548 - حين يحل الشتاء تختفي الشمس وتخف حدة حرارتها . تفصلنا عنها سحب ٌ قاتمة داكنة ٌ سوداء تُخفي نورها ودفئها ، وتتزايد السحب وتتراكم وتتجمع وتتكاثف وتثقل ، وتنهمر مطرا ً غزيرا ً يغرق الارض ويهدم الجسور وتفيض الانهار ، أو تسقط ثلجا ً ثقيلا ً يغطي الشجر والبيوت والشوارع ، وتُجمّد الحياة . يحل البرد وترتجف الاجساد وتنتشر الامراض . ونرفع عيوننا الى فوق ، ويصدمنا السحاب المتراكم الاسود ومن خلفه ِ الشمس ضعيفة ، عاجزة ، هامدة ، تظهر وتختفي . حين تظهر تلقي باشعتها فوق السحاب تحاول ان تخترقه . فإن عجزت حرارتها أن تطرد السحاب وتذيبه وتدفعه بعيدا ً ، فهي تهاجم سواده وتخفف ظلاله وترسم حوله اطارا ً فضيا ً . وتبدو في السماء لوحة ٌ رائعة من اعجاز الله في خلقه .
حين تتلبد الغيوم لا تركز نظرك في قلبها الاسود . انظر الى اطارها الفضي ، تأكد ان الشمس هناك خلفها ، وستتغلب عليها ، ستطردها ، ستذيبها ، ستبعدها . وسيأتي الربيع ، ينتهي الشتاء ويحل الربيع . مهما اجتمعت سحب المتاعب والمشاكل واظلمت الدنيا حولك ، فالله هناك ، موجود ٌ ، ممجد ٌ ، قائم ٌ ، حي . لا تغرق نفسك في ظلمة اليأس والفشل ، وحتى حين لا ترى الله ظاهرا ً ملموسا ً ، فاعماله ُ حولك اطار ٌ فضي ٌ رائع . في وسط البرية والشعب يسير تائها ، يائسا ً ، عاجزا ً ، حين صرخ شعب الله مهاجمين موسى وهارون ، والتفت الشعب نحو البرية " وَإِذَا مَجْدُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي السَّحَابِ." ( خروج 16 : 10 ) وامطر الله من السحاب طعاما ً اشبع الجياع واحياهم . وتبدل الحزن الى فرح ، والشكوى الى تمجيد ٍ لله .
لا تنظر الى السحاب ، بل انظر لمن هو فوق السحاب . لا تحيا ظلام الشتاء وبرودته ، عش الربيع القادم عليك . مجد الله هناك ، في السحاب . ابدا ً لن يسود السحاب ، ابدا ً .