) جهود للحفاظ على الألحان القبطية :
1. المعلم تكلا :
· لا بد أولا أن نذكر بالعرفان جهود البابا كيرلس الرابع (1853 – 1861 م.) أبى الإصلاح, والذى بفضل مجهوداته وتشجيعه استعادت الألحان القبطية صحوتها بع فترة ركود وضعف. كان المعلم تكلا معاصرا للبابا كيرلس الرابع, وآزره البابا بكل الوسائل والإمكانيات, فبحث المعلم تكلا فى كل مكان وجاب البلاد طولا وعرضا وما من لحن وجده سليما إلا وإعتمده, حتى جمع الألحان كلها على أحسن صورة والتى يشملها طقس الكنيسة, فصار المعلم تكلا هو معلم الكتـّاب الملحق بالكنيسة البطريركية الذى كان يتعلم فيه أولاد الأعيان, إلى أن أنشأ البابا كيرلس الرابع مدرسة الأقباط الكبرى فعين المعلم تكلا معلما للألحان بها, وبعد ذلك رسمه قسا على الكاتدرائية لبالغ اهتمامه بطقس الكنيسة.
· وضع المعلم تكلا وعريان بك مفتاح (أستاذ اللغة القبطية فى ذلك العصر), لأول مرة كتاب خدمة الشماس وقد طبع حوالى سنة 1860 م.
· وبموافقة البابا كيرلس الرابع أضاف المعلم تكلا إلى الألحان القبطية بضعة ألحان يونانية قديمة, هى اثنا عشر لحنا, لم يبق منها حتى اليوم سوى القليل منها: لحن يقال فى عيد الميلاد وهو لحن "ايبارثينوس ... اليوم البتول تلد الفائق الجوهر", واثنان يقالان فى دورة عيد القيامة والخماسين المقدسة وهما لحن "تون سينا نارخون لوغون ... نسبح نحن المؤمنين" ولخن "توليثوس فراجيس .. لما ختم الحجر من اليهود"
· وقد دبر الله سبعة عباقرة أن يدرسوا على يد المعلم تكلا, فإستلموا منه الألحان كلها فكانت نهضة للحن الكنسى, ومن أشهرهم المعلم مرقس والمعلم أرمانيوس.
2. المعلم ميخائيل جرجس البتانونى
· ولد فى 14 سبتمبر سنة 1873 م. بالقاهرة وكان فى صباه يبصر قليلا وبعد ثلاث سنين أصيب بالرمد فسلمه والده الى الكنيسة ليتعلم الألحان ولم يكن يبخل عليه بالمال فى سبيل تحقيق ذلك, فتتلمذ على يد المرتلين مرقس وأرمانيوس (تلاميذ المعلم تكلا), وما أن بلغ التاسعة عشرة من عمره حتى كان قد استوعب الألحان وملك زمامها.
· رسمه البابا كيرلس الخامس شماسا فى سنة 1886 م. ثم إرتقى إلى منصب كبير المرتلين فى الكاتدرائية المرقسية فى سن مبكرة, بعد أن إلتحق بالإكليريكية عام 1891 م. , وفى 2 نوفمبر عام 1893 م. عين مدرسا للألحان بالإكليريكية وكان معروفا بدقته فى الآداء وجمال صوته وحفاظه على أصول هذه الألحان. ولم يتوانى عن تحصيل وتثبيت الألحان مع كبار المرتلين خاصة بعد انتقال المرتلان مرقس وأرمانيوس, وكان دؤوب فى البحث عن كل لحن جديد لم يحفظه من قبل.
· أسس المعلم ميخائيل مدرسة للعرفاء العميان بالزيتون عام 1901 م. وقام بإعداد كتب للألحان القبطية على طريقة "بريل" لمساعدة المكفوفين. ومنح لقب البكوية لمجهوداته الكبيرة فى نقل القداس القبطى إلى اللغة العربية فى عهد البابا كيرلس الخامس (1874 – 1928 م.), المعروف بحبه وإجادته للألحان القبطية.
· أكد المعلم ميخائيل للأستاذ الدكتور راغب مفتاح أن موسيقى القداس الكيرلسى تلاشت منذ زمن بعيد ولم يبق منها إلا لحن الترحيم (أووه ناى نيم), واللحن الذى يقال فى نهاية المجمع (ليس إننا نحن أيها السيد) وهو مرد المجمع الكيرلسى, ويلحن بلحن أيوب, أى بلحن الحزن. وبعد ذلك ألف طريقة لبعض أجزاء لهذا القداس (أما عن الطريقة التى كان يستعملها المتنيح البابا مكاريوس الثالث, فقد غثر على وثيقة بخط يده يقول فيها أنها من عندياته, وأنه يصلى بها ويرتاح اليها).
· عمل المعلم ميخائيل مع أ.د. راغب مفتاح مدة أربعين سنة بدأت فى شتاء سنة 1928 م. مع حضور الفنان الموسيقى العالمى نيولاند سميث, فى تسجيل العديد من تراث الألحان القبطية, وكان انتقاله فى يوم 18 أبريل سنة 1957 م.