القِدِّيسُ إِيرُونِيمُوسُ
"ِنْ لَمْ يَتَخَلَّ عَنْهَا، يُحْسَبُ يُوسُفُ مُذْنِبًا حَسَبَ الشَّرِيعَةِ،
لِأَنَّهُ لَيْسَ فَقَطْ مَنْ يَرْتَكِبُ الخَطِيئَةَ يَتَحَمَّلُ وِزْرَهَا، بَلْ أَيْضًا مَنْ يَرَاهَا
وَلَا يَتَّخِذُ مَوْقِفًا مِنْهَا". وَلِأَنَّ يُوسُفَ كَانَ رَجُلًا بَارًّا، فَقَدْ نَوَى أَنْ
يَتَّخِذَ الخِيَارَ الثَّانِيَ. هَكَذَا فَكَّرَ يُوسُفُ فِي فَسْخِ الخِطْبَةِ مِنْ دُونِ
فَضِيحَةٍ، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يُلْحِقَ بِخَطِيبَتِهِ مَرْيَمَ أَيَّ أَذًى.
وَفِي ذَلِكَ، وَضَعَ يُوسُفُ الإِنْسَانَ أَوَّلًا، أَيْ مَرْيَمَ، وَلَيْسَ الشَّرِيعَةَ
بِحَرْفِيَّتِهَا، لِأَنَّ "السَّبْتَ جُعِلَ لِأَجْلِ الإِنْسَانِ، لَا الإِنْسَانُ لِأَجْلِ السَّبْتِ"
(مَرْقُسَ 2: 27). فَالبِرُّ الحَقِيقِيُّ، فِي نِهَايَةِ الأَمْرِ،
هُوَ الاِنْفِتَاحُ عَلَى مَشِيئَةِ الرَّبِّ وَقَبُولُ تَدْبِيرِهِ فَوْقَ كُلِّ نَصٍّ وَقَانُونٍ.