انحرافات الدافع الجنسي عند الإنسان
يشبه الدافع الجنسي في الإنسان تيار النهر الذي يبدأ من المنبع ويستمر في سريانه حتى ينتهي إلي المصب، وإذا لم يعترض المجرى جنادل أو شلالات كانت مسيرته طبيعية هادئة. وإذ وضعت عليه السدود فأنها تحجز تدفق الماء وتعطل سلامة السريان...
هكذا يرى رجال علم النفس أن الجنس يبدأ مع الإنسان منذ تكوينه، وعند ولادته، وفي سنينه الأولى. ويسمون الطاقة الحيوية هذه بالليبيدو التي تغطي جسمه كله. فيجد الطفل لذة في أن يحتضنه أحد ويلامس جسده، كما تتركز المناطق الشبقية في الفم ومركز الإخراج. ثم ينمو الدافع فيتجه من مركزيه الذات إلي نفس الجنس وهذا ما تلحظه في تلاميذ المرحلة الابتدائية وأوائل الإعدادية عندما ينجذبون إلي رفقائهم من نفس النوع... وفي
Deviation
نهاية المرحلة الإعدادية وأوائل المرحلة الثانوية يتجه التيار ناحية الجنس الأخر وعندما يتثبت الإتجاه الأول يسمى الشذوذ الجنسي، ولكن كثيراً ما يعجب الفتى بإحدى قريباته أو صديقات أخته، ثم يتحول هذا الإعجاب سريعاً إلي شخصية أخرى. وهكذا يكون الجنس الأخر بصفة عامة مثيراً له حتى تنتهي هذه المرحلة إلي الأحادية التي في البداية يكون اختيارها وفقاً لمعايير سطحية ولكن عند تمام نضج الدافع يكون الاختيار صادقاً، وتثبت الأيام أصالة ونقاوة العلاقة وتبدأ مرحلة الخطوبة والإعداد للزواج الصالح (اقرأ مقالاً آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). عن مرحلة الكفاح لبناء عش الزوجية يكتنفها الحب الطاهر والفرح القلبي بالاختيار والإلهام السليم مع التعب والعناء المشترك والجهد المضني في الصراع لتحقيق متطلبات الحياة الزوجية السعيدة.
ونحن ننصح الفتيان والفتيات ألا يتعجلوا ويصدروا أحكاماً سريعة ويتصورون أنهم قادرون على اختيار الشريك الآخر وهم بعد في ريعان الصبا، لأن التيار نفسه لا يكون قد وصل إلي هذه المرحلة، والغريزة قد لا تكون نضجت نضوجاً سليماً... والشاب المتسرع الذي يختار بطريقة سطحية أو شهوانية أو باندفاع وتهور كثيراً ما تكون زيجته فاشلة إذ سرعان ما تنتهي الأيام الأولى، ويكتشف كل طرف إنه لم يكن للآخر، وإنه لم يكن مدققاً وموفقاً في الاختيار وإنه ليس ثمة أتفاق وتقارب فكري ونفسي وروحي...
فالانحراف الأول هو الوقوف على مرحلة دون استكمال النمو الطبيعي للغريزة وهذا ما يسمونه التثبيت أو النكوص أي الوقوف عند مرحلة دون تجاوزها إلي النضج الحقيقي الذي تتحدد معالمه في الاختيار السوي للشريك أو التكريس البتولي الطاهر.