26 - 11 - 2024, 05:37 PM
|
رقم المشاركة : ( 179479 )
|
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إِنْ دَقَقْتَ الأَحْمَقَ فِي هَاوُنٍ بَيْنَ السَّمِيذِ بِمِدَقٍّ
لاَ تَبْرَحُ عَنْهُ حَمَاقَتُهُ [22].
كما أن الحنطة لا يُنزع عنها ما يتعلق بها من قشور بطحنها في هاون، هكذا لا يُنزع الشر من الأحمق الذي يُصر على حماقته منذ طفولته (أم 22: 15) دون رغبة في التوبة.
* لا بد أن يعلموا مثلًا أن الأقوال المقدسة تتحقق فيهم عندما تصرخ: "إن دَقَقتَ الأحمقَ في هاونٍ بين السميذ بمدقٍ، لا تبرح عنه حماقته" (أم 27: 22). ويشكو النبي منهم قائلًا: "ضربتهم فلم يتوجعوا، أفنيتهم وأبوا قبول التأديب." (إر 5: 3)، لذلك أيضًا قال الرب: "أثْكِل وأبيد شعبي. لم يرجعوا عن طرقهم" (إر 15: 7). يقول أيضًا: "والشعب لم يرجع إلى ضاربه" (إش 9: 13)، وأيضًا يشتكي النبي بصوت أولئك المتعظين بجراح الآلام: "داوينا بابل فلم تُشْفَ" (إر 51: 9)، قُدم الدواء لبابل ولكنها لم تشفَ. هذا لأن النفس عندما تسمع كلمات التبكيت وتحس بالآلام التي تسببها وهي في لجة ارتكاب الإثم، لا تبالي ولا ترجع إلى طريق الخلاص المستقيم. هكذا بَكَّتَ الرب شعبَ إسرائيل وهم في الأسر ولم يكونوا قد تحولوا عن طريق الإثم، قائلًا: "قد صار لي بيت إسرائيل زغلًا. كلهم نحاس وقصدير وحديد ورصاص في وسط كورٍ" (حز 22: 18). هذا يعني بالحقيقة أن الله شاء أن ينقيهم في نار غضبه والآلام، ليصّيرهم ذهبًا أو فضة، ولكنهم "ابتعدوا عني، وصاروا نحاسًا وقصديرًا وحديدًا ورصاصًا، لكنهم حتى في وسط المحن، أقدموا ليس على الفضيلة، بل على فعل الرذيلة.
إن النحاس يدوي بصوت عال أكثر من أي معدن آخر عندما ندقه. لذلك عندما يتطهر الإنسان، يصدر أصوات، وكأنه صار نحاسًا في وسط كور.
وعندما يعالج القصدير بمهارة، يظهر زيفا وكأنه فضة. لذلك فالذين لم يتخلوا عن رذيلة حب التظاهر وهم في وسط الآلام، صاروا قصديرًا في الكور.
كذلك يستخدم الإنسان الحديد في الكور عندما يؤذي الإخوة جيرانه حتى وهم في وسط العذابات.
أما الرصاص فهو أثقل المعادن، لذلك فان الذين تثقلوا بحمل الخطايا ولم تستطع حتى الآلام أن تبعدهم عن الشهوات الأرضية، صاروا وكأنهم رصاص في الكور. لأجل ذلك كُتِبَ بحزقيال النبي: "بمشقات تَعِبَت، ولم تخرج منها كثرة زِنْجَارُها؛ في النار زنجارها" (حز 24: 12).
يُسَلِطْ الله علينا نار الدينونة حتى يطهرنا من زنجار (صدأ) الإثم والرذائل. إن الزنجار لم يخرج حتى بالنار، لأننا ونحن في وسط البلايا والآلام، لم ننفض عنا الرذائل. لذلك أيضًا يقول النبي: "باطلًا صاغ الصائغ، والأشرار لا يفرزون (فضة مرفوضة يُدْعَوْنَ. لأن الرب قد رفضهم)" (إر 6: 29-30).
ولندرك مع ذلك أن الذين لا تدفعهم البلايا للإصلاح، قد تهدئ العظات الرقيقة المحبة من روعهم. والذين لا تصلح الآلام في إصلاحهم، قد تثنيهم المداهنة عن فعل الشر. وكما هو معروف، أن الإنسان العليل قد لا تشفيه الجرعات العالية من العقاقير، بينما غالبًا ما تستعيده المياه الفاترة فقط إلى الحالة الطبيعية. كذلك بعض الجراحات التي لا تشفيها عمليات الاستئصال، يكفيها بعض التضميد بالزيت لتشفيها. وكذلك أيضًا الماس القوي لا يقطعه الصلب إطلاقًا ولكن دماء الماعز قد تلينه.
البابا غريغوريوس (الكبير)
|
|
|
|