*** تاريخ البطاركة - القرن الثالث - محاضرة رقم 25 ***
تحدثنا فى المحاضرات السابقة على بطاركة القرن الثالث ثم تكلمنا عن منشأ الرهبنة ومؤسسوها وفيها تكلمنا عن القديس الانبا بولا والانبا انطونيوس والقديس امونيوس والقديس بفنوتيوس...
واليوم سنتحدث عن المملكة والكنيسة وفيها نتكلم عن اضطهادات القياصرة ....
المملكة والكنيسة :
--------------------
اضطهاد كاركلا - اضطهاد مكسيمينوس الثراكى - اضطهاد ديسيوس - اضطهاد فاليريان - ضيق بسبب الحرب ومأثر المسيحيين فى تخفيفه ...
1- اضطهاد كاركلا
-------------------
تولى بعد ساويرس سبتميوس جملة قياصرة لم يكن لهم شأن يذكر مع مسيحى مصر حتى ملك """" كاركلا """" سنة 211م
فخطر له ان يزيد دخله فضاعف الجزية التى كان يدفعها له مسيحيو مصر , وسن قانونا يقضى على المسيحيى الذى يعرف انه قاوم الحكومة فى امر ما بالصلب او بطرحه للوحوش الضارية فتمزقه اربا هذا وان كان عبدا ذليلا فيكتفى بعبوديته وذله ...
ولما تناول ظلم هذا القيصر جميع طبقات المصريين ضج الكل منه ونقموا عليه ورموه بقوارص الكلام واطلقوا عليه القاب السخرية فأراد ان ينتقم منهم وعول الى تدبير مكيدة لهم ... فأعلن عزمه على اختيار كتيبة من المصريين ليكونوا جنودا ضمن حرسه الخصوصى ... فسر شبان الاسكندرية بهذا اللقب ...
وفى اليوم المعين للآنتخاب خرج جميع اهالى الاسكندرية لمشاهدة الاختيار فى مكان عينه القيصر خارج المدينة فلم يكادوا يجتمعون حتى اشار الى عساكره فجردوا اسلمحتهم وقضوا على جميع المشاهدين بأساليب وحشية ولم ينج منهم الا القليل ...
وقد انتقم الله من كاركلا جزاء فظائعه فأغتاله " مكرينوس " منازعة على من يخلفه فأنتهز وثنيو الاسكندرية تلك الفرصة للآعتداء على المسيحيين فكنت تراهم يوقعون بهم فى الطرقات والشوارع ...
2- اضطهاد مكسيمينوس الثراكى :
نالت الكنيسة راحة فى عهد الملك اسكندر ساويرس الذى مات سنة 222م ولكن خليفته مكسيمينوس حال تملكه سنة 235م اشتد عليهم شدة عظيمة ووجه نظره الى مسيحيى مصر ....
فضايقهم حتى اضطر البطريرك " ياروكلاس " ان يترك الاسكندرية فرارا من وجهه , غير ان كثيرون من المؤمنين تجرعوا الموت بعد ان ذاقوا انواع الام شديدة .. وقد قصف الله عمر مكسيمينوس بعد ثلاث سنوات لملكه وخلفه غورديات لإانتشر السلام فى مصر مدة ملكه ونمت المسيحية نموا يذكر .. وعقب غورديان فيليب العربى سنة 244م الذى كدر صفو سلام مسيحيى مصر فأوقع بهم بلايا واصابتهم اضطهادات ...
3- اضطهاد ديسيوس :
ان اشد الاضطهادات التى وقعت على المسيحيين المصريين تلك التى اصابتهم من ديسوس قيصر الذى جلس على كرسى السلطنة الرومانية سنة 249م فكان اضطهاده بالغا منتهى القسوة والشدة حتى زل كثيرون من المسيحيين اثناء الاضطهاد وذبحوا للآوثان اجابة لطلب معذبيهم ... ويكفينا تلك الفظائع ما سطره البابا " ديونيسيوس الاول البطريرك الاسكندرى " وبعث به الى فابيان اسقف انطاكية وفيه وصف الاضطهاد وهو :
خطاب البابا ديونيسيوس الاول البطريرك الاسكندرى
----------------------------------------------------
كتب هذا البطريرك يقول :
" ان الاضطهاد الذى اصابنا لم يحدث بناء على امر من الحكومة بل ان ناره كانت مخبوءة تحت رماده مدة سنة كاملة , فألتظت عندما اثارتها يد التعصب ..
وتفصيل ذلك ان شاعرا يدعى النبوة وفد على الاسكندرية وكان مجيئه شؤما عليها اذ جال فيها يهيج سخط الوثنين ضدنا ويحرضهم على الدفاع عن خرافاتهم فتم ذلك واثار ثائرة الوثنين نحونا وظنوا انهم فى منتهى التقوى والقداسة تنحصر فى عبادة اوثانهم وشيطينهم ...
وكان اول شر ارتكبوه ان امسكو رجالا وطلبوا ان يجدفوا على المسيح ورجموا رجلا بالحجارة حتى مات وسرقوا اثاثات وامتعة المسيحيين , اما المسيحيين فلم يقاموا ووقفوا يراقبون خراب بيوتهم وهم صامتون ...
وانهم القوا القبض على عذراء اسمها " ابو لونيا " وضربوها حتى تكسرت اسنانها وتم حرقها بالنار حتى تفحمت , هذا بجانب كثير من المسيحيين الذين ماتوا شهداء المسيح , لدرجة انهم طلبوا من المسيحيين ان يذبحوا للآوثان والذى يرفض يتقدم هو ذبيحة فيذبحونه للآوثان ...
وتحدث البابا ايضا عن شخصين واحد انكر الايمان واما الثانى واسمه " كرونيون " ولقبه " اينوس " اعترف بأيمانه فجلدوه وطروحه فى النار "....
ويتضح من خطاب البابا " ديونيسيوس " هذا ان سبب الاضطهاد هو غيرة الوثنين من نمو الديانة المسيحية .. واستحكم الخلاف بين النصارى والوثنين ونهبوا بيوت المسيحيين وظلت الفتنة تتعاظم الى ان صار اراقة دماء المسيحيين من الواجبات الدينية ...
وكان لليهود يد فى اثار هذه الفتنة على المسيحيين وايقاد نار التعصب ضدهم وكانت الحكومة الرومانية تسر جدا بأستمرار الشقاق بين صنوف الاهالى بمصر وتأكيد العداوة بين اهل الاديان لتدوم شوكتها وتتأيد دولتها فعملت على النكاية بالمسيحيين وهم القسم الاضعف لتوغر صدور الوثنين عليهم من جهة ولتكسب رضاهم من جهة اخرى ...
وقد كانت عبادة الشمس والقمر الى ذلك الحين شديدة الانتشار ولم يعترها ضعف ولا وهن ولا سيما فى عهد " غورديان وفيليب " ومن بعدهما , وكان التمسك بها لم يذهب من هياكل مصر والنوبة وذلك من اكبر الاسباب التى دعت الى هياج الوثنين على كل من خالف دينهم وبالاخص على المسيحيين ...