عرض مشاركة واحدة
قديم 25 - 08 - 2012, 01:41 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
magdy-f Male
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية magdy-f

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 348
تـاريخ التسجيـل : Jun 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : egypt
المشاركـــــــات : 18,593

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

magdy-f غير متواجد حالياً

افتراضي رد: موضوع متكامل عن القديس مقاريوس الكبير - الانبا مقار

من عظات القديس مقاريوس الكبير عن النعمة



النعمة بين الاشتعال والتراجع:


سؤال : هل يستطيع كل واحد أن يدخل إلى هذه الاشياء في كل الأوقات ؟



الجواب :


أن النعمة حاضرة بلا انقطاع - وهي متأصلة فينا وممتزجة بنا مثل الخميرة منذ أول عمرنا إلى أن تصير ثابتة في الإنسان كطاقة طبيعية فيه وكأنها قد صارت جوهراً واحداً معه.


ولكنها ترشد الإنسان بطرق متنوعة لأجل خيره وخلاصه بحسب تدبير النعمة.


فأحياناً تشتعل النار وتضطرم بشدة زائدة، وفي أحيان أخرى تكون خفيفة ولطيفة في اشتعالها، وكذلك النور الذي تعطيه يشتعل احياناً بلهيب وبريق زائد، وفي أوقات أخرى تخف شدة البريق وتضعف، فالمصباح (أي قنديل النعمة) - هو مشتعل ومضيء دائماً، ولكن حينما يتألق ويتوهج، فإنه يشتعل بانصباب محبة الله، ثم يخفت ايضاً بتدبير الله، ورغم أن النور يكون موجودات حتى عندما يخفت، الا انه بالمقارنة بأوقات التوهج فانه يكون مظلماً بعض الشيء.



والبعض (أثناء الصلاة) ظهرت لهم علامة الصليب مضيئة بنور والتصقت بالانسان الباطن. وفي مرة أخرى حصل لانسان ذهول في وسط الصلاة، فوجد نفسه واقفاً عند المذبح في الكنيسة، وقد قدمت له ثلاثة أرغفة مخمرة بزيت، وكان كلما أكل منها، ازدادت وكثرت. وفي مرة أخرى أحضر له مثل ثوب لامع مضيء، لا مثيل له على الأرض في هذا العالم، ولا تستطيع أيدي بشرية أن تصنع مثله،


فكما حدث حينما صعد الرب إلى الجبل مع بطرس ويوحنا، تغيرت هيئة لباسه، وصار يلمع بالنور، هكذا الحال أيضاً مع هذا الثوب، وكان الإنسان الذي يلبسه متعجباً ومنذهلاً منه، وفي مرة أخرى، فإن النور المضيء في القلب كشف عن النور الداخلي العميق المختفي، حتى انه لما ابتلع من حلاوة التأمل، لم يعد يضبط نفسه، بل كان كأحمق أو جاهل بالنسبة لهذا العالم، وذلك بسبب المحبة والحلاوة الفائقة الحد،

وبسبب الأسرار المخفية حتى أن الإنسان في ذلك الوقت، يصير في حرية ويصل إلى درجات من الكمال، ويكون نقياً وحراً من الخطية، ولكن بعد هذا كله تتراجع النعمة في تدفقها، ويقابله حجاب القوة المعادية، ولكن بالرغم من ذلك تظهر النعمة ذاتها جزئياً، ويقف هو على الدرجة الأولى والسفلى من درجات الكمال.


- ويمكن أن نقول، انه توجد اثنتي عشرة درجة، يعبر بها الإنسان قبل أن يصل إلى الكمال: وقد يصل الإنسان إلى هذا المقياس ويدخل في حالة الكمال ويكون فيها لفترة ما، وبعد ذلك ترتخي النعمة عنه فينزل درجة واحدة إلى أسفل ويقف على الدرجة الحادية عشر .. وأما الإنسان الغني في النعمة فيظل دائماً، ليلاً ونهاراً في حالة الكمال، في حرية ونقاوة، ماسوراً دائماً ومأخوذاً إلى فوق في السمو.



والآن فإن هذا الإنسان الذي تكشف له تلك الاشياء العجيبة ويختبرها اختباراً حقيقياً، لو انها كانت حاضرة معه كل حين بلا انقطاع فانه لن يستطيع أن يقوم بتدبير الكلام ولا أن يحمل مسئولية، ولا يستطيع أن يسمع أو أن يهتم باي شيء عادي يختص بنفسه، أو بالغير، بل انما يجلس في زاوية في حالة علو وسكر روحاني و


لهذا السبب لم تعط درجة الكمال بصورة مستمرة للانسان، حتى يستطيع الإنسان أن يهتم باخوته، ويهتم بخدمة الكلمة، ومع ذلك فان "حائط السياج المتوسط قد نقض" (أف 2 : 14) والموت قد انغلب.



- وهذه الحالة تشبه سحابة معتمة حول مصباح تحجبه بخفة كالهواء الكثيف. رغم أن المصباح مشتعل ومضيء طول الوقت، مع وجود الحجاب المحيط بنور المصباح.
هكذا هذا الانسان، فانه يعترف ويقول انه ليس كاملاً وليس حراً تماماً من الخطية. وهو يقول أن حائط السياج المتوسط قد نقض وهدم،


ومع ذلك يقول أن بعض أجزاء منه لم تهدم تماماً أو لم تهدم في كل الأوقات. ففي بعض اللحظات تشتعل النعمة وتعزي وتريح وتنعش بدرجة عالية، وفي لحظات أخرى ترتخي ويخفت نورها ويصير معتماً (بعض الشيء). وذلك بحسب تدبير النعمة نفسها، لما فيه منفعة الانسان.


ولكن من هو الإنسان الذي وصل إلى الدرجة الكاملة في أزمنة النعمة الخاصة، وقد تذوق ذلك العالم (العلوي) واختبره اختباراً مباشراً؟ اني لم أبصر حتى الآن انساناً مسيحياً كاملاً، انسان يحيا في حرية كاملة تماماً.


طبعاً يوجد هنا وهناك (مسيحيون) يقيمون براحة في النعمة، ويدخلون إلى ادراك الأسرار والاعلانات والى الحلاوة العظمى التي للنعمة، ومع ذلك لا تزال الخطية حاضرة فيهم. ولكنهم بسبب النعمة المتزايدة والنور الذي فيهم، يعتبرون أنفسهم أحراراً وكاملين، أنهم يكونون مخدوعين بسبب قلة الخبرة. انهم بلا شك تحت فاعلية النعمة، لكني لم ار واحداً قط، حراً تماماً، وأنا نفسي وصلت جزئياً إلى هذه الدرجة في بعض الأحيان، وقد تعلمت وعرفت أن ما وصلت إليه ليس هو حالة الكمال.
  رد مع اقتباس