في صيف عام 2014، اهتزت أمريكا على وقع جريمة صادمة سُميت لاحقًا بـ "حادثة طعن سلندر مان".
كانت الضحية طفلة بريئة تُدعى بايتون لوتنر، لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها. خرجت في عطلة نهاية الأسبوع مع صديقتيها المقرّبتين، مورغان غيسر و أنيسا وير، لقضاء ليلة مليئة بالمرح والضحك والأسرار الصغيرة التي تتشاركها الفتيات في سن المراهقة.
لكن ما لم تعرفه بايتون هو أنّ الليلة لم تكن بريئة كما تخيلت… لقد تحوّل كل شيء إلى كابوس.
في صباح اليوم التالي، اقتادت الصديقتان بايتون إلى غابة هادئة في مدينة واوكيشا – ويسكونسن. المكان كان يبدو آمنًا، لكنه أخفى وراء أشجاره سرًا مظلمًا. هناك، هاجمتها الفتاتان فجأة، مسلحتين بسكين مطبخ حاد. في لحظة من الجنون الممزوج بالخيال، غرست مورغان النصل في جسد صديقتها الصغيرة 19 مرة. الطعنات اخترقت ذراعها وساقيها وبطنها، وإحداها جاءت خطيرة للغاية قرب القلب.
السبب كان أبعد ما يكون عن المنطق:
الفتاتان كانتا تؤمنان بأن عليهما قتل بايتون كقربان لكائن خيالي ومرعب على الإنترنت يُعرف باسم Slender Man. كانتا تظنان أن هذا المخلوق سينتقم منهما إن لم يقدّما له "تضحية بشرية".
تُركت بايتون في الغابة تنزف حتى الموت. لم تستطع أن تصرخ كثيرًا، لم يكن هناك من يسمعها… لكنها رفضت أن تستسلم. بصعوبة بالغة، زحفت وهي تتنفس بصوت متقطع، تجر جسدها الصغير المثخن بالجراح حتى وصلت إلى طريق ترابي على حافة الغابة. وهناك حدثت المعجزة: مرّ راكب دراجة ورآها ممددة على الأرض، فاستدعى الإسعاف على الفور.
حين وصلت إلى المستشفى، اكتشف الأطباء أن إحدى الطعنات مرّت على بعد مليمترات فقط من قلبها وشرايينها الرئيسية. أي خطأ بسيط كان سيعني موتها في الحال. لقد اعتبر الأطباء نجاتها معجزة حقيقية.
أما المهاجمتان، فقد تم القبض عليهما بسرعة، وأُحيلتا إلى القضاء. وبعد محاكمة طويلة، تبين أن كلتيهما تعانيان من اضطرابات عقلية خطيرة. مورغان حُكم عليها بالعلاج في مصحة عقلية إلى أجل غير مسمى، وأنيسا أُودعت مؤسسة عقلية لعدة سنوات قبل أن تحصل على الإفراج المشروط في عام 2021.
هذه القصة لم تترك أثرًا على مدينة صغيرة فقط، بل هزّت العالم بأسره. كانت جرس إنذار مخيف عن مدى قوة الخيال المظلم المنتشر على الإنترنت، وكيف يمكن أن يتحول من مجرد "أسطورة رقمية" إلى جريمة واقعية تهدد الحياة.
على الآباء والأمهات أن يكونوا قريبين من أبنائهم، أن يسألوا عمّا يشاهدونه، وما يقرأونه، ومن يتحدثون معه على الإنترنت. فالمتابعة ليست تقييدًا، بل حماية، والاهتمام ليس شكًا، بل حبًا ورعاية.
فربما يكون سؤال صغير أو لحظة حوار صادق مع ابنك هو الفارق بين الأمان… وبين مأساة قد تغيّر حياتك وحياته إلى الأبد.