عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 01 - 04 - 2025, 07:28 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,315,855

داود يُلزِم يوآب بإحصاء الشعب




داود يُلزِم يوآب بإحصاء الشعب

1 وَوَقَفَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ، وَأَغْوَى دَاوُدَ لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ. 2 فَقَالَ دَاوُدُ لِيُوآبَ وَلِرُؤَسَاءِ الشَّعْبِ: «اذْهَبُوا عِدُّوا إِسْرَائِيلَ مِنْ بِئْرِ سَبْعٍ إِلَى دَانَ، وَأْتُوا إِلَيَّ فَأَعْلَمَ عَدَدَهُمْ». 3 فَقَالَ يُوآبُ: «لِيَزِدِ الرَّبُّ عَلَى شَعْبِهِ أَمْثَالَهُمْ مِئَةَ ضِعْفٍ. أَلَيْسُوا جَمِيعًا يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ عَبِيدًا لِسَيِّدِي؟ لِمَاذَا يَطْلُبُ هذَا سَيِّدِي؟ لِمَاذَا يَكُونُ سَبَبَ إِثْمٍ لإِسْرَائِيلَ؟» 4 فَاشْتَدَّ كَلاَمُ الْمَلِكِ عَلَى يُوآبَ. فَخَرَجَ يُوآبُ وَطَافَ فِي كُلِّ إِسْرَائِيلَ ثُمَّ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. 5 فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِ إِلَى دَاوُدَ، فَكَانَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِئَةَ أَلْفِ رَجُل مُسْتَلِّي السَّيْفِ، وَيَهُوذَا أَرْبَعَ مِئَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ رَجُل مُسْتَلِّي السَّيْفِ، 6 وَأَمَّا لاَوِي وَبَنْيَامِينُ فَلَمْ يَعُدَّهُمْ مَعَهُمْ لأَنَّ كَلاَمَ الْمَلِكِ كَانَ مَكْرُوهًا لَدَى يُوآبَ.

وَوَقَفَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ،
وَأَغْوَى دَاوُدَ لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ. [1]
من الذي وراء هذه الخطية؟ جاء في (2 صم 24: 1) "غضب الرب حمى على إسرائيل، فأهاج عليهم داود ليفعلها". كأن الرب حثَّ داود على ذلك، لأن غضبه حلَّ على الشعب. وفي سفر الأخبار يُقَال إن الشيطان وراء هذا التصرُّف. الاثنان حق، فالله سمح للشيطان أن يُجَرِّب داود. الله ليس مصدرًا للشر، بل يسمح به لتحقيق غاياته. يُقَدِّم الشيطان الغواية، لكن لا يُلزِم الإنسان بقبولها.
يبرز هنا أن الشيطان لا يقف مكتوف الأيدي أمام خطة الله وأعماله المستمرة لتحقيق الخلاص، فقد أغوى قلب داود لكي ما يُبَدِّد خطط الله من نحو شعبه. أغواه الشيطان كما أغوت الحيّة حواء وآدم، وحاول أيضًا أن يُجَرِّب أيوب ليُحَطِّمه (أي 1، 2)، ورآه زكريا النبي في إحدى الرؤى التي شاهدها (زك 3: 1).
إحصاء الشعب ليس بشرٍ في ذاته، إذ يليق بالراعي أن يعرف رعيته. ولكن من الواضح أن داود أخطأ في هذا العمل، وكان سببًا في غضب الله، لأنه عمل ذلك عن كبرياء قلب وقلة ثقة في الله، بالاعتماد على الأعداد. أجرى داود هذا التعداد بهدف الافتخار بقوة جيشه، ليتَّكل على إمكانيّاته العسكرية لا على الله. الدافع لعمله خطية وهي الغرور. كثيرًا ما تكون الخطية لا في تصرفاتنا الظاهرة، بل في دوافعنا الخفيّة.
نحن متأكدون أن الله لا يتسبَّب في الخطية، "فهو لا يُجرِّب أحدًا"، لذلك عندما يُقَال أنه أهاج داود ليفعلها، يجب التوضيح أنه لأجل هدف حكيم ومُقدَّس سمح الله للشيطان أن يفعلها، وهنا نقتفي أثر هذا التيار الخاطئ في مصدره وأساسه. فليس غريبًا أن الشيطان، الذي هو عدو الله، وكل خير، أن يقف ضد الشعب؛ فهدفه هو تحطيم داود والشعب. وهنا نلاحظ الآتي:
1. من المُدهِش أن الشيطان يؤثر على داود ليفعل شيئًا خاطئًا، وهو الرجل الذي قلبه مثل قلب الله، إذ يُظَن أنه من أولئك الذين لا يمسهم الشرير. سمح الله بذلك لكي نَعْلم أن أَقْدَس القديسين يجب ألا يفكروا أنهم ليسوا في متناول تجارب الشيطان. وهذا يذكرنا بالقديس مقاريوس الكبير الذي قال له الشيطان: "لقد وصلتَ يا مقارة"، فاستمر يجيبه "لم أَصِلْ" إلى أن سلَّم روحه في يد خالقه، فقال "الآن وصلتُ". والآن لما نوى الشيطان أن يحيق أذى بإسرائيل أيّ طريق اتخَّذ؟ إنه لم "يهيج الله ضدهم ليبتلعهم"(أي 2: 3) ولكنه هيَّج داود أعز صديق لهم لكي يَحْصيهم وبذلك يُغضِب الله ويُثِيره ضدهم.
2. عندما يغوينا الشيطان لنخطئ ضد الله، يُصيبنا بأذى أكثر من شكواه ضدنا أمام الله. إنه يُحَطِّم الناس بأنفسهم وأياديهم.
3. أعظم ضرر يُمكن الشيطان أن يفعله بكنيسة الله هو أن يغوي قادتها بالكبرياء، لأنه لا يستطيع أحد أن يرى هذه الخطية في الجميع وبالأخص المُتقدِّمين في الكنيسة "وأما أنتم فليس هكذا. بل الكبير فيكم ليكن كالأصغر. والمُتقدِّم كالخادم" (لو 22: 26).
v آمن داود بك، وأخذتَه من وراء الغنم، وجعلته ملكًا، وانتصر على جليات وقهر كل مضطهديه.
هيَّج إبليس عليه قواته من كل جهة، ولأن يمينك أمسكَتْ بيده، ثابر ونال شجاعة.
ألقى الشرير في قلبه أن يُحصي الأمة، فأدَّبه الرب بالرحمة، وقبله بمحبة (2 صم 24).
جعله ملكًا، وملأه بروح النبوة، وفاضت ثروة كلماته وملأت كل الخليقة.
صار ينبوعًا، تفجرَّت منه كلمات الروح القدس، وشربت منه الشعوب والعوالم، ولا زالوا عطشى إليها.
القديس مار يعقوب السروجي
فَقَالَ دَاوُدُ لِيُوآبَ وَلِرُؤَسَاءِ الشَّعْبِ:
"اذْهَبُوا عُدُّوا إِسْرَائِيلَ مِنْ بِئْر سَبْعٍ إِلَى دَانَ،
وَأْتُوا إِلَيَّ، فَأَعْلَمَ عَدَدَهُمْ". [2]
فَقَالَ يُوآبُ: "لِيَزِدِ الرَّبُّ عَلَى شَعْبِهِ أَمْثَالَهُمْ مِئَةَ ضِعْفٍ.
أَلَيْسُوا جَمِيعًا يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ عَبِيداً لِسَيِّدِي؟
لِمَاذَا يَطْلُبُ هَذَا سَيِّدِي؟
لِمَاذَا يَكُونُ سَبَبَ إِثْمٍ لإِسْرَائِيلَ؟" [3]
تُبرِز هذه القصة سقوط داود في ضعفٍ لا يتوقَّعه أحد، الأمر الذي دفع يوآب أن يُوَبِّخ داود عليه. أخطأ داود لأنه اتَّكل على ذراع شعبه على غير عادته، وطلب مجد نفسه.
لقد حذَّره الرب نفسه حين قال له على لسان ناثان النبي: "كنتُ معك حينما توجَّهتَ، وقرضت جميع أعدائك من أمامك، وعملت لك اسمًا كاسم العظماء الذين في الأرض" (1 أخ 17: 8).
لم يستشر داود الله قبل إجراء الإحصاء، كما لم يُصغِ لنصيحة يوآب. فقد كان يوآب ضد فكرة عمل إحصاء، ولم يأخذ الأمر الذي أصدره داود في هذا الشأن بجديةٍ.
كان يوآب الذي استخدمه داود رجلاً ذا شأن في الأعمال العامة، ولكنه أُرْغِمَ على هذا العمل، وفعله بأقصى ما يمكن تصوُّره من التردُّد. لقد قدَّم احتجاجًا على هذا العمل قبل أن يبدأه، فلم يكن هناك إنسان أكثر منه تقدُّمًا في أيّ شيء يؤول إلى ما فيه مجد الملك وخير المملكة، ولكن في هذا الأمر كان يود أن يُعفَى مسرورًا لسببيْن وهما:
1. رأى أنه لا داعي له ولم يكن له أيّة مناسبة، فالله قد وعد أن يُكثِّرَ شعبه، ولم يكن عند يوآب أيّ تساؤل من جهة تنفيذ هذا الوعد، فكل الشعب خدامه ولم يكن عنده شك في ولائهم ومحبتهم له.
2. هذا الأمر خطير والقيام به قد يكون سبَّب تعديًا لإسرائيل، وربما يُثِير غضب الله عليهم، وهذا فهمه يوآب، ولكن داود لم يفهمه، لذا يلزم التشاور بروح التواضع.
فَاشْتَدَّ كَلاَمُ الْمَلِكِ عَلَى يُوآبَ.
فَخَرَجَ يُوآبُ وَطَافَ فِي كُلِّ إِسْرَائِيلَ،
ثُمَّ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. [4]
كان مُضجرًا من هذا الأمر قبل أن يقوم به: "لأن كلام الملك كان مكروهًا لدى يوآب". كل ما صنعه داود الملك قبل ذلك كان حسنًا في أعين جميع الشعب (2 صم 3: 36)، ولكن الآن وُجِدَ اشمئزاز عام على هذه الأوامر وهو الشيء الذي ثَبَّت كُرْه يوآب لها.
فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِ إِلَى دَاوُدَ،
فَكَانَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ مِلْيُوناً وَمِئَةَ أَلْفِ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ،
وَيَهُوذَا أَرْبَعَ مِئَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ، [5]
مع أن نتيجة هذا الاستعراض كانت عظيمة جدًا، إلاَّ أن يوآب لم يكن عنده قلب ليُكَمِّلَه وقد ترك سبطيْن مُهميْن بدون تعداد وهما سبطي لاوي وبنيامين (ع 5-6)، وربما لم يكن مُدَقِّقًا في تعداد الأسباط الأخرى، لأنه فعل الأمر مُتضرِّرًا مما يوضح السبب في اختلاف أرقام التعداد عما ورد في (2 صم 24: 9).
الفرق في أرقام التعداد هنا مع (2 صم 24) يرجع إلى أن صموئيل الثاني لا يحسب عدد الجيش القائم في (1 أي 28)، والذي يضيف أيضًا رؤساء المئات ورؤساء الألوف. فإن داود لم يكن يريد معرفة عدد الجيش النظامي، ذلك لأنه كان يعرفه جيدًا بشكل إجمالي، ولكنه أراد معرفة المدى الذي يمكن أن تصل إليه قوة إسرائيل حتى يمكن أن يستخدمه في أية مناسبة ممكنة.
وَأَمَّا لاَوِي وَبِنْيَامِينُ فَلَمْ يَعُدَّهُمْ مَعَهُمْ،
لأَنَّ كَلاَمَ الْمَلِكِ كَانَ مَكْرُوهاً لَدَى يُوآبَ. [6]
لم يُحصَ سبط لاوي لأنهم لا يخضعون للتجنيد الإجباري، ولأن السبط كان منتشرًا بين بقية الأسباط، وكان من الصعب تجميع عدد اللاويين. ولم يُحصَ بنيامين، لأن الإحصاء ارتبك قبل الوصول إلى بنيامين (1 أي 27: 24)، بسبب انتشار الوباء.
هناك تبايُن كبير بين هذه الحادثة بالمقارنة مع ما حدث لداود الصبي الراعي عندما جاء إلى أرض المعركة ورأى جليات الجبار يجول مختاًلا ومُعَيِّرًا لإسرائيل. لم يرغب ذاك الراعي الصغير في عمل تعداد ولم يُحصِ عدد الجيش، ولكن جاء في مزاميره: "الاحتماء بالرب خير من التوكل على إنسان. الاحتماء بالرب خير من التوكل على الرؤساء" (مز 118: 8-9)، إنما قال "دعني أواجهه"، لماذا كانت عنده الشجاعة ليفعل ذلك؟ لأنه وثق في الرب. وتَعَلَّم الدرس من حادثة الإحصاء .
v عظيمة هي قوة الرجاء في الرب، قلعة لا تُقهَر، سور واقٍ لا يمكن مهاجمته، إمداد عسكري لا ينهزم، ميناء هادئ، برج منيع، سلاح لا يُقاوم، قوة لا تُقهَر قادرة على اكتشاف ملجأ في موضع لا يتوقعه أحد. بهذه القوة يصير غير المُسَلَّحين مُسَلَّحين، يكون حال النساء أفضل من الرجال، ويبرهن الأطفال أنهم بسهولة يصيرون أكثر قوة من الذين يمارسون فنون الحرب. أي عجب إن كانوا يغلبون أعداءً بينما في الواقع هم يغلبون العالم نفسه... الرجاء بالرب يُغَيِّر كل شيء!
v لم يقل: "سوف لا أتألم إنما "لا أخاف، ماذا يصنع بي الإنسان"، بمعنى إن كنت أتألم إلا إني لا أخاف، وكما قال بولس أيضًا: "إن كان الله معنا، فمن علينا؟" (رو 8: 31). في الواقع كانت أمور بلا حصر ضده، لكنه لم يستخدمها بطريقة خاطئة... كان أسمى وأعلى فوق كل المخاوف...
الله يُحِبُّكم يا أعزائي، لهذا فهو يجتذبكم بعيدًا من كل شيء... ويسحبكم إليه.
القديس يوحنا الذهبي الفم
v يقولون: لماذا لا تسندكم (العناية الإلهيّة) حين تُضطهَدون؟... أي شَرٍّ يصيبنا مادمنا نتطلع إلى الموت كانطلاق، به نذهب إلى الرب، وكأنما هو تغيير في الحياة، نخرج من حياة إلى حياة أخرى؟!...
يقول كل منَّا بثقة: "الرب لي مُعِين فلا أخاف، ماذا يفعل بي الإنسان؟" (مز 118: 6). "فإن نفوس الأبرار في يد الرب لا يَمسّها أذى" (حك 3: 1)... إنهم يضطهدوننا ليس لأنّنا فعلة شر، لكنهم يظنون إنّنا كمسيحيين نخطئ ضدّ الحياة، وإنّنا نعمل ضدّ أنفسنا.
القديس إكليمنضس السكندري
v قبل أن تبدأ الحرب ابحث عن حليف؛
قبل السقوط في مرض ليكن لك طبيبك؛
قبل أن تَحِلَّ عليك الأمور المُحزِنة صِلّ، ففي وقت أحزانك تجده وهو يسمع لك.
مار إسحق السرياني
ونحن يجب علينا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال الهام: هل نحن دائمًا نؤمن ونثق في الرب؟ "ولكن بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه..." (عب 11: 6) والرب يسوع له المجد قال: "متى جاء الروح القدس فهو يُبَكِّت العالم على الخطية. أية خطية؟ "... لأنهم لا يؤمنون بي" (يو 16: 8)، والقديس بولس الرسول قال: "كل ما ليس من الإيمان فهو خطية" (رو 14: 23)، هذه كانت خطية داود في تلك الحادثة، وسرعان ما تَيَقَّن مقدار الخطأ الذي وقع فيه في هذا الأمر.
رد مع اقتباس