تعزية السماء
ركب مينا السفينة والحراس من حواليه. ولما أقلعت بهم كان القديس مسترسلاً في تأملاته مناجياً حبيبه خالق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها بينما هو علي هذا الحال جاء صوت من السماء منادياً ومشجعاً إياه قائلاً : " لا تخف يا حبيبي مينا لأني سأكون معك إينما تحل. وسأتقدمك الي مجلس القضاء والي أن تكمل جهادك " وملأ المخلص محب\يا شهيده بالمجد والنعمة حتي أن الجنود المكلفين بتسليمه الي الوالي لم يستطيعوا أن ينظروا الي وجهة المبارك.
في السجن
و عندما وصلوا الي الميناء نزل القديس يقتاده العسكر مع أخين كثيرين وسلموا من معهم الي الوالي، الذي أمر علي التو بأن يلقوا جميعهم في السجن الي أن تفحص قضيتهم، فأخذ مينا يشجع أخوته وشركاءه في الضيقة وفي ملكوت يسوع المسيح وصبره يشابه القائد الشهم العظيم الذي يحث جنوده علي القتال في الحرب من أجل ملكهم فكان في وسطهم مشرقاً كالشمس حتي أن جميع أولئك القديسين وجدوا عزائاً من كلمات النعمة الخارجة من فمه .
ظهور المخلص له
و أهتزت السماء لصمود هؤلاء الأبطال الصغار الذين قهروا ملوكاً وشهدوا أن العالم مغلوب منهم لأن الذي فيهم أعظم من الذي في العالم وأن الغلبة التي تغلب العالم هي إيمانهم ( 1 يو 4 : 5 )
و في هذه المرة لم يقتصر حنان الرب علي أن يسمعه صوته الحنون بل يظهر له عياناً وهو في السجن وأخبره بما سيحدث له وبما أعد له. ثم رشم جسده بالزيت المقدس وأعطاه تحية السلام ذاك السلام الذي لا يستطيع العالم أن ينزعه منه، وصعد الي السماء فإنتعش القديس وتلذذ بالعربون السماوي .
أعادة جلده بسيور جلد الثور
و في اليوم التالي أستدعاه الوالي الي مجلس القضاء. فلما مثل أماه أخذ يلاطفه ويحاول بكل جهد أن يتملقه. فلما لم يجد حيلة توعده بالموت إن لم يخضع ويذبح للألهة. وأمام أصرارة أمر بأن يجلد بسيور من جلد الثور اللين ففعلوا به كما أمرهم.
محاولة نشر جسده
و لم يكتف بذلك ذاط الطاغية بل أمر بنر جسده بمنشار حاد. ولكن عندما بدأوا في تنفيذ الأمر ووضعوا المنشار علي جسد القديس فوجئوا بأن المنشار الحديدي الصلب أخذ يذوب مثل الشمع الذي يشتم رائحة النار أحس القديس أن ذلك حدث بسبب يد المخلص الطاهرة التي دهنت جسد كله فبارك الله الحنان .
قطع رأسه الطاهرة
أحتار الحاكم في أمره. فكتب قضيته هكذا " حيث أن الجندي مينا المسيحي قد رفض أن يطيع أمر الملك العالي ويذبح للألهة نأمر بأن تؤخذ رأسه بالسيف ة يحرق جسده بالنار .
و أصدر أمره الي عسكره بتنفيذ الحكم فوراً ..... فأقتادوه الي مكان العقوبة فسار بينهم فرحاً مبتهجاً مرتلاً بالتسابيح وأخذ يحدث الجموع التي أحتشدت وراءه لتتبعه من الرجال والنساء والهبان المتعبدين أيضاً لكي يثبتوا في الأيمان بالمسيح الرب حتي بلغ المكان المحدد .
فركع ورفع عينيه نحو السماء وصلي صلاة حارة مقدماً نفسه في أيدي الأب السماوي.
و بعد الصلاة مد عنقه فضربه السياف ضربة قاسية فأكمل شهادته وكان ذلك يوم الخامس عشر من شهر هاتور. أيام حكم دقلديانوس ومكسيميانوس الملكيين العاصيين المنبوذين .
حرق جسده بالنار
بعد كمال جهادة في ذلك اليوم المشهود أتي الجندي المكلف من قبل الأمبراطور في 15 هاتور من 309 م وضرب رقيته المقدسه بحد السيف. ثم أوقد الجند ناراً وطرحوا فيها جسد القديس فمكث ثلاثة أيام وثلاثة ليالي داخل لهيب النار. ولكن بقوة إلهة الجبار لم تؤثر فيه طبيعة النار .
فأتي بعض إخوة المؤمنين، وبعض رهبان نساك ممن تبعوه ساعة إستشهادة وأخذوا الجسد من وسط النيران وهم يمجدون الرب يسوع لأنه عظيم الصنيع مع حبيبه مارمينا ثم كفنوه بأكفان غاليه ودفنوه بكل وقار في مكان لائق في تلك المدينة.
جــــسد القــديـــس
إلهنا الصالح حفظ للكنيسة جسد القديس بأعجايب عظيمة عبر 16 قرناً من التخريب والهدم والتدمير .
و يمكن تتبع وجود جسد القديس في سبعة نقاط وهي تكشف أسرار الله التي صنعها للحفاظ علي الجسد :
المؤمنون يأخذون جسده
عند إستشهاد القديس، أخذ المؤمنون جسده الطاهر ودفنوه بأكرام عظيم في مدينته، حسب التدبير الألهي الي أن أتي الوقت للكشف عنه .
القائد أثناسيوس يحتمي بالقديس
خرج القائد أثناسيوس للحرب لحماية الكريوطيين من غارات البربر. وقبل أن يخرج للحرب أصر علي أخذ جسد مارمينا معه ليكون له شفيعاً وحارساً ضد هجمات البربر. فأسرع جنوده وكشفوا القبر وإذ بنور عظيم يشع منه فوقعوا جميعهم علي وجوههم وسجدوا لإله مينا، ثم حملوا الجسد وأخفوه في ملابسهم ووضعوه في مركب قاصدين الأسكندرية ومنها الي مريوط، وفي البحر هاجمتهم حيوانات مفترسة برقبات طويلة ووجوه كوجوه الجمال، فخرجت نار من جسد القديس وأنطلقت كالسهام في وجوهها فهربت في الحال، فتعجب الجميع ومجدوا الع القديس مينا وأمن بالمسيح من لم يكن مؤمناً وتبارك الجميع بجسد القديس.
و رأوا أن هذه الحادثه بشير بالنصر. وبعد خمسة أيام من التسبيح والفرح والشكر وصلوا الي الأسكندرية، ثم حملوا الجسد علي جمل الي مريوط ... وكانت يد الرب معهم وهزموا البربر بشفاعة مينا القديس ... وعند رجوعهم حملوا الجسد علي جمل ... ولكن الجمل رفض القيام والسير وظل في مكانه رغم الضرب الشديد، ثم نقلوا الجسد علي جمل أخر أقوي منه فلم يتحرك أيضاً، وهكذا جمل ثالث ورابع ... وعندئذ أدرك القائد أثناسيوي أن هذه هي أرادة الله أن يبقي جسد القديس في مريوط.
عندئذ جهز لوحاً من الخشب ورسم عليه صورة القديس ورسم عند رجليه صورة الوحوش البرية ذات الرقاب الطويلة التي كانت وجوهها تشبه وجوه الجمال وهاجمتهم في البحر ونجوا منها بواسطة النار التي خرجت من جسد القديس ثم وضع الأيقونة علي جسد القديس للبركة ( كما كانت عصائب بولس الرسول تشفي الأمراض ) ثم أخذها معه ليحملها معه أينما ذهب كل حين .
أما الجسد فصنع له تابوب من الخشب ووضعوا فيه بأكرام عظيم مع أيقونة أخري كالتي سبق وضعها، وبني قبراً صغيراً وضع فيها الجسد بأكرام عظيم ورجع الي الأسكندرية ومعه أيقونته الأولي عائداً بها الي بلدته وهو مملوء من كل بركة سماوية وفرح روحي عميق