تاريخ الاحتفال بالعيد
أعطت الكنيسة الجامعة الرسولية مكانة عظيمة لعيد دخول السيد المسيح أورشليم، إذ وضعته في المرتبة الأولى بين سائر الأعياد، وصارتْ تحتفل به منذ القدم أعظم احتفال، وتظهر أهمية هذا العيد في ختامه للصوم الأربعينيّ المقدس الذي يسبقه، وأيضاً أُسبوع الآلام الذي يلحقه.
ومن الممكن أن يكون " أحد الشعانين "، قد شكّل في مصر خلال (القرنين الثاني والثالث)، عيداً لنهاية الصوم الأربعينيّ.. دون علاقة مباشرة بأُسبوع الآلام *
وقد حفظ لنا مخطوط قديم بأورشليم، طقس قراءات أحد الشعانين من (القرن الرابع إلى القرن الخامس)، ومن خلال هذا المخطوط يظهر لنا أنَّ أحد الشعانين كان متعلقاً بأُسبوع الآلام ومتصلاً به كمقدمة أو كمدخل له*
هذا وخلال العقدين الأخيرين من القرن الرابع، ذهبت الراهبة (إيجيريه egeria) *لزيارة الأماكن المقدّسة، وبعد أن شهدت طقس أُورشليم، سجلت لنا في كتاباتها ما رأته بنفسها أقدم وصف عن مسيرة الشعانين، وإليكم بعض ما قالته:
" يجتمع المؤمنون عند الفجر في كنيسة القيامة، ومن هناك ينتقلون إلى كنيسة الجُلجُثة حيث تُقام خدمة الأحد العادية، ثم يقومون بطواف كبير في أوائل فترة ما بعد الظهر إلى جبل الزيتون حيث يُقيمون خِِدماً أُخرى، ومن ثمَّ ينتقلون حوالي الساعة الثالثة، إلى المكان الذي صعد منه المسيح ويُقيمون خدمة أُخرى، ومن هناك يتجهون حوالي الساعة الخامسة بعد الظهر إلى أورشليم حاملين السعف وأغصان الزيتون، ويُقيمون صلاة الغروب في كنيسة القيامة، ثم يعودون مُجدداً إلى كنيسة الجلجثة وينهون النهار بصلوات أُخرى " *
في (القرن الخامس) نجد أثر للاحتفال بأحد الشعانين، في أديرة مصر وسوريا، فالعديد من الرهبان كانوا يأخذون اذناً من رؤساء الأديرة لكي يدخلوا الصحراء الجوانية، ليتعبدوا فترة الصوم المقدس في عزلة تامة صارمة، فما أن ينتهي الصوم حتى يعودوا إلى أديرتهم في أحد الشعانين *
بعد ذلك الوقت انتشر طقس أورشليم انتشاراً سريعاً، فقبلته الكنائس الشرقية، وأصبح أحد الشعانين لها عيداً عظيماً يُحتفل به بكل فرح، إذ يستقبلون الملك الممسوح المنتصر، الذي يدخل مدينته (الكنيسة) لكي ينشر الحُب والسلام...
ويُقال أنَّ عيد الشعانين قد دخل مدينة (الرها)، أثناء تولّي الأسقف " بطرس " كرسيّ الأسقفية سنة (498م)، أو قبل ذلك على يد الأسقف " قورا " الذي سبقه*
وقد انتشر الاحتفال بعيد الشعانين في كنائس الشرق في (القرن الخامس)، حسب شهادة القديس ساويرس الأنطاكي (465- 538م) في ميمره رقم (125)، ودخلت عادة الطواف بالسعف في (القرن الثامن والتاسع) * وقد جاء ذِِكر الأغصان وتوزيع الزيتون في كتاب المدائح للقديس ساويرس الأنطاكيّ *
كما وضعت خُطب كثيرة عن هذا العيد لبرقلوس بطريرك القسطنطينية (434- 446م) وأُخرى لمار إفرام السريانيّ ويعقوب السروجيّ..
المراجع
* الأب بطرس المُخلَّصيّ - روعة الأعياد، بغداد 1984م، ص123.
* مخطوطة أورشليم رقم (121).
* راهبة أسبانية زارت القدس في الفترة ما بين (381- 383م)، وقد ذكرت في مدوناتها وصفاً لِِِما رأته من طقوس كثيرة منها عيد الغطاس وأحد الشعانين وأُسبوع الآلام وعيد الفصح..
* ترجمة النص منقولة عن كتاب معجم المصطلحات الكنسية، للراهب أثناسيوس المقاريّ، ج 2، ص 244.
- يمكن الرجوع إلى ترجمة أُخرى للأب لويس شيخو اليسوعيّ ، في مجلة " المشرق "، العدد (8)، ص340.
* Encyclopedia Britanica - history of palm sundy.
* الأب بطرس المُخلصيّ - روعة الأعياد، بغداد 1984م، ص123.
* مجلة صديق الكاهن، العدد (4)، السنة (6)، إبريل سنة 1954م.
* الأب بطرس المُخلصيّ - روعة الأعياد، بغداد 1984م، ص123.