عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 15 - 04 - 2025, 07:00 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,160

أليشع يطلب نصيبين من روح إيليا




أليشع يطلب نصيبين من روح إيليا

9 وَلَمَّا عَبَرَا قَالَ إِيلِيَّا لأَلِيشَعَ: «اطْلُبْ: مَاذَا أَفْعَلُ لَكَ قَبْلَ أَنْ أُوخَذَ مِنْكَ؟». فَقَالَ أَلِيشَعُ: «لِيَكُنْ نَصِيبُ اثْنَيْنِ مِنْ رُوحِكَ عَلَيَّ». 10 فَقَالَ: «صَعَّبْتَ السُّؤَالَ. فَإِنْ رَأَيْتَنِي أُوخَذُ مِنْكَ يَكُونُ لَكَ كَذلِكَ، وَإِلاَّ فَلاَ يَكُونُ».

وَلَمَّا عَبَرَا قَالَ إِيلِيَّا لأليشع:
اطْلُبْ مَاذَا أَفْعَلُ لَكَ قَبْلَ أَنْ أُوخَذَ مِنْكَ.
فَقَالَ أليشع: لِيَكُنْ نَصِيبُ اثْنَيْنِ مِنْ رُوحِكَ عَلَيَّ. [9]
لم يترك إيليا مالاً يرثه تلميذه أو ابنه الروحي، لكن نال أليشع ما هو أعظم من كل أمور هذا العالم.
عندما اقتربت الساعات الأخيرة من حياة إيليا كان رفيقه الوحيد هو أليشع. وكان طلب أليشع نصيب اثنين من روح إيليا (2 مل 9: 2) مؤسسًا على التمتُّع بحق البكر، وهو أن يأخذ نصيب اثنين من ميراث الأسرة والقيادة الأبوية للعائلة بعد موت الأب. لم يطلب أليشع أن يكون أعظم من إيليا، بل أن يكون أهلاً أن يُحسب ابنه البكر.
لم يكن في طلب أليشع رغبة في ممارسة آيات وعجائب ضعف ما مارسه مُعلِّمه، مع أنه يبدو جميلاً أن تعرف أن عدد المعجزات التي سُجِّلتْ لأليشع توازي ضعف العدد الذي سُجِّلَ لإيليا تقريبًا. إنما طلب نصيبين من روحه للخدمة والشهادة لله. في بساطة وبروح التواضع، اشتهى أن يتمم رجل الله رسالة مُعَلِّمه، متطلعًا إلى إيليا النبي كنموذجٍ حيٍ أمامه.
حسب أليشع نفسه الابن الأكبر له حق ميراث نصيبين (تث 21: 17). في دالة الحب اعتبر أليشع نفسه ابنًا أكبر لإيليا النبي. وفي جرأة طلب حق الميراث، وهو أن يتمتع بنصيبين من روحه.
لم يشته أليشع النبي شيئًا سوى أن يقتدي بسيده، ويحمل روحه. لكن إيليا النبي أدرك أن ذلك ليس في سلطانه، إنما هو حق إلهي، يُقدِّمه الله الفاحص القلوب لمحبوبيه الأمناء. لم يكن أليشع يطمع أن يكون أعظم من سيده، ولا أقوى منه، لكن إذ رأى حال المملكة يزداد انهيارًا، فالأمر يحتاج إلى قدرة إلهية متزايدة تواجه هذا التيار الجارف.
الإنسان الروحي يحب الآخرين كأبناء أبكار له، فيود أن يقدِّم لهم نصيبين في وصيَّته الوداعيَّة، بل ويشتهي لأحبَّائه الروحيِّين في جرأة أن ينالوا هذا الميراث. هذا ما اشتهاه أليشع النبي حيث طلب من معلِّمه إيليا النبي: "ليكن نصيب اثنين من روحك عليَّ" (2 مل 2: 9).
لم يخفْ أليشع من أن يطلب نصيبين من روح إيليا، أي يحمل قوة مضاعفة. طلب بإيمان لشعوره بضعفه وحاجته إلى قوة مضاعفة من السماء تسنده، بجانب شعوره بانحدار الشعب المستمر في الفساد. لم يغضب إيليا النبي من هذا الطلب، بل تهللت أعماقه، وأدرك أنه ليس في سلطانه أن يُقَدِّم هذا، لكنه يفرح أن يُكَمِّل تلميذه رسالته بروح القوة.
ليتنا لا نستخف بالجيل الجديد، بل نطلب من الله أن يهبهم ما هو أعظم مما نلناه لتكون الكنيسة في المستقبل أكثر قوة، وقادرة على مواجهة كل التحديات بروح النصرة والغلبة.
يرى القديس أغسطينوس أنه إذ طلب أليشع الضعف من روح إيليا، إنما يقصد به روح الله العامل فيه، الذي يليق بنا أن نطلب عمله المتزايد فينا. أما من لم يتمتع بعد بعمل الروح فيه، فيطلب أن يعمل الروح فيه.
v الوعد (الخاص بالنمو في عمل الروح) ليس باطلاً، سواء بالنسبة للذي لم يقتنِ (الروح القدس) أو ذاك الذي يقتنيه. فمن لم يتمتع بعطية الروح يُقدم له الروح ليقتنيه، ومن اقتنى الروح يتمتع به بفيضٍ. فلو أن (الروح) غير مُقتنى بقياس أقل لدى البعض عن الآخرين، ما كان القدِّيس أليشع يقول للقديس إيليا: [ليكن لي نصيب اثنين من الروح الذي فيك فيَّ] [راجع 2 مل 9].
ولكن عندما قال يوحنا المعمدان: "لأنه ليس بكيلٍ يعطي الله الروح" (يو 3: 34)، كان يتحدث على وجه الخصوص عن ابن الله الذي لم ينل الروح بقياس، لأن الروح يسكن فيه بكل كمال اللاهوت.
v ذاك الذي هو حاضر في كل مكان لا يسكن في الجميع، ولا يسكن بدرجة متساوية في أولئك الذين يسكن فيهم. وإلا فما هو معنى الطلب الذي سأله أليشع أن يكون له نصيب اثنين من روح الله الذي في إيليا؟ وكيف يوجد بين القديسين البعض أكثر قداسة من الآخرين، سوى أن لهم فيض أكثر من سكنى الله؟
يلزم أن نلاحظ بدقة أن ما نقوله أنه حاضر بالكامل في كل مكان، أنه حاضر في ذاته، لا في الأشياء التي لها إمكانية أعظم لحضوره، وآخرون إمكانية أقل.
القديس أغسطينوس
v من يؤمن بي يعمل الأعمال التي أعملها وأعظم منها (يو 14: 12). أين تظهر تلك الكلمة التي قالها: ليس التلميذ أعظم من سيده (مت 10: 24)؟
كمثال قتل موسى فقط ثلاثة ملوك، أما يشوع فقتل ثلاثين (يش 12: 1-24).
موسى ثابر في الصلاة وتوسل، لكنه لم يدخل (أرض الموعد)، أما يشوع فدخل واشترك في الميراث (تث 3: 28)(*).
هكذا كان صموئيل أعظم من عالي، ونال أليشع ضعفين من روح سيده بعد صعوده (2 مل 2: 9-12). هكذا وهب الرب تلاميذه ضعفين من آياته.
القديس مار أفرام السرياني
فَقَالَ: صَعَّبْتَ السُّؤَالَ.
فَإِنْ رَأَيْتَنِي أُوخَذُ مِنْكَ، يَكُونُ لَكَ كَذَلِكَ،
وَإِلاَّ فَلاَ يَكُونُ. [10]
شعر أليشع بصعوبة الخدمة الملقاة على عاتقه، فطلب نصيبين من روح أبيه الروحي. وشعر إيليا بصعوبة السؤال، لأنه ليس من حقه اختيار من يخلفه، بل من حق الله وحده.
جاءت إجابة إيليا: إن الأمر ليس في يدي، بل في يد إلهنا. إن وهبك أن تراني عند مفارقتي لك يكون ذلك لك. وكأنه يقول له: "لتكن لا إرادتي، بل إرادة أبينا الذي في السماوات!"
كان صعود إيليا النبي مَخفيًّا عن الأعيُن الجسدية، وذلك كما كانت الخيل والمركبات النارية مَخْفِيَّة عن عيني غلام أليشع في دوثان (2 مل 6: 13-17). وإذ رآه أليشع عرف إيليا النبي أن الله قد وهبه قوة النظر في الروحيات ليرى ويفهم ما لا يستطيع غيره أن يراه أو يفهمه. بهذه العلاقة أدرك إيليا النبي أن تلميذه قد تعيَّن من قبل الله ليكون رئيسًا للأنبياء، ومتحدثًا في الأمور الإلهية مع الناس.
إذ رأى أليشع سيده منطلقًا في مركبة نارية نحو السماء، صار هذا المنظر مطبوعًا في قلبه وفي ذاكرته كل أيام حياته. به تقوَّى إيمانه ليقول في وقت الشدة: "الذين معنا أكثر من الذين معهم" (2 مل 6: 16). ربما قبل هذا المنظر كان أليشع متكلاً على رجل الله إيليا، أما بعد رؤيته هذا المنظر صار الله يحتل كل فكره، ويملأ كل قلبه وكيانه الداخلي.
كان ظهور المركبة النارية التي تحمل إيليا لا يراها الإنسان بعينيه الجسديتين ما لم يفتح الرب عيني الإنسان بنعمته الإلهية. فجيحزي لم يرَ المركبات والخيل النارية التي تحيط بالجبل إلا بعد أن طلب أليشع من الله أن يفتح عينيه (2 مل 6: 17). هكذا أدرك إيليا أنه إن رأى أليشع المركبات يكون قد نال من الله قوة النظر في الروحيات، وأنه قد تعيَّن من الله ليكون خليفة له كرئيس للأنبياء.
يرى القدِّيس يوحنا الذهبيّ الفم أنه لا يمكن للإنسان أن يتمتع بنعمة إلهية ما لم يكن مشتاقًا ومترقبًا ذلك. فما كان يمكن لأليشع أن ينال نعمة مضاعفة ما لم يترقب ليرى إيليا صاعدًا، ولهذا السبب وعد الرب تلاميذه بنوالهم قوة من الأعالي بحلول الروح عليهم دون أن يحدد لهم اليوم، حتى يترقبوا وينظروا.
v شطر النهرَ وعبر البهي مع تلميذه، وكشف له كلمته بمحبةٍ، وقال له:
الآن اطلب مني، ماذا أصنع لك قبل أن أصعد؟ اسأل، فأعطيك ما تشاءه مادمتُ معك.
سأل التلميذ محب الحياة والمملوء تطويبات من مُعلِّمه كنزًا كاملاً بقلبٍ صالحٍ.
رأى أنه فتح له بابًا ليأخذ كما يشاء، ومثل حكيم سأل منه كنزًا عظيمًا.
نظر إلى معلمه الذي يقدر أن يعطي كل المطالب، فطلب وأكثر، لأنه وثق بأنه لن يردَّه.
قال له: سيدي، ليحل عليّ اثنان من روحك، وإذ بالغ قال: بالغتَ، دون أن يحرمه.
إن رأيتني عندما أفارقك سيكون لك هكذا، وإن لم تشاهدني لن يكون لك.
وضع الإرادة في يدي الرب، كما قال الابن للآب: لا تكن إرادتي بل إرادتك.
القديس مار يعقوب السروجي
v الملائكة التي حملت إيليا إلى السماء، حرست أليشع على الأرض. أي عجب إن كانت الملائكة التي انطلقت بالسيد، تحمي التلميذ؟
يليق بنا أن نلاحظ أن الإكرام الذي أظهروه للأب أعلنوه أيضًا للابن، فإنه هو الابن الروحي لإيليا، وارث قداسته!
ما يبرر دعوة أليشع الابن الروحي لإيليا أنه وهو صاعد إلى السماء ترك إيليا نصيب اثنين من نعمته له. فعندما أُعطي لأليشع الحق أن يسأل ما يريده قبل أن يُؤخذ إيليا منه، سأل أن يكون له نصيبان من روح إيليا. عندئذ قال إيليا "صعَّبت السؤال، لكن سيتحقق ذلك لك".
يا له من ميراث ثمين حيث يكون الميراث المتروك أكثر مما يملكه، وأن الذي يرث ينال أكثر مما يملكه المُعطي!
واضح أنه ميراث ثمين حيث هو مضاعف كما بفائدة، أهل للتقدير عندما يتحول من الأب إلى الابن. ترك إيليا نصيبين لأليشع، مع أنه هو نفسه له نصيب واحد من القداسة. إنه بطريقة عجيبة ترك إيليا نعمة أعظم على الأرض عما حملها معه إلى السماء.
الأب مكسيموس أسقف تورين
رد مع اقتباس