[Mary Naeem]

الشيطان والتجربة

«نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ
لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ»
(رو ٨: ٢٨)

إننا نفكر أحياناً قائلين: “أَليس للشيطان يد فيما يحدث لنا؟” هذا صحيح كما نرى ذلك في قصة أيوب، ولكننا هناك أيضًا نرى أن الشيطان لم يستطع أن يتجاوز الحد المسموح له به من الله (أي ١: ١٢؛ ٢: ٦)، وأن الله استخدم ما سمح للشيطان أن يفعله لكي يأتي لأيوب ببركة أعظم وأغنى من ذي قبل. إن الشيطان لا يستطيع أن يفعل شيئًا بدون سماح الله، لأنه ما هو إلا مخلوق من مخلوقات الله - هو وكل جنوده. ومهما كانت قوتهم فالله فوقهم. وبناء عليه، حتى إذا رأيت يد الشيطان فيما يحدث فلا تنسَ أن ترى يد الله فوق الشيطان، وأن الله لا يسمح له أن يتحرك إلا في الحدود التي تخدم مقاصده، وأنه يحول كل شيء للخير والبركة لخاصته.

«نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ» (رو ٨: ٢٨). وهذه تتضمن حتى ما يسمح الله للشيطان بعمله. يجب ألا ننسى أن الله يعمل هادفًا إلى خيرنا الأبدي، وليس فقط خيرنا الزمني. كثيرًا ما ننظر نحن إلى الأشياء من زاوية ظروفنا الحاضرة، ولكن الله دائمًا يزن النتائج الأبدية. نحن نرضى - حتى في الأمور الأرضية، أن نسافر رحلة طويلة شاقة إذا كانت توصلنا إلى مكان جميل مرغوب، وهكذا الله قد يختار لنا طريقًا شاقة، لا لأنه يتلذذ بأن يرانا نقاسي صعوبات الطريق، بل لأنه يرى البركات الأبدية الغنية التي نحصل عليها في نهايتها «فِي الضِّيقِ رَحَّبْتَ لِي (أي أنميتني ووسعت تخومي)» (مز ٤: ١). فالضيق لا يرسله الله لتعذيبنا بل لتوسيع تخومنا، فضلاً عن أنه يواسينا في وقت الضيق «فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ، وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ» (إش ٦٣: ٩).