عرض مشاركة واحدة
قديم 05 - 09 - 2012, 08:20 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
Marina Greiss Female
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Marina Greiss

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 14
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : USA
المشاركـــــــات : 20,933

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Marina Greiss غير متواجد حالياً

افتراضي رد: تاريخ الاحتفال بعيد الميلاد .. بقلم الراهب كاراس المحرقي

عيد الميلاد في التاريخ


إنَّ كل من يرجع للتاريخ القديم، لا يجد أي أثر للاحتفال بعيد ميلاد المسيح في فجر المسيحية، ويرجع ذلك لعدة أسباب:


1- كان الاحتفال بعيد القيامة يستقطب كل شيء، وقد استمر يوم الأحد بمثابة عيد فصح أُسبوعيّ، ثم ظهرت بعد ذلك رغبة شديدة، في الاحتفال بواحد من آحاد السنة بطريقة مُميَّزة كونه عيداً للقيامة*

2- كانت الكنيسة ترى أن الاحتفال بأعياد الميلاد هى عادة وثنية يجب نبذها، وقد صرّح أوريجانوس في أوائل (ق3)، بأنَّ الكنيسة لا تنظر بعين الرضى إلى مثل هذه العوائد، وأشار إلى أنَّ الكتاب المُقدَّس لم يذكر إلاَّ عيد ميلاد فرعون وهيرودس، فأحدهما في نظره وثنيّ والثانيّ كافر*

3- أما السبب الثالث فهو روحيّ فقد رأت الكنيسة، أنَّ عيد ميلاد القديس الحقيقيّ يوم نياحته ودخوله السماء، ولهذا عندما بدأت تُكرم الشهداء والقديسين في (ق3م)، صارت تحتفل بذكراهم في يوم استشهادهم.
من هذا نفهم عـدم اهتمام الكنيسـة الناشئة، بالبحث عن تاريخ ميلاد المسيح والاحتفال به.

لكنَّ الفكر المسيحيّ بدأ يتطور، وأدرك المسيحيون أنَّ المسيح يمتاز عن الرسل والشهداء والقديسين بكونه مُخلّصاً وفاديّاً.. ولهذا فكل حدث تاريخيَّ في حياته له معنى لاهوتيّ وقيمة خلاصيّة لا يُستهان بها وبالتالي لا يجوز تجاهلها.. ولأنَّ التجسّد هو أول حلقة في سلسلة الفداء، فكان ولابد أن تبحث الكنيسة عن يوم ميلاد المسيح ولو على وجه التقريب، كما أنَّ المناظرات العنيفة من (ق 4- 6) حول لاهوت المسيح وتجسّده، قد ساهمت في تزايد أهمية العيد.

ويحاول البعض نسبة عيد الميلاد إلى الرسل، مستندين في ذلك إلى ما جاء في الدسقولية: " يا إخوتنا تحفَّظوا في أيام الأعياد التي هى عيد ميلاد الرب وكمّلوه في خمسة وعشرين من الشهر التاسع الذي للعبرانيين، الذي هو التاسع والعشرون من الشهر الرابع الذي للمصريين (كيهك) *

إلاَّ أنَّ كتاب الدسقولية متأخر العهد، وذلك بشهادة العلماء والمؤرخين الكنسيين، فقد ظهر في سوريا، وهو من مدونات القرن الثالث الميلاديّ* وقد رفض الدارسون أن يكون كاتب الدسقولية أحد الرسل، وإلى الآن لم يستطع أحد أن يتعرّف على كاتبها*، أمَّا اسم الدسقولية أو تعاليم الرسل، فيقصد به واضعها أن يُقدّم صورة واضحة ومختصرة لتعاليم المسيح كما علّمها الرسل للأمم.

في القرن الثاني، ومن كتابات القديس أكليمنضس السكندريّ (150-215م)، نعرف أنَّ أتباع باسيليدس قد أقاموا عيداً خاصاً للاحتفال بظهور الرب(الغطاس) في (11طوبة = 6 يناير) وكرَّسوا عشية هذا العيد للصلاة وقراءة الكتب الدينية *

أمَّا باسيليدس فهو أحد رؤساء جماعات الغنوسيين، أو العارفين بالله كما يُترجم اسمهم، وهو المؤسس الأول للمدرسة الغنوسيّة في مصر سنة (130م)، وقد انحرفوا في معتقدات كثيرة أخطرها بدعتهم أنَّ المسيح إنسان كسائر البشر، ثم أصبح ابن الله في عماده، عندما حل عليه الروح القدس على هيئة حمامة، وتبناه الآب بقوله: " هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ" (مت17:3).

ولكن لماذا تم اختيار يوم " 6 يناير " بالذات كميعاد ثابت للاحتفال بالعيد؟! يرجع ذلك إلى اعتقاد كان سائداً لدى سكان الإسكندرية، يُوحي بأنَّ مياه النيل تنال في هذا اليوم قوة عجائبية خاصة، تمنح الشفاء لكل من يستخدمها بسبب إلقاء جسد الإله أوزوريس فيها، كما كانت الإسكندرية تحتفل فى نفس اليوم بعيد ميلاد إله المدينة "إيون" وهو حسب اعتقادهم ابن العذراء " كوري" وهى على وجه الترجيح " إيزيس ".

فماذا فعلت الكنيسة إزاء هذه المعتقدات الفاسدة؟

شجبت بدعة باسيليدس وأتباعه، ولكنها ظلت تحتفل بعيد ظهور ابن الله ولكن ليس حسب مفهومهم الخاطيء، فكانت تُقيم عيد الميلاد في (5 يناير) مساءً، وتحتفل بالعماد في صباح اليوم التالي أي (6يناير).

وهكذا بقيت الكنيسة تُقيم العيدين معاً فترة من الزمن، ثم فصلت أحدهما عن الآخر، فبقي عيد الغطاس كما هو في (6يناير)، وتم نقل عيد الميلاد إلى (25 ديسمبر)، ولا ندري متى تم هذا الفصل بالتحديد، فالأرجح أنَّ كنيسة روما هى التي قامت بهذه الخطوة في عهد البابا يوليوس الأول، في الفترة ما بين (336 – 352م)، ولا تزال القضية بين يدي علماء التاريخ *
نستطيع أن نقول: إنَّ روما هى أصل نشأة عيد الميلاد، كما أنَّ الإسكندرية أصل نشأة عيد الغطاس، ولكن عيد الغطاس متقدّم في الزمن عن عيد الميلاد الذي لم يظهر إلاَّ في وقت متأخر نسبياً، ففي مطلع القرن الثالث لم يكن عيد الميلاد معروفاً، لكن في هذا الوقت ظهرت محاولات مختلفة لتحديد تاريخ عيد ميلاد المسيح، ويؤكد هذا ما جاء في كتاب " حساب الفصح " المنسوب للقديس " كبريانوس " أسقف قرطاجنة (200- 258م)، والذي يضع ميلاد المسيح في (28 مارس).

أمَّا في منتصف (ق4) كانت روما تحتفل بعيد الميلاد في (25 ديسمبر)، وأول ذِكر محقق لذلك ورد في التقويم الفيلوكالي*

فما هى الأسباب التي دفعت كنيسة روما إلى الاحتفال بميلاد المسيح في (25 ديسمبر)؟ أغلب المؤرخون يعتقدون أنَّ سبب ذلك اليوم يرجع إلى سببين:

الأول: لاهوتيّ.
الثاني: رعويّ.

فمن المعروف أنّ مجمع نيقية سنة (325م)، قد أعلن أُلوهيّة المسيح منذ ميلاده، فكان ولابد من رفع الالتباس الناتج عن الاحتفال مع أتباع باسيليدس بعيد الظهور الإلهيّ، ثم تقييم ذكرى الميلاد وكشف رموز هذا السر العظيم وإظهار معانيه، وهذا يعني ضرورة فصل العيدين، فبقى عيد الغطاس في (6يناير= 11 طوبة)، ونُقل عيد الميلاد إلى (25 ديسمبر).
أمَّا اختيار يوم (25 ديسمبر) فقد فرضه على الكنيسة داعٍ رعويّ محض، فمن الواضح أنَّ يوم (25ديسمبر) يقع في الشتاء، وحوادث الميلاد تؤكَّد أنَّ المسيح لم يولد في الشتاء، لأنَّ الكتاب المقدس قد ذكر أنَّ الملاك عندما بشّر الرعاة، كانوا ساهرين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم، ولا يُعقل أنَّهم في الشتاء القارص يسهرون فى العراء (لو8:2).

فالذي حدث هو الآتي:

إنَّ الإمبراطور الرومانيّ أوريليان (270 – 275م)، قد أدخل في سنة (274م) إلى العاصمة الرومانية، الاحتفال بالشمس التي لا تُقهر في (25 ديسمبر)، ومن علماء الكنيسة من يقول:

إنَّ يوم (25 ديسمبر) كانت تُجرى فيه الاحتفالات بعبادة الإله " مثراMithras "، إله النور عند الفرس الأقدمين للميلاد *وقد ذُكر اسم" مثرا " كأحد الآلهة الهندية في القرن السادس عشر قبل الميلاد، كشاهد قوى على معاهدة أُبرمت بين ملكين، ولمَّا ظهرت الديانة الزَرَادشتية انتقل " مثرا " من غرب آسيا إلى بلاد فارس (إيران)، وأطلقوا عليه لقب إله النور، ثم ارتفعت مكانته حتى صار حارس البشرية في كل مكان، ومراقب كل المعاهدات، والمنتقم من كاسرى العهود، والمنتصر في كل الحروب..
وأخيراً دخل " مثرا " إلى الإمبراطورية الرومانية، وبدأت ديانته تنتشر من بدء حكم القيصر تراجان، وقد عُرفت باسم الديانة المثرية "Mithrsism "، ويرجع سبب انتشارها بهذه السرعة وهذا العمق، إلى عساكر الجيوش الرومانية الذين اعتنقوها وحملوها إلى أي مكان ذهبوا إليه، ثم إلى أسرى الحروب الذين حملوها معهم إلى روما قلب الدولة الرومانية.

هذه هى ديانة " مثرا " وفيها نجد التشابه الكبير بينها وبين ديانتنا المسيحية في طقوس كثيرة، كالمعمودية والمائدة المقدسة واختبار الموت والقيامة مع الإله.. ولكن ما الذي يميّز المسيحية عن الديانة المثرية؟
الفرق العظيم هو أنَّ المسيحية بُنيت على حقيقة تاريخية ملموسة، ومركزها هو شخص حقيقيّ عاش في التاريخ ومات ثم قام.. أمَّا ديانة مثرا فهى طقسية بُنيت على أُسطورة لا أساس تاريخيّ لها هى من خيال الإنسان، الذي يُريد الخلاص من التعاسة والإحساس بالخطية والخوف من الموت وضمان الخلود لنفسه*

إذن فعيد ميلاد الشمس شرقيّ الأصل، فهو جزء من عبادة الإله " مثرا "، وهى ديانة وثنية ذات طقوس سرية يعرفها من يعتنقها، ومركزها عبادة الشمس الإله غير المقهور، فالشعوب القديمة كانت تعتقد أنَّ الشمس تسير في طريقها إلى الموت بسبب ضعف حرارتها في الشتاء، حتى تصل إلى أقصى الضعف يوم (21 ديسمبر) ثم تبدأ بعد ذلك في الحياة.

أو بمعنى آخر إنَّ الشمس تولد من جديد كل عام في (25 ديسمبر) وهو اليوم الذي فيه تعود الشمس إلى الارتفاع في كبد السماء، فيطول الليل وترتفع درجة حرارتها، كأنَّ الشمس قد استعادت قواها وانتصرت على قوى الظلام! وتكريماً لهذا الإله كان الرومان يقيمون الألعاب ويشعلون النار ويسجدون للشمس..

ونظراً للاحتفالات العظيمة التي كانت تُقام في هذا العيد، انقاد المسيحيون الذين لم يكن إيمانهم قد كمُل للتيار الوثنيّ، وراحوا يكرمون هم أيضاً الشمس! فلمَّا أرادت الكنيسة أن تحمي وتُبعد أبناءها عن هذه المعتقدات الوثنية الفاسدة، نقلت عيد الميلاد إلى هذا اليوم، وبهذا المنهج في فهم سيكولوجية الشعوب، نجح الغرب في استبدال عيد الشمس بعيد ميلاد المسيح، الذي وصفه ملاخd النبيّ بـ " شَمْسُ الْبِرِّ وَالشِّفَاءُ فِي أَجْنِحَتِهَا" (ملا2:4)، و" النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِياً إِلَى الْعَالَمِ" (يو9:1)، وقد ساعد على ذلك أنَّ المسيحية قد صارت الديانة الرسمية في الإمبراطورية الرومانية، في عهد قسطنطين الملك في (ق4م).
يقول (بروفسير شيرني) أُستاذ المصريات بجامعة أُكسفورد:

إن اختيار (25 ديسمبر) الذي كان يوافق (29 كيهك) قبل التعديل الغريغوريّ، تاريخاً لميلاد المسيح واحتفالات الكريسماس، هو تخليد لعيد الشمس القديم للاحتفال بميلاد " رع " إله الشمس، وهو يعرف بالمصرية القديمة باسم " ما سو رع " أي " ميلاد رع " *

هذا وقد جاء في قاموس أُكسفورد: ومثل عيد الميلاد عيد الفصح، تحوّل من عيد وثنيّ إلى عيد مسيحيّ*

وفي منتصف القرن الرابع كانت روما تحتفل بعيد الميلاد في هذا التاريخ (25 ديسمبر)، كما يظهر في التقويم الفيلوكاليّ سنة (354م).

وقد أشار القديس أُمبرسيوس أسقف ميلانو (ق4)، إلى ذلك بقوله: " إن المسيح هو شمسنا الجديدة ".

وقد حث القديس أُغسطينوس مسيحيّ إفريقيا الشمالية فى (ق5)، على السجود في يوم (25 ديسمبر) لا للشمس بل لخالق الشمس *

لكن كنيسة روما لم تكتفِ بأنْ تعيّد لميلاد السيد المسيح في (25ديسمبر)، بل راحت تسعى إلى نشره في الشرق أيضاً، فلقيتالفكرة في البداية بعض الاعتراضات، لأنَّ الآباء الشرقيين وجدوا أنفسهم في حيرة، عندما حاولوا تحديد يوم ميلاد المسيح، لأنَّهم لم يهتموا قبل ذلك بهذه المسألة، ولكن مساعي كنيسة روما كُللت أخيراً بالنجاح.

وكانت أول كنيسة تبنت هذا التقويم الجديد هى كنيسة أنطاكية سنة (375م)، في عهد القديس يوحنَّا فم الذهب، الذي روى في عظة ألقاها سنة (386م)، أنَّ كنيسة أنطاكية بدأت ممارسة عيد الميلاد منفرداً عن عيد الغطاس منذ (10 سنوات) فقط، اعتماداً على مراسلات جرت له مع كنيسة روما، التي كانت سبقت أنطاكية في تحديد زمن العيد بوقت كثير.

يقول القديس يوحنَّا ذهبيّ الفم

" والحقيقة أنه لم يمضِ حتى الآن سوى عشر سنوات منذ أن تعرّفنا على هذا اليوم ( يقصد به يوم الميلاد 25 ديسمبر)، وبالرغم من ذلك ها هو قد ازدهر هذا اليوم وانتشر بسبب غيرتكم، وكأنَّه قد تُسلّم لنا منذ البدء، وهكذا لا يُخطئ الإنسان لو قال إن هذا العيد جديد وقديم معاً، جديد لأننا قد عرفناه حديثاً، وقديم لأنَّه هكذا اكتسب مساواة مع الأعياد القديمة.. وهذا اليوم كان معروفاً منذ البدء عند رجال الغرب، غير أنَّه وصلنا أخيراً منذ مدة وجيزة.. " *

ثم حذت القسطنطينية حذو أنطاكية ففي عام (380م) كانت القسطنطينية تحتفل بعيد الميلاد في (25 ديسمبر)، ونستدل على ذلك من عظة ألقاها القديس غريغوريوس النزينزيّ بطريرك القسطنطينية (330– 390م) عن عيد الميلاد في (25ديسمبر)، وعظة أُخرى عن الموضوع ذاته في نفس اليوم من العام التالي*

وفى عام (380م) كانت كنائس قيصرية كبادوكية في آسيا الصغرى، تحتفل هى أيضاً بعيد الميلاد في يوم (25 ديسمبر)، ونجد الدليل على ذلك في الخُطبة التي ألقاها القديس غريغوريوس النيسي- أُسقف نيسُس بتركيا (340 – ..4م) فى هذه السنة لتأبين القديس باسيليوس أسقف قيصرية، فنراه يُميّز بوضوح بين عيد الميلاد وعيد الظهور الإلهيّ *
  رد مع اقتباس