الموضوع: طرد الإنسان
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 22 - 11 - 2022, 11:08 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,317,287

طرد الإنسان



طرد الإنسان:

إذ صنع الله للإنسان قميصًا من جلد وألبسه، معلنًا رعايته الفائقة له خلال ذبيحة الصليب وستره لا بجلد حيوانات ميتة وإنما بالرب يسوع نفسه واهب الحياة، الذي يخفيه داخله ويستر عليه، قام بطرده من الفردوس... لماذا؟
أولًا: إن كان الله قد طردنا من الفردوس، ففي حقيقة الأمر نحن طردنا أنفسنا بأنفسنا، إذ خلال العصيان صارت طبيعتنا الفاسدة لا تليق بالحياة الفردوسية المقدسة بل تناسب الأرض التي تخرج الشوك والحسك.

لهذا يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [لقد وهبنا الله الفردوس، وهذا من صنع عنايته المتحننة؛ ونحن أظهرنا عدم استحقاقنا للعطية، وهذه نتيجة إهمالنا الخاص بنا، لقد نزع العطية من أولئك الذين صاروا غير مستحقين لها، وهذا نابع عن صلاحه....]
ثانيًا: طرد الإنسان من الفردوس لا يعني الله حرمانه من عمل يديه وإنما تهيئته للتمتع بفردوس أعظم وحياة أبدية لا تنتهي.

فيقول القديس ثاوفيلس الأنطاكي: [أن الطرد وإن كان عقوبة لكنه حمل صلاحًا من جهة الله، إذ أراد معاقبة الخطية وإصلاح الإنسان ورده بعد إعادة تجديده.]

ويقول القديس أمبروسيوس: [أعطي الموت كعلاج إذ يضع حدًا للشرور .]

بنفس الفكر يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [تأمل ماذا يكون موقف قايين لو بقي في الفردوس وهو سافك دم...؟! لقد أعطي الفردوس للإنسان، وعندما أظهر الإنسان عدم استحقاقه طرده، حتى يصير ببقائه خارجًا وبإهانته إلى حال أحسن (بإظهار التوبة) فيقمع نفسه أكثر ويستحق العودة. وهكذا عندما صنع هذا وصار في حال أفضل أعاده مرة أخرى، قائلًا: "إنك اليوم تكون معي في الفردوس" (لو 23: 34). هل رأيت كيف أنه ليس فقط إعطاء الفردوس بل وطردنا منه هو علامة عظم اهتمام مملوءة ترفقًا؟! فلو لم يعانِ الإنسان الطرد من الفردوس ما كان يمكن أن يظهر مستحقًا له مرة أخرى.]
لقد خشي الرب أن يأكل الإنسان من شجرة الحياة وهو فاسد في طبيعته فيبقي في شره أبديًا، إذ يقول الكتاب: "وقال الرب الإله: هوذا الإنسان قد صار كواحد منه عارفًا الخير والشر، والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضًا ويأكل ويحيا إلى الأبد" [22.]
ويبدو أن المتحدث هنا هو الثالوث القدوس، إذ يقول: "قد صار كواحد منا" من جهة معرفة الخير والشر، لكن الإنسان نال المعرفة خلال خبرة الشر القاتلة.
يعلق الأب شيريمون على هذه المعرفة، قائلًا: [لا يمكننا أن نظن بأن الإنسان كان قبلًا جاهلًا الخير تمامًا، وألاَّ يكون مخلوقًا غير عاقل كالحيوان العجموات، وهذا القول غريب تمامًا عن إيمان الكنيسة الجامعة. علاوة على هذا يقول سليمان الحكيم: "الله صنع الإنسان مستقيمًا" (جا 7: 29)، بمعنى أنه على الدوام يتمتع بمعرفة الخير وحده، "أما هم فطلبوا اختراعات كثيرة" (جا 7: 29)، إذ صارت لهم معرفة الخير والشر كما قيل. لقد صار لآدم بعد السقوط معرفة الشر الذي لم يكن يعرفه قبلًا، لكنه لم يفقد معرفته للخير الذي كان يعرفه.]
أخيرًا إذ طُرد الإنسان من الفردوس أقام الله كاروبًا للحراسة... حتى جاء الجالس على الكاروبيم نفسه يحملنا في جنبه المطعون ليدخل بنا إلى فردوسه السماوي.
رد مع اقتباس