الموضوع
:
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عرض مشاركة واحدة
08 - 05 - 2024, 05:01 PM
رقم المشاركة : (
159762
)
Mary Naeem
† Admin Woman †
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة :
9
تـاريخ التسجيـل :
May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة :
Egypt
المشاركـــــــات :
1,355,744
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"فيض الكلمة" بين كاتبي نبؤة اشعيا والإنجيل الثاني
مُقدّمة
نختتم أيّها القراء الأفاضل إحتفالاتنا بسرّ تجسد الرّبّ من خلال التوقف أمام كلمات النبي اشعيا بالعهد الثاني (55: 1- 11) وهو يدعونا إلى الإكتمال والإتمّام. في الاحتفال بمعمودية الرب تختتم الأعياد الميلاديّة. يقوم هذا النص بكشف الجديد عن إحتفالنا بسرّ المعموديّة، ويشير النبي لقلب الحدث من وجهة نظر أخرى. أما بالنسبة لنص العهد الجديد سنوقف أمام آيات قليلة، بحسب مرقس (1: 7-11)، حيث تكشف هذه الآيات عن سرّ إنغماس يسوع في معموديتنا الّتي تؤهل، الـمُعمدين، بالدخول في سرّ يسوع الفصحي وهو موته وقيامته. المقطع الإنجيلي (مرقس 1، 7 – 11)، وهو حدث أساسي في بشارة مرقس، حيث يقدم جزء أوّل من خلال الكلمات الّتي أعلنها يوحنّا المعمدان عن يسوع وجزء ثانيّ حيث يتم سرد حدث معمودية ابن الله بنهر الأردن، وهو الّذي بدون خطيئة، سنتعرف على أسباب معمودية يسوع الّذي يكشفها مرقس مستندين على التوازيّ الّذي تعكسه آيات اشعيا. نهدف من خلال هذا المقال أنّ نجدد معموديتنا ونرافق يسوع الّذي يقف في طف الخطأة وهو لا ينتمي له، بل ليشاركنا بشريتنا الضعيفة، ويحررنا مما يعوقنا للتواصل مع الله الآب.
1. الدعوة النبويّة (اش 55: 1-11)
تأتينا كلمات النبي اشعيا بهذا مقطع ختامي، من الجزء الثاني بالنبؤة بالإصحاحات 40-55، ونطلق عليه في اللّاهوت الكتابي "كتاب التعزيّة". يشمل هذا الجزء على رسائل تحمل رجاء وأمل لذا سُميّ بالـ "التعزيّة" من قِبل الرّبّ الّذي يفتقد شعبه. تتلخص هذه الدعوة النبويّة في قول النبي: «إِلتَمِسوا الرَّبَّ ما دامَ يوجَد، أُدْعوه ما دامَ قَريبًا» (اش 55: 6). تشير هذه الدعوة للحضور الإلهيّ السريّ وفي ذات الوقت لقُربه لبني البشر.
يستخدم النبي صور رمزيّة سنفهم مغزاها لاحقًا على ضوء كلمات مرقس الإنجيلي: «لِأَنَّه كما يَنزِلُ المَطَرُ والثَّلجُ مِنَ السَّماء ولا يَرجِعُ إِلى هُناك دونَ أَن يُروِيَ الأَرض ويَجعَلَها تُنتِجُ وتُنبِت لِتُؤتِيَ الزَّارعَ زَرعاً والآكِلَ طَعاماً فكذلك تَكونُ كَلِمَتي الَّتي تَخرُجُ مِن فمي، لا تَرجِعُ إِلَيَّ فارِغة بل تُتِمُّ ما شِئتُ وتَنجَحُ فيما أَرسَلْتُها لَه» (اش 55: 10- 11). حينما يتكلم الله الآب على لسان النبي، يعطينا نظرة إستباقيّة لما سنراه مُكتمًلا ومُتممًّا في يسوع ابنه الّذي يتحاور معه ويضع فيه عزاء البشريّة. ينادي النبي بني عصره، من خلال فعل الأمر، قائلاً: «أَيُّها العِطاشُ جَميعاً هَلُمُّوا» (اش 55: 1). وهنا يطلب الرّبّ السماع حتى يكشف ما يعزي شعبه: «إسمَعوا لي سَماعاً وكُلوا الطَّيِّب ولتتَلَذَّذْ بِالدَّسَمِ نُفوسُكم. أَميلوا آذانَكم وهَلُمُّوا إِلَيَّ إِسمَعوا [...] أُعاهِدُكم عَهداً أَبَدِيّاً» (اش 55: 2-3). تكشف هذه الكلمات الكثير عن المخطط الإلهي الّذي لازال الله الآب يفاجئ به مَن يترك أذانه للسماع للصوت الإلهي مُعلنًا: «أَفكاري لَيسَت أَفْكارَكم ولا طرقُكم طُرُقي» (اش 55: 8). وهذا ما سيعلنه لاحقًا الله الآب في الابن الّذي يُجسدّ أفكار ويصير الطريق للآب.
2. يسوع الـمُعمدّ: إتضاع الله (مر 1: 7- 10)
يُقرب مرقس الإنجيلي في صورة يسوع الـمُعمد بنهر الأردن، حيث يمكننا أنّ نتعرف على جذرها الكتابي في الصورة الّتي سبقّ اشعيا باستخدامها، وهي صورة المطر والثلج الّذي لا ينزل من السماء دون أن يُخصِّب الأرض فتأتي بثمر. تساعدنا هذا التوازيّ، بين النصيين، على الربط بالإنطلاق من معمودية الرّبّ إلى معموديتنا، كإندماج من جانبنا في حياته الخاصة. وفي شخص يسوع الـمُعمدّ تظهر حقيقة الله وهي إتضاعه كإله بيننا ولأجلنا.
يرويّ مرقس في الجزء الأوّل من هذا المقطع (1: 7-8) وصفه لرسالة المعمدان ونبوءته. ثم يعلن كلماته لاحقًا (1: 9- 10) تلك المتعلّقة بيسوع نفسه. وتدعونا هذه الكلمات إلى قراءة سرّ معمودية الرّبّ من منظور إتضاعه في لقائه من خلال يسوع ابنه بكل إنسان: رجل وإمرأة. ومن جانب آخر يكشف مرقس عن تضامن يسوع مع كل البشريّة، من خلال معموديّته، ليحررنا من كل خطيئة تعوق طريقنا للتقدم نحو الله الآب، كأبناء في تضامن الابن. في يسوع الصامت والـمُعمدّ نرى تواضع الله وإكتمال مخططه الإلهي.
3. صوت الآب: فيضّ الكلمة (مر 1: 11)
تزوّدنا الآيات الإشعيائية الّتي توقفنا عليها قبلاً (اش 55: 1- 11) بمفتاح ذو أهميّة لّاهوتيّة خاصة بمقطع الإنجيل بحسب مرقس مما يساعدنا على فِهم السرّ الّذي يتم الاحتفال به في هذا الأسبوع الّذي يفصل بين الزمن الميلاديّ والزمن العادي بالليتورجيّة الكنسيّة. للوهلة الأوّلى تصلنا كمؤمنين رسالة واضحة من كلمات مرقس إذ تكشف عن إعلان أبويّ خاص، إذ يُسمعنا الإنجيلي صوت الله الآب، وهذا نادر بالعهد الجديد، يتحاور الله الآب داخل عالمنا البشري ويكشف عما هو جديد في ابنه ويصير هو بكلمته من العهد الأوّل للعهد الثاني حتى تصل لذروتها في الابن فيضّ الحبّ الأبويّ على البشر.
في أوّل يّوم لخروج يسوع للحياة العلّانيّة، بحسب مرقس، أيّ بعد ثلاثين عام من ولادة يسوع ببيت لحم ونشأته بمدينة الناصرة بشكل سريّ، نسمع الله الآب متوجهًا نحو يسوع قائلاً: «أَنتَ ابنِيَ الحَبيب، عَنكَ رَضيت» (مر 1: 11). هذه هي "الرسالة" الإنجيليّة الّتي يحويها مقالنا، إذ هي فريدة لأنها تروي شكل الحب اللامتناهي والكامل والمجانيّ لإلهنا في صورة الآب والأم معًا وهو الّذي يكرر لي هذه الكلمات كل يوم ويدعو كلاً منا اليّوم إلى التشبه به في طريقته الخاصة في الحب، في أسلوب حياته، في طريقة حضوره بالعالم. لهذا السبب لا نشعر بالحاجة إلى أيّ شيء آخر، لدينا في يسوع، ابن الله، المرضى عنه، كلّ ما تحتاجه بشريتنا لتشعر بالحب. مدعوين اليّوم وكل يّوم لنتعلم يّومًا بعد يّوم أنّ نتضامن مثله مع الأخ والأخت الذين يسيرون في طريق حياتنا.
4. التنصّيب المسيّاني (مر 1: 7-8)
كلمات يوحنّا المعمدان هذه: «يَأتي بَعدي مَن هو أَقوى مِنيِّ، مَن لَستُ أهلاً لِأَن أَنَحنِيَ فأَفُكَ رِباطَ حِذائِه. أَنا عَمَّدتُكم بِالماء، وأَمَّا هُوَ فيُعَمِّدُكم بِالرُّوحِ القُدُس» (مر 1: 7- 8). هذه الكلمات ليست مجرد مقدمة لسرد حدث معمودية يسوع، ولكنها أساسيّة بحسب اللّاهوت المرقسيّ. فهو لم يسرد في بشارته أناجيل طفولة يسوع مثل متّى ولوقا، لكنه لا يكفّ عن الحديث عن شيء من حياة يسوع الّتي سبقت رسالته في الحياة العلّانيّة. يكشف المعمدان بقوله: "يأتي بعدي". لقد وُلدّ يسوع "بعد" يوحنّا، وردأ رسالته بعده ويمكننا القول إنّ رسالة يسوع بدأت "بعد" رسالة يوحنّا. هذا هو معنى تواضع الإله الـمُتجسد. فقد كان يوحنّا معلمًا ليسوع، بطريقة ما، يُمثل المعمدان كلّ الكتب المقدسة.كان يسوع تلميذاً للكتب المقدسة العبريّة بإسرائيل. هذا التعليم المرقسي، هو أحد الطرق الحديثة الّتي يستخدمها مرقس ليكشف عن تجسد الله. يقدم لنا مرقس بهذه الكلمات التبشير في "ما قبل" أن تبدأ رسالة يسوع والّتي سيفتتحها مرقس بمعمودية يسوع، ابن الله.
يروي الإنجيلي بالجزء الثاني (مر 1: 9-11) الحدث الفعليّ لمعموديّة يسوع. هذا هو الحدث الأساسيّ الّذي يرتكز ليس على المعمودية، بل على "الظهور الإلهي" الّذي يتبعه. حيث كانت معمودية يوحنّا للتوبة ولغفران الخطايا (راج مر1: 4)، بحسب اللّاهوتيين لهذا السبب وبنوع من "التواضع" يصف مرقس أيضًا معمودية يسوع بطريقة جوهريّة. ومع ذلك، فهي حقيقة ذات أهميّة خاصة حيث تشير للمعنى العميق للتجسد. في المعموديّة، يقف يسوع متضامنًا مع إنسانيتنا، أيّ البشرية الخاطئة. في يسوع، جعل الله المستحيل ممكنًا إذ أرسلَ ابنه في شبه جسد الخطية (راج روم 8: 3). يوجه يسوع حياته من خلال المعمودية، فهو يختار إرادة الآب والتضامن مع البشرية المتألمة.يليّ معمودية يسوع، الكشف أو الظهور الإلهيّ، إذّ أنّ السماء مفتوحة إشارة إلى نبؤة اشعيا الّتي يلقي الله الآب بكلمته ليخصب بشريتنا. ثم تأتي هبة الرّوح الّتي تشير إلى تنصيب يسوع المسيّاني بمسحة الروح (راج أع 10: 38). يشهد صوت الآب من السماء بأنّ تضامن يسوع، مع البشرية الخاطئة، هو حسب إرادة الآب. يُسر الآب بالابن الّذي يُتمم إرادته مُتضامنًا مع البشريّة الجريحة.
الخلّاصة
تنقلبنا بين آيات نبوءة اشعيا (55: 1-11) الّتي إستبق بها الخصوبة الّتي تُحي وتعزي شعب إسرائيل في صورة المطر والتلج. فهي كالرسالة الّتي يتلقاها الابن من الآب بحسب المقطع الإنجيلي (مر 1: 7-11) والّذي تأملنا فيه جوهر رسالة يسوع والّتي تشير لجوهر رسالتنا كشعب مُعمَّد، إذ صرنا أبناء في الابن الّذي تضامن مع بشريتنا الهشّة ومنحنا بنوة الله الآب. لذا مدعويّن كمؤمنين مُعمديّن أن نعترف بمسيّانيّ يسوع وسره الّذي يُخصب حياتنا فنصير مثله مُتممين لإرادة الله الآب، فنسمعه يهمس لكلاً منا: أنت هو ابني وابنتي الّذين عنهم أرضي، فنصير فيما هو للآب. دُمتم أيّها القراء، في مسيرة لنوال فيض الكلمة الإلهيّة، مُعمدين بالقلب وبالحياة ومتضامنين مع كل إنسان مثل يسوع الـمُعمد.
الأوسمة والجوائز لـ »
Mary Naeem
الأوسمة والجوائز
لا توجد أوسمة
بينات الاتصال لـ »
Mary Naeem
بينات الاتصال
لا توجد بينات للاتصال
اخر مواضيع »
Mary Naeem
المواضيع
لا توجد مواضيع
Mary Naeem
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى Mary Naeem
زيارة موقع Mary Naeem المفضل
البحث عن كل مشاركات Mary Naeem