طوبى للحزانى لأنهم سيتعزون
القديس غريغوريوس النيصي
يُراد هنا بالحزن تشجيع النفس على السعي وراء الخير الحقيقي دون استسلام لإغراءات الحياة، فهناك أناس لا يعلمون مقدار النعمة التي حُرمنا منها بسقوط آدم ونسله، فيقضون حياتهم سعياً وراء اللذة الحسية والجسدية، وباكتفائهم بهذه اللذة يمتنعون عن السعي إلى ما هو أفضل. لا يطوّب الله الحزن بحد نفسه بل بسبب ما يولّده فينا من رغبة للسعي وراء الأفضل، وفي التعزية يتحول الحزن إلى غبطة وفرح روحي عميق. أمر الله موسى في العهد العتيق في فروض الفصح بأخذ الخبز الفطير غير المختمر ومزجه بالأعشاب المرة للطعام، كرمز إلى انه لا يمكننا ان نشارك في العيد السري ونعيّد روحياً ما لم نمزج مرارة الحياة الحاضرة بالحياة الصافية التي بلا خطيئة. يوجد عالمان كل منهما يقدم شكلاً من الحياة، كما يوجد نوعان من الفرح أحدهما للعالم الحاضر والآخر للعالم الآتي حيث رجاؤنا. ويطوّب السيد من يضع رجاءه في الخيرات الحقيقية غير الفانية، فيقبل حزن هذه الدنيا العابر حارماً نفسه من أفراحها ومسرّاتها منتظراً ومترجيّاً النعيم الأسمى والتعزية التي هي هبة الروح القدس المعطى لنا بنعمة الرب يسوع المسيح له المجد.
القديس يوحنا الذهبي الفم
لا يغبّط الرب أولئك الذين يعيشون في غم وفقر وحزن هذه الحياة ، رغم أن كل الناس يدعونهم بؤساء؛ بل هو يقصد المحزونين من اجل الخطايا. أما الحزن لأجل امور الدنيا فهو محرّم وهذا ما يعلنه القديس بولس " الحزن الذي بحسب مشيئة الله ينشيء توبة لخلاص بلا ندامة، وأما حزن العالم فينشيء أمواتاً " ( 2كور7: 10 ). لقد اقتضت محبة الله ان الذين يحزنون على الخطاء التي ارتكبوها أو يحزنون على خطايا أخوتهم البشر الآخرين، لا يكفي أن ينالوا الغفران فحسب بل أعطاهم الطوبى والفرح الدائم والتعزية الفياضة بروحه القدوس، كما كانت نفوس القديسين الذين حزنوا مرات عديدة من أجل آثام ليست آثامهم.
القديس كيرلس
في لوقا 6: 12 يطوّب الرب الباكين، والباكين بنظر الله هم الذين يذرفون الدموع ليتخلصوا من بقية الأمور الدنيوية المعيقة لانطلاقتهم الروحية " كثيرة هي شدائد الصديقين ومن جميعها ينجيهم الرب " ( مز33: 19 )
القديس أوغسطين
إن أولئك التائبين إلى الله يفقدون أشياء اعتادوا عليها وعزيزة عليهم، وسيكابدون حزناً ما إلى ان تحل فيهم محبة الأبديات، لكنهم سيتعزون بالروح القدس.