ثانيًا: الروح القدس في الليتورجيا
(1) إعلان إلوهية الروح القدس
x حينما نصلى نعلن إيماننا.. ولأننا نؤمن بالثالوث القدوس المتساوي.. ففي كل النصوص الليتورجية يرتبط الروح القدس مع الآب والابن في مساواة واحدة.. "نسجد لك أيها المسيح مع أبيك الصالح والروح القدس".
X وفي نهاية كل صلاة تقريبًا يُقال: "بالنعمة والرأفات ومحبة البشر اللواتي لابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومُخلِّصنا يسوع المسيح، هذا الذي من قِبله المجد والإكرام والعز والسجود، تليق بك معه مع الروح القدس، المحيى المساوي لك الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين".
X وفي كل رشومات يتم الرشم "باسم الآب ثم باسم الابن ثم باسم الروح القدس". وذلك في: تقدمة الحَمَل، درج البخور، على الدبل في الخطوبة والإكليل، في سيامات الشمامسة والكهنة والأساقفة، في المعمودية..... الخ. وبعد كل رشومات يُقال سرًا: "مجدًا وإكرامًا, إكرامًا ومجدًا للثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس".
X وفي البركة الرسولية يقول الأب الكاهن: "محبة الله الآب ونعمة الابن الوحيد ربنا وإلهنا ومُخلِّصنا يسوع المسيح وشركة وموهبة الروح القدس تكون مع جميعكم".
X وهناك مَرَد مشهور جدًا يردده الشعب كثيرًا وهو "ذكصابتري"، ومعناه "المجد للآب والابن والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين".
X في أوشية التقدمة يقول الأب الكاهن: "أيها السيد الرب يسوع المسيح الشريك الذاتي وكلمة الآب القدوس المساوي له مع الروح القدس".
X وفي تحليل الخدام نأخذ الحِل أولاً "من فم الثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس".
X في صلاة الحجاب في القداس الكيرلسي: "أعطني يارب روحك القدوس. النار غير الهيولية التي لا يُفكر فيها التي تأكل الضعفات وتحرق الموجودات الرديئة".
X في سر حلول الروح القدس في القداس الكيرلسي: "وأرسل إلى أسفل من علوك المُقدَّس، ومن مسكنك المستعد، ومن حضنك غير المحصور، ومن كرسي مملكة مجدك الباراقليط روحك القدوس الكائن بالأقنوم. غير المستحيل ولا متغير الرب المُحي الناطق في الناموس والأنبياء والرسل. الحال في كل مكان المالئ كل مكان ولا يحويه مكان. الفاعل بسلطة, بمسرتك, الطهر على الذين أحبهم وليس كالخادم. البسيط في طبيعته الكثير الأنواع في فِعله، ينبوع النعم الإلهية، المساوي لك، المنبثق منك، شريك كرسي مملكة مجدك...".
إن الروح القدس هو روح الله، وهو مساو للآب وللابن في الجوهر .. ولذلك يرتبط بهما في كل نداء. ونحن قد اعتمدنا باسم الثالوث .. "فاذهَبوا وتلمِذوا جميعَ الأُمَمِ وعَمدوهُمْ باسمِ الآبِ والاِبنِ والرّوحِ القُدُسِ" (مت28: 19).
ولذلك فالليتورجيا القبطية تؤكد على هذه الحقيقة، وترددها كثيرًا لتأكيد الإيمان وحفظه في قلوب وأذهان المؤمنين.
وفى الأجبية نصلى للروح القدس قائلين: "أيها الملك السمائي المُعزى، روح الحق، الحاضر في كل مكان، والمالئ الكل، كنز الصالحات، ومعطى الحياة.. هلم تفضل وحِل فينا وطهرنا من كل دنس أيها الصالح وخلِّص نفوسنا".
(2) الليتورجيا تبرز عمل الروح القدس فينا
(أ) فنحن هيكل للروح القدس:
& "أما تعلَمونَ أنَّكُمْ هيكلُ اللهِ، وروحُ اللهِ يَسكُنُ فيكُم؟" (1كو3: 16).
& "أم لستُمْ تعلَمونَ أنَّ جَسَدَكُمْ هو هيكلٌ للرّوحِ القُدُسِ الذي فيكُمُ، الذي لكُمْ مِنَ اللهِ، وأنَّكُمْ لستُمْ لأنفُسِكُمْ؟" (1كو6: 19).
X في صلاة تُقال عن الموعوظين (أوشية الموعوظين)، يُصلي الكاهن قائلاً: "إذ تعدهم هيكلاً لروحك القدوس".
X وفي ذكصولوجية للملاك ميخائيل: "يا ربنا يسوع المسيح اجعل لك فينا هيكلاً لروحك القدوس يعطيك تمجيدًا".
(ب) الامتلاء من الروح القدس:
بالرغم أننا مسكن للروح القدس .. لكننا دائمًا نطلب الامتلاء، كما كان يحدث لآبائنا الرسل الأطهار ..
& "حينَئذٍ امتَلأَ بُطرُسُ مِنَ الرّوحِ القُدُسِ وقالَ لهُمْ: "يا رؤَساءَ الشَّعبِ وشُيوخَ إسرائيلَ" (أع4: 8).
& "ولَمّا صَلَّوْا تزَعزَعَ المَكانُ الذي كانوا مُجتَمِعينَ فيهِ، وامتَلأَ الجميعُ مِنَ الرّوحِ القُدُسِ، وكانوا يتكلَّمونَ بكلامِ اللهِ بمُجاهَرَةٍ" (أع4: 31).
& "وأمّا شاوُلُ، الذي هو بولُسُ أيضًا، فامتَلأَ مِنَ الرّوحِ القُدُسِ وشَخَصَ إليهِ" (أع13: 9).
X وفي صلاة بعد أبانا في القداس الباسيلي، يصلي الكاهن سرًا: "لكي إذ طهرتنا كلنا، توحدنا بك من جهة تناولنا من أسرارك الإلهية، لكي نكون مملؤين من روحك القدوس".
X وفي قسمة صوم الرسل: "إذ أرسلت الروح القدس على الرسل في يوم البنطيقستي، وحل عليهم مثل ألسنة نار منقسمة على كل واحد منهم، وملأهم من كل معرفة وكل فهم وكل حكمة روحية كوعدك الصادق".
(ج) الروح القدس يُطهرنا:
X في صلاة صلح: "بالطهارة نتطهر ونتقدس من قِبَل وساطة روحك القدوس".
X وفي القداس الباسيلي: "وصيرنا أطهارًا بروحك القدوس".
X "واجعلهم أهلاً بغير عيب وبطهارة أن يقبلوا إليهم اليوم خاتم مسيحك وموهبة روحك القدوس المساوي لك" (المعمودية).
(د) فِعل الروح القدس في التجسد الإلهي:
يعلن قانون الإيمان عمل الروح القدس في التجسد الإلهي قائلاً: "هذا الذي من أجلنا ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء. وتأنس".
وهذه الحقيقة اللاهوتية تتكرر كثيرًا في الليتورجيا القبطية..
X ففي القداس الباسيلي: "هذا الذي من الروح القدس ومن العذراء القديسة مريم .. تجسد وتأنس".
X وفي ثيؤطوكية الأحد: "وتجسد من الروح القدس ومن مريم العروس الطاهرة".
X وثيؤطوكية الأربعاء تشرح عمل الأقانيم في العذراء مريم: "الآب صنعك والروح القدس حل عليكِ وقوة العلي ظللتكِ يا مريم".
X وفي ثيؤطوكية السبت: "كخدر بغير فساد الروح القدس حل عليكِ وقوة العلي ظللتكِ يا مريم".
X وفي الشيرات الأولى: "الروح القدس ملأ كل موضع منكِ نفسك وجسدك يا مريم يا أم الله".
X وفى صلاة باكر بالأجبية نصلى: "لأن الآب اختارك والروح القدس ظللك والابن تنازل وتجسد منكِ".
(هـ) الروح القدس يوحدنا معًا:
X في القداس الباسيلي: "وجعلنا له شعبًا مجتمعًا".
X وفي ذكصولوجية باكر آدام: "هؤلاء الذين ألفهم الروح القدس معًا مثل قيثارة مسبحين الله كل حين".
(و) حلول الروح القدس مُتجدِّد:
حلول الروح القدس فينا ليس حلولاً ساكنًا.. بل حلول مُتدفق دائمًا كتيار الماء في النهر، لذلك فنحن نطلب تجديد حلوله فينا في كل صلواتنا:
X "وأرسل لنا عطية روحك القدوس لكي نأتي على مذبحك المقدس" (صلاة حجاب غريغوري).
X "أنت أرسل علينا نعمة روحك القدوس لكي تطهر وتنقل هذه القرابين الموضوعة إلى جسد ودم خلاصنا" (سر حلول الروح القدس غريغوري).
X "بل أسكب محبتك علينا من قِبَل روحك القدوس الذي أعطيته لنا بمسرة الله أبيك الصالح" (صلاة من بعد أبانا).
X "قلبًا نقيًا أخلقه فيَّ يا الله وروحًا مستقيمًا جدده في أحشائي" (مزمور يُصليه الكاهن عند غسل الأيادي).
X "من أجل خطاياي خاصة ونجاسات قلبي لا تمنع شعبك نعمة روحك القدوس" (تحليل للآب).
X "روحك القدوس لا تنزعه مني يا ربي يسوع أعني" (إبصالية الأحد).
X "لا تنزع عنَّا رحمتك ولا روحك المُعزي بل تأنَ علينا" (ذكصولوجية الصوم الكبير).
X "املأهم من قوة روحك القدوس بمعرفة مسيحك" (تقديس ماء المعمودية).
X وفي صلاة تقديس ماء المعمودية ينفخ الكاهن في الماء ثلاث مرات قائلاً: "بتجديد الروح القدس آمين".
X وفى تحليل صلاة الساعة الثالثة: "يا إله كل الرأفات ورب كل عزاء الذي عزانا في كل حين بعزاء روحك القدوس".
(3) أعمال أخرى للروح القدس تبرزها الليتورجيا
(أ) ينبهنا للصلاة ويسندنا في صلواتنا:
X "وكذلكَ الرّوحُ أيضًا يُعينُ ضَعَفاتِنا، لأنَّنا لسنا نَعلَمُ ما نُصَلي لأجلِهِ كما يَنبَغي. ولكن الرّوحَ نَفسَهُ يَشفَعُ فينا بأنّاتٍ لا يُنطَقُ بها. ولكن الذي يَفحَصُ القُلوبَ يَعلَمُ ما هو اهتِمامُ الرّوحِ، لأنَّهُ بحَسَبِ مَشيئَةِ اللهِ يَشفَعُ في القِديسينَ" (رو8: 26-27).
X "الروح القدس أيقظ داود قائلاً: قم رتل لأن النور أشرق" (ثيؤطوكية الاثنين).
X "أرسل علينا هذه النعمة العظيمة التي لروحك القدوس المُعزي لكي أنطق بكرامة يسيرة من أجل اسمك القدوس المبارك" (إبصالية الثلاثاء).
X "وامنح عبيدك أن يكونوا محفوظين بنعمة روحك القدوس" (المعمودية).
(ب) يعطينا الاستنارة:
X "ويضيء فيه نور الحق من قِبَل الروح القدس" (صلاة المعمودية).
X "لأنَّ الذينَ استُنيروا مَرَّةً، وذاقوا المَوْهِبَةَ السماويَّةَ، وصاروا شُرَكاءَ الرّوحِ القُدُسِ" (عب6: 4).
(ج) يُعطينا المعرفة:
X "وأمّا المُعَزي، الرّوحُ القُدُسُ، الذي سيُرسِلُهُ الآبُ باسمي، فهو يُعَلمُكُمْ كُلَّ شَيءٍ، ويُذَكرُكُمْ بكُل ما قُلتُهُ لكُمْ" (يو14: 26). X في صلاة الموعوظين يقول الكاهن: "عظمهم بنعمة روحك القدوس ليكونوا في الموهبة غير الفاسدة التي لروحك القدوس".