القبض عليه
فأمر القائد بألقائه في السجن الي أن يخضع لأوامر الملك ويقدم السجود لألهته. ولكنه عاد وأستحضره في اليوم التالي وأخذ ينتهره قائلاً " أيها الكافر كيف تجرأت وأتيت في وسطنا بالأمس ولم تبالي بالشريعة ولم تخش الملوك ؟ وأجاب القديس في أتزان " لقد أجبتك بالأمس فكما قلت هكذا أعود ولأقول أيضاً إن عبادتكم دنسة " ...
قال القائد " أنظر كم نحن مترفقون بك، وكم نحن صبورون من أجل شبابك وبالأخص بسبب أنك جندي وإبن أحد قادة الجيش ..... والأن أخبرني أين كنت وأين ذهبت بعد أن تركت جنديتك أثناء تلك الفترة الطويلة " ؟!
أجاب القديس " إني أخترت بالأحري أن أنطلق لأسبح إلهي وأنا تائه في البراري والقفار وفي جوع وعري ساكناً وسط الحيوانات المتوحشة عن أن أعيش في العالم وأهلك في تنعم مع الضلال لأنه مكتوب في المزامير : " لا تهلك نفسي مع تلك للكافرين ولا حياتي مع تلك التي لرجال الدماء " مز 26 .
فأحتار القائد من شجاعته وحاول أستلطافه ليرجع عن معتقده ويقوم ليقدم ذبيحة للألهة فيصنع مسرة للملك ز أخذ يعده بمنحه رتباً عالية تفوق رتبة أبيه ... لكن القديس كان يجيب في وداعة أنه لا يهمني شئ من هذا كله وإنما طلبي الي ألهي ومنقذ حياتي من الفساد أن يهبني الإكليل الذي لا يفني ....
عذابات القديس
جلده بسيور جلد الثور
ضاق صدر الملك منه فأمر بأن يمدوه ويجلدوه بسيور من جلد الثور اللين الي أن تتشبع الأرض من دمه. ولما فعلوا به كان متهللاً لاهياً في الإسم المحبوب الذي كان قد تعود ترديده طول اليوم منذ طفولته. حتي تعجب الجميع فصاح به الأمير قائلاً : " إرحم شبابك وجمالك وأنهض ضح للألهة قبل أن يهلك جسدك ".
أجاب المطوب " كيف .... وهل أتخلي عن ألهي ؟ فلن يفصلني عنه شيئاً لا شدة ولا ضيق ولا إضطهاد ولا سيف .... " .
تعليقه علي الهيرميتاريم ( He****rim ) الهمبازين وكشط جسده .
حينئذ أمر القائد بأن يذيقوه أمر العذابات حتي يرجع عن عناده، وأصدر أوامره بتعليقه علي الهيرميتاريم وكشط جسده، حتي ظهرت عظامه منفصله، ووقف القائد غليظ الرقبة يناديه من وسط العذاب قائلاً " هل تشعر يا هذا بالعذاب أم لا ؟ " فأجاب القديس " إن عذاباتكم هذه إنما هي رأسمالي فهي تعد لي الأكاليل أمام المسيح ملكي وألهي ". تعجب القائد من لغة البطل هذه وتساءل " هل ألهك يا مينا يعرف أنك تقبل كل هذه الألام من أجل إسمه ؟ " أجاب البطل القديس : " كيف لا ونحن لحمه وعظامه وأعضاء جسده وهو الفاحص القلوب والكلي ويعرف الخفيات والظاهرات وإنما هو يسمح لنا بهذه الألام لينقينا ويطهرنا وكما أن الذهب لا يمكن أن ينقي بدون أن يصهر في النار هكذا غير ممكن أن نرضي المسيح بدون ألم. فنارك هذه بالنسبة إلينا مثل النار التي فيها يتنقي الذهب وبعد ذلك تنقضي سريعاً. أما نار جهنم التي تنتظر الأشرار سوف تحرق الي الأبد ".
عندئذ دهش القائد وقال له " إني أشفق عليك فهل تريدني أتركك يومين أو ثلاثة لكي تبتصر ".
أجابه القديس " لقد أنتهيت من التبصر جيداً قبل أن أتي الي هنا بزمان، وتأملت جيداً العالم كله المقضي عليه بالفناء ".
تمزيق جسده بسحبه علي أوتاد حديدية
فأحتدم القائد غيظاً وأمرهم أن يحضروا أوتاداً حديدية حادة ويثبتوها ثم يسحبوه عليها الي أن يتمزق جسده كله وكان القديس محتملاً الألم بفرح وتهليل وأخذ ينادي الأمير قائلاً " ماذا تظن أيها الشقي هل كل عقاباتك هذه وعذاباتك تستطيع أن تزحزحني أو تفصلني عن محبة المسيح ؟ ألا تعلم أنه مكتوب
من سيفصلني عن محبة الله التي في المسيح يسوع. أشدة أم ضيق أم أضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف " ( رو 8 : 35 ) .
تدليك جسده بمسح شعر
وبعد أن تمزق جسد القديس كله أمر القائد أن يحضروا مسح شعر ويدلكوا بها جراحات جسده ولكن الرب يسوع الحنون لم يجعل القديس يشعر بشئ فلم يتأثر مطلقاً.
وضع مشاعل ملتهبة تحت ضلوعه
عندئذ أحتار القائد وقال " نعم إني أنا الذي سأجعل قساوة قلبك وأحتمالك يتلاشي "، وأمر بأحضار مشاعل ملتهبة لكي يضعوها تحت ضلوعه وبالفعل أشعلت النيران تحت الشهيد النبيل لمدة ساعتين كاملتين ولكن بسر ألهي لم يشعر بشئ.
وتعجب القائد وأحتار من أمر هذا الشاب القوي وكان يتأمل كيف يحتمل الألام المريرة دون أن يضطرب والنار تشتعل من تحته دون أن يتأوه !
وسأل القديس ما هذا الذي أراه وكيف يكون هذا ؟ أجابه البطل الوديع " إن ربي يسوع المسيح هو الذي أعطاني ويعطي دائماً جميع أولاده الذين يقبلون الألام علي إسمه القدوس القوة والسلام والفرح، وهو الذي يطمئننا بقواه الألاهي " لا تخافوا من الذين يقتلون جسدكم لكن روحكم لا يقدرون أن يهلكوها : مت 10 : 28 .
كسر أسنانه
عندئذ أمر القائد بأن يضربوه علي فمه إلي أن تكسرت أسنانة والقديس صامت بلسانه وقلبه يلهج بالشكر لإلهه الذي حيبه مستحقاً أن يتألم من أجل أسمه. وكان يتأمل هذا المنظر أحد الحراس ويدعي Helisdous فألتفت الي القائد قائلاً " إن جنس المسيحيين يا سيدي يستعذب العذابات ويحتمل الألام لأن الموت هندهم أحلي من الحياة !!
إرساله الي الوالي
أخيراً بعد أن تعب من تعذيبه وفشل في إقناعه حتي يعدل عن رأيه عزم أن يرسله الي الوالي ليتدبر أمره بنفسه. وكتب إليه شارحاً له ظروفه والتهمة الموجهة ضدة وهي كونه مسيحي بالرغم من أنه يعمل في الجيش وكان جندياً موصوفاً بالشجاعة. وأنه بناء علي هذه الأسباب قام بتعذيبه بقوة شديدة، ومع ذلك لم يلن ولم يتزعزع عن معتقده. وبالتالي لم يطع أمر الملك بشأن تقديم الذبيحة للألهة الكرام .
و يلم الرسالة الي نفر من العسكر ووضعه علي سفينة معهم ليقتادوه الي الوالي .