وإحتكوا به ... فرح الشعب بالمسيح ، وإلتفوا حوله ، وإنتفعوا من تعليمه ، أما قادة اليهود فعلي العكس تضايقوا من شهرته وشعبيته وقاوموه . لم ينتفعوا من تعليمه ولا من معجزاته . كانوا يمشون وراءه ويدعونه إلي بيوتهم ، لا ليستفيدوا وإنما ليراقبوه ويصطادوه بكلمة ... في حادثة المفلوج فكر الكتبة في قلوبهم " لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف ؟! " ورد الرب علي ما في قلوبهم فسكتوا ( 2 : 6 ، 7 ) .
ثم تدرجوا من التفكير القلبي إلي مخاطبة تلاميذه عنه : ما باله يأكل ويشرب مع العشارين والخطاة ؟! فافحمهم بقوله " لا يحتاج الأصحاء إلي طبيب بل المرضي " ( 2 : 16 ، 17 ) . ثم تدرج اليهود فتجرأوا أن يكلموه هو ، فإشتكوا له تلاميذه : لماذا لا يصومون ؟ لماذا يقطفون السنابل في السبت ؟ فرد عليهم من الكتاب ، وبالمنطق ، فسكتوا ... ثم راقبوه هل يشفي صاحب اليد اليابسة في السبت ، فناقشهم وأفحمهم فسكتوا . " فنظر حوله إليهم بغضب حزيناً علي غلاطة قلوبهم " وشفي الرجل " فخرج الفريسيون للوقت مع الهيرودسيين وتشاورا عليه لكي يهلكوه "
( 3 : 1 - 6 ) .
وهكذا من أول الإصحاح الثالث شرح مارمرقس بنفس وضوحه وبنفس سرعته ، تطور العلاقة بين المسيح ورؤساء اليهود : من كلام الشك داخل القلب إلي التشاور علي إهلاكه ، وتطور موقف السيد المسيح من مجرد الإقناع إلي نظرة الغضب والأصطدام . ما كان ممكناً أن يسالم أمثال هؤلاء الذين يريدون تعطيل عمل الرب . ثم تطور الأمر بهم إلي التشهير به : قال الكتبة عنه " إن معه بعلزبول ، وإنه برئيس الشياطين يخرج الشياطين " ( 3 : 22 ) ، فرد عليهم في قوة بأن الشيطان إذا إنقسم علي ذاته لا يقدر أن يثبت .
ثم ظهر لهم أنهم أمسكوا غلطة : إن تلاميذ المسيح يأكلون بأيد دنسة أي غير مغسولة . فبدأ المسيح يوبخهم قائلاً " حسناً تنبأ إشعياء عليكم أنتم المرائين .. لأنكم تركتم وصية الله وتتمسكون بتقليد الناس " وشرح لهم كيف أنهم كسروا الوصية الخامسة من أجل تقاليدهم ( 7 : 6 - 23 ) فمنعوا الناس من إكرام والديهم ، لكي يأخذوا هم هذا المال في الهيكل .. هنا نري أن المسيح قد بدأ يهاجم . ثم حذر التلاميذ منهم قائلاً : " تحرزوا من خمير الفريسيين وخمير هيرودس " ( 8 : 15 ) . ودخل الهيكل وحده غير مبال بسلطانهم " فطلبوا كيف يهلكونه لأنهم خافوه " ( 11 : 18 ) . ثم قال لهم مثل الكرامين الأردياء ، وعرفوا أن المثل عليهم ، وصفهم فيه بأنهم قتلة الأنبياء ورسل الرب وأنهم يريدون قتل الإبن أيضاً . وهددهم بأن صاحب الكرم سوف يأتي ويهلك الكرامين ... " فطلبوا أن يمسكوه ، ولكنهم خافوا من الجمع " ( 12 : 1 - 12 ) .
ثم دخل الصراع في مرحلة الأسئلة : أرادوا أن يحرجوه بأسئلتهم ، فأحرجهم بإجاباته : جاءه الفريسيون والهيرودسيون بأسلوب تملق لشجاعته سائلين هل تعطي جزية لقيصر . فأجاب بقوله المشهور " أعطوا ما لقيصر لقيصر ، وما لله لله " ( 12 : 13 - 17 ) ، ثم جاءه الصدوقيون يسألونه عن القيامة والزواج ، فأفهمهم بقوله إنه في السماء يكونون كالملائكة لا يتزوجون . وختم كلامه بقوله : " فأنتم أذن تضلون كثيراً " ( 12 : 18 - 27 ) ، ثم جاءه كاتب يسأله عن الوصية الأولي ، فأجابه وإقتنع الكاتب ( 12 : 28 - 33 ) . ثم يقول الكتاب : " ولم يجسر أحد بعد أن يسأله " ( مت 12 : 34 ) . وإذ لم يستطيعوا أن يحرجوه في الكلام ، لجأوا إلي التآمر ، ونفذوا مؤامرتهم وقتلوه ، لا عن ضعف منه وإنما لأنه جاء " ليبذل نفسه فدية عن كثيرين " ( 10 : 45 ) .
|
|
|
|