الموضوع: معاني الصوم
عرض مشاركة واحدة
قديم 29 - 08 - 2012, 09:12 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
بنت معلم الاجيال Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 45
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 36
الـــــدولـــــــــــة : القاهرة
المشاركـــــــات : 58,440

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بنت معلم الاجيال غير متواجد حالياً

افتراضي رد: معاني الصوم

والإحسان[3].
لذلك يجب أن يترافق الصوم بكل الفضائل وخاصة الصلاة وعمل الرحمة. لماذا يجب أن يكون هناك صلاة وإحسان؟[4]
محاربة الشيطان
فكرة أخرى عن الصوم غير الفضائل واليقظة والمذكورة في الكتاب المقدس وعند الآباء:
صام السيد أربعين يوماً وحارب بعدها الشيطان وجابهه. فالصوم هو سلاح فعال لمحاربة التجارب والأرواح الشريرة والشيطان. لذلك فالآباء الروحيون يصومون قبل مواجهتهم الحالات الصعبة والشريرة.
يقول مثلاً القديس إفاغريوس في هذا الموضوع: "الصوم يهدىء النفس، ينقّي الفكر، يبعد الشياطين ويطردهم بعيداً ويجعل الله قريباً".
ويقول القديس باسيليوس: "الصوم يقرّب الإنسان إلى الله".
ويقول القديس أثناسيوس الكبير: "كل من يتعذب من جراء تجربة شريرة، ان استخدم دواء الصوم يطرد الروح الشرير للحال، لأن هذا الأخير يخشى الصوم كثيراً".
أما القديس سمعان اللاهوتي الحديث (القرن العاشر) فيقول:
"الصوم مثل الشمس يزيل شيئاً فشيئاً الضباب، وهكذا تضمحل غشاوة النفس".
الصوّامون الكبار
كان هذا عن معاني الصوم ولنُعط أمثلة عن الصوّامين الكبار:
موسى الذي صام أربعين يوماً على الجبل قبل أن يتسلم الوصايا وقبل أن يعاين الله. (خر 24: 18) (خر 34: 28).
"إن آدم لما تناول من الأكل كمخالف طُرد من الفردوس أما موسى لما نقّى حدقتي نفسه بالصيام صار معايناً لله". ().
ولهذا فالهدف هو معاينة الله، وما الهدف الإنضباط ولا التطهير بل الهدف هو التنقية فمعاينة الله.
فالإنسان يصوم لأنه مشتاق إلى الله.
الإنسان المبتدىء يصوم مطيعاً إذ يوصونه بذلك، ولكن عندما يمارس ويعي، يصوم ليس كتنفيذ للوصايا بل لتذوق اللذة واختبارها واكتشافها.
بالصوم نميت أجسادنا، يقول الآباء، من يصوم لحدٍ كبير يختبر ويتذوق الموت لحد ما.
فالقديس سمعان العمودي بصومه القاسي ذاق الموت وبه ذاق القيامة فقد ذاق موت المسيح وقيامته بالصوم. راجع قصة حياته كيف كان يقضي الصوم الأربعيني كله بدون أكل ولا شرب.
لسنا جماعة تبتغي إماتة الأجساد وتعذيبها بل غايتنا هي تذوق الفرح وتذوق الفرح بالمسيح. وهذا محور كل جهادنا الروحي.[5]
إذاً محبتنا هي الدافع والمحرّك (το κίνητρον- La motivation) لكل السعي والجهاد وهي التي تدفعنا لمحبة القريب.
لا يمكن أن ينفصل الصوم عن ذكر الرب المحرّك الأساسي له كما المحرك للسيارة.
يقول الآباء: لم يخلق الرب الإنسان كاملاً بدون الرب، ليتكامل بالرب. وهي حجّتنا نحن المؤمنين أن بدون الرب لن نصل للكمال والفرح. غير المؤمن يجيب أن بدون الرب نصل للكمال ونحن نرى أن بدونه لن نصل.
وهناك أمثلة أخرى في الكتاب ومنها عن ايليا (3مل19: 8-15) الذي صام على جبل سيناء قبل أن يرى الله وأقام إبن الأرملة بعد صوم متغلباً على الموت نفسه (3مل17: 20-23).
ومثل الفتية الثلاثة الذين بعد أكلهم البقول بدت وجوههم أبهى من كل الذين في بابل (دا1: 12-16).
تاريخ الصوم
وأخيراً نذهب في نظرة تاريخية وقانونية لتطور الصوم:
يبدو أن الصوم ابتدأ في القديم، في القرون الأولى: إنقطاع كامل في نهاري الجمعة والسبت العظيم إستناداً لما جاء في (مت9: 15): "فهل يستطيع بنو العرس أن ينوحوا ما دام العريس معهم ولكن ستأتي أيام حين يرفع العريس عنهم حينئذٍ يصومون". هذه نبوءة عن :"صوم" التلاميذ أي عن عذاباتهم، جهاداتهم خلال آلام المسيح وموته وأيضاً خلال حياتهم اللاحقة كلها. إذاً هنا كلمة "صوم" مرادفة لكلمة "جهاد" حسب زيغافنوس.
في القرن الثالث: يوجد مخطوطة إسمها ذيذاخي (Didascalie) امتد فيها الصوم لكل الأسبوع العظيم وفيه انقطاع عن اللحم والبياض حتى الغروب.
وفي القرن الرابع: الشهادة الواضحة أنه في أورشليم كانوا يصومون أربعين يوماً وهي واردة في ما كتبته امرأة في رحلتها اثريا (Ethérie) وما كتبه القديس كيرلس الأورشليمي.
وهناك مخطوطة قديمة ومنحولة لقوانين الرسل ابو كريفا (400) سنة قوانين الرسل(Constitutions apostoliques). تتكلم عن صوم الأربعين يوماً من الصباح حتى التاسعة (ενάτη) وعند الفطور انقطاع عن اللحم والبياض أي أكل النواشف (ξηροφαγία) وتضيف هذه المخطوطة "ان كانت صحتكم تسمح لكم".
ليس في الكنيسة قوانين واضحة ومحددة وثابتة للصوم، وأصبح الصوم تقليداً الذي بات فيما بعد كقانون؛ التقليد بمثابة قانون.
وبالضبط هذا هو التقليد الذي عرفه القديس باسيليوس الكبير والقديس يوحنا الذهبي الفم والمغبوط أو غسطينوس، وهذه هي إرشادات وليست بأوامر قاطعة.
ملاحظة: لا تجبروا شعب الرعية على الصوم بل يجب أن تقنعوه.
وهناك مجمع ترلو (692): وقد أصدر قانوناً عن الصوم ورقمه (56) يتكلم عن الإمتناع عن اللحم والبياض ويقول هذا القانون: هذا الصيام إلزامي لكل الجماعة.
في القرن الثامن والتاسع: أصبح الصوم الأربعيني المقدس في الكنيسة اليونانية صوماً رسمياً ولا تتميز فيه الأديار عن الرعايا والشعب.
ولا بد من التمييز بين الحرف والروح فالكنيسة تعطي إرشادات لا أوامر ويجب العودة إلى الضمير والإرشاد الروحي.
خلاصة
الإنسان ضعيف بدون المسيح العريس، حزين بدونه يشعر بحاجة إلى عون، يلتجىء إلى الإمساك حتى ينضبط ولا يقوى عليه الشرير في غياب العريس أي غياب النعمة وهذا ما يسميه الآباء الفساد (φθορά) حالة الإنسان الطبيعية بدون الله شبه خطيئة التي ورثناها. صومه، شهادته البيضاء هذه، كذلك جهاداته، عذاباته، إضطهاداته، تجنّده، إمساكه. كل ذلك لكي يصون نفسه من الهجمات الشريرة، ليحفظ نفسه صحيحاً سالماً ولكن أيضاً ليفوز بالسباق بالقيامة بالمسيح ليتمتع بالحياة الأبدية. الذي يجاهد ويصوم هنا يرتاح هناك في الآخرة.
في آخر المطاف التوبة، الصوم، الصلاة، السهر، كل جهاد، إمساك حرمان من أجل المسيح هو إفتقار إلى الله، توق إلى المعشوق، إلى لقاء أوفر إلى التمتع الأقصى، إلى السعادة الحقيقية الأبدية، الاكتفاء بالمسيح وحده. لذا الصوم من أجل المسيح سرّ، سرّ التواضع أمام الله، سرّ محبة الله، الله خلقنا في المسيح بمحبّته ونحن نبادله المحبة بإفتقارنا إليه هكذا نشارك بعملية الخلق. خُلقنا صوامين حتى نبقى عشّاقاً إلى الأبد "أما من شجرة معرفة الخير والشر لا تأكل" (تك 17:2).
U U U
مناقشة
* عندما نكون بحالة خاصة - عائلة فقيرة يمكن التساهل بأن يأكلوا معلبات عندما لا يتوفر لديهم غيرها. وقد أصدرت البطريركية نشرة توجيهية في الأحداث منذ سنين قريبة تسمح فيها أكل اللحم والمعلبات والحليب وغيرها مما وزعته الهيئات الدولية على المهجرين في لبنان إبان أحداث الحرب.
من الجيد أن تعمل الكنيسة في الصوم صندوقاً مشتركاً للمحتاجين في الكنيسة الأرامل، المرضى، المساجين...
- نلاحظ بأن سيدات البيوت تتفنن بطبخ وتحضير الأكلات الصيامية، التي باتت تكلف جهداً ومادة كثيرين.
* هذا مظهر من مظاهر التمسك بالقشور دون الجوهر. وينتج هذا عادةً من الجهل وعلينا أن نوعي ونعلم. وصلوات الصوم تساعد على الوعي أكثر.
- سألني أحدهم بأنه لا يحب اللحم ولا يأكله أبداً، فكيف يصوم؟
* يمكنه أن يقتصر صومه على تخفيف الكمية وتخفيف تشكيل نوعيات أكله.
- كيف يصومون في الجبل المقدس؟
* عند الرهبان، الصوم يتضمن الإنقطاع عن الزيت والخمر وعادة يصومون في الجبل المقدس أيام الإثنين والأربعاء والجمعة.
- لماذا إخترنا الزيت عن المنتجات الحيوانية بالذات؟ وليس غيرها؟
* هو تقليد ناتج عن أن الإنسان القديم لم يأكل اللحم والمنتجات الحيوانية. هذا ما يذكره القديس باسيليوس في ميمره والملاحظ أن علم الانسان (anthropologie) يقر بأن جمجمة الإنسان القديم كانت صغيرة لأن الإنسان كان نباتياً. ومن الجيد أن نعرف بأن الإنسان الذي يصوم يصبح دمه خفيفاً ويصير عنده فقر دم وهو مهم ولا بدّ منه لتنشيط الروح وتصفية العقل والفكر.
عملياً ألغت الكنيسة الكاثوليكية الصوم، إنما في الكنيسة الأرثوذكسية لا زال للصوم مكانته وأهميته كوسيلة فعالة ومفيدة للوصول إلى حالة روحية أفضل.
  رد مع اقتباس