[walaa farouk]

- إيه أول صورة بتيجي في بالك لمَّا تسمع عن قديس إنه من " الأباء السواح"؟!

* لو تخيلت صورة إنسان ناسك في الصحاري والقِفار ..
وبيتحرك من مكان لمكان بسحابة إلهية .. تختصر عليه المسافات في غمضة عين ..
وبتتحطم معاها كل قوانين الطبيعة من الزمان والمكان والجاذبية ..
اسمحلي أقولك انك كنت بتحضر افلام دينية درامية كتير من افلام التسعينات ..

* * * * * * * * * * * * * * * * * * *

كلمة " أناخورتيس" القبطية اللي الكنيسة بتطلقها علي بعض كبار نُساكها
حصل فيها لبس لما اتعربت ..
لو فتحت اي مُعجم .. هتلاقي كلمة " سائح أو هائم" بتدور في دايرة شخص يتحرك لاَ يَعْرِفُ إِلَى أَيْنَ هُوَ مُتَّجِهٌ ..
أو شخص صائم ملازم للطَّاعة أو مهاجر في سبيل الله ..

بقدرة قادر .. وبسبب الصور الدراماتيكية المبالغ فيها لأغلب الأفلام الدينية
بكل أسف أصبح في خلط غير عادي بين " السياحة الروحيه للأباء النساك"
وبين بعض الأمنيات لوجود الراهب السوبر مان الخارق لكل قوانين الطبيعة..
وفي أفضل الأحوال بتستحضر صورة البساط السحري بتاع علاء الدين .

* * * * * * * * * * * * * * * * * * *

"الأباء النساك والسياحة الروحية"صحيح مليانة أسرار غير مكشوفه ولا مُعلنه
لكن الثابت والواضح إن السياحة الروحية هي أعلي درجات النسك الرهباني ..
فيها بيتحرك الزاهد في القفر والصحرا بدون ما يكون عارف بيتحرك رايح فين
وهو لا خايف من المجهول ولا مرتبك بسبب احتياجاته الطبيعيه من آمان وأكل وشرب ..

العلاقه بين الأب الناسك والله كلها معاملات تفوق الطبيعة ..
لكن متكسرش قوانين الطبيعة ..
نشوف الله يعول الأب الناسك بطريقة معجزية ..
فمثلاً يقوده انه يسكن جمب نخله .. يسد جوعه من ثمرها ..
ويكسي جسده النحيف من ليفها وأوراقها..
يُفجر ليه ينبوع ميه يروي عطشه في شدة الحر واللهيب في الصحرا ..
يُخضِع ليه الوحوش .. فتتآنس بيه .. وتطيعه وتخدمه ..
يبعتله أكل مع الغراب .. اللي معروف عنه انه طائر ضار متجيش من وشه حاجه كويسه ..
لكن الله يستخدمه يكون الدليفري اللإلهي للخبز .. ووسيلة الله لإعلان رعايته وإحتضانه للأب الناسك .

صحيح في بعض القصص والمواقف في أدبنا القبطي الرهباني بخصوص إنتقال بعض القديسين علي سحابة الهية ..
زي ما في قصة وصول ق.مكسيموس وأخيه ق.دوماديوس لبريه شيهيت بعد توهانهم واقترابهم للموت ..
أو زي قصه عودة أنبا شنودة رئيس المتوحدين من أفسس بعد المجمع الشهير
لديره الأبيض في سوهاج .. ووصوله في نفس اليوم .
القصص والمواقف دي وغيرها .. استثناءات .. لا تؤكد القاعده بتاعة البساط السحري
لكن بتثبت قاعده تاني ان بعض اللحظات بتتوقف فيها قوانين الطبيعه ..
وتخضع لسلطان الله المطلق علي الطبيعه وقوانينها ..
سلطان الله اللي بيهبه لبعض أولاده .. كإستراحة مُحارب مُتعب بعد جهاد وصراع طويل ..
مش كموقف وقاعده عامه عن الله ..
الله اللي بنخطئ لما نتخيله إنه مارد المصباح اللي بيحقق أمنيات الناسك
بمجرد فرقعه صوباع فيرد عليه وبأعلي صوت .. شُبيك لُبيك ..

* * * * * * * * * * * * * * * * * * *

[ هؤلاء التائهين في الجبال المقفرة بالجوع والعطش والبرد والصقيع .
معوزين، متضايقين، متألمين، كقول بولس الرسول .

لكن أسمك القدوس يا ربي يسوع.. يكون لهم ناصرًا في جميع ضيقاتهم .
اسمك القدوس يا ربي يسوع .. هو ينجيهم من جميع شدائدهم .

هو يكون لهم طعام حياة .. تقتات به نفوسهم وأجسادهم معاً .
هو يكون لهم ينبوع ماء حياة .. حلواً فى حناجرهم أكثر من العسل .
إذا أخبروا به تفرح قلوبهم .. وتزهر أجسادهم .
إذا نطقوا به تستنير عقولهم .. وترتفع الى العلاء قلوبهم . ]
إبصالية الثلاثاء