عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 24 - 08 - 2012, 01:42 PM
الصورة الرمزية ezzat azmy
 
ezzat azmy Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  ezzat azmy غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 568
تـاريخ التسجيـل : Aug 2012
العــــــــمـــــــــر : 52
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 673

لا تخافوا ولا تنزعجوا! المصدر: الأهرام اليومى
بقلم: البابا شنودة الثالث

مقالات قداسة البابا شنودة الثالث من جريدة الاهرام

البابا شنودة الثالث



دعانى إلى الكتابة فى هذا الموضوع، أنى رأيت كثيرين خائفين، بل أرى البعض منهم مرتعبين، وكثيرا من الصحف، بما تنشره من موضوعات مثيرة، ومن صور مثيرة أيضا، تبث الخوف من قلوب قرائها، مثال ذلك عبارة مثل: [مصر تحترق]. أو قولهم [حرقوا مصر، وأضاعوا الثورة! أو عبارة [تدمير الدولة وإسقاطها]. أو عبارة [ضاعت البلاد وتحولت إلى خرابة!] كلها عبارات صعبة غير مقبولة، لست أدرى كيف دار معناها فى ذهن ذلك الصحفى وهو يكتبها!.
وإلى جوار هذا كله، الدخول فى تفاصيل مزعجة، تسندها أيضا صورة مثيرة،وعناوين من نفس النوع. أى موضوعات تثير الخوف أو الحزن أو كليهما. مثل ما ينشرونه عن محاولات لإسقاط الدولة. والدخول فى أحداث صعبة مثل: سرقة بنوك وسيارات ونهب بعض المحلات التجارية، مع عدد من حوادث الخطف وطلب الدية، اقتحام أقسام الشرطة والسجون، وتكرر أحداث السرقة والنهب. وحوادث كرة القدم، وأعداد القتلى والمصابين.
ويدخل هؤلاء الصحفيون أيضا فى موضوعات سياسية، لاينتهون منها إلا إلى البلبلة، ومن غير حل! وبغير حل! مثل سؤال البعض منهم: متى تسلم السلطة؟! وأيضا لمن؟ مع كلام طويل عن المخربين، ومثيرى الفتنة، وعن الانقسام وأنواعه وعن المظاهرات والمليونيات، وعن مشكلة النقد الاجنبي، ومشكلة القروض والعلاقة مع سائر الدول مما يحتاج إلى آراء المتخصصين.
وكل هذا وأمثاله قد يزعج القاريء العادي، ولا ينتفع منه بشيء!. ولهذا رأيت أن أكتب لكم: لا تخافوا ولا تنزعجوا!
ان الخوف يا أخوتى شيء جديد على البشرية، منذ خلق الله الانسان، لم يكن الانسان يخاف، ولم يعرف الخوف إلا بعد الخطية، وبعد مقتل هابيل البار.
ثم تدخل الشيطان فجعله يخاف من الموت، يخاف من الموت ومن كل ما يوصل إليه، فيخاف من الامراض وبخاصة من الامراض الثقيلة الموصلة إلى الموت، ثم من المتاعب والضيقات.
ان الحياة فيها الحلو والمر: فإن ركز الانسان على المر، حينئذ سيتعب منه ثم يخاف ويخاف من كل ما هو مر، أو ما يراه هو مرا وبالتالى من الأحداث التى يراها متعبة أو من الأحداث التى يتصور أنها ستحدث وهى متعبة، ومن المشاكل التى قد تحدث، وليست لها حلول فى ذهنه، وهكذا شيئا فشيئا يبدأ الخوف يستقر فى نفسه، ويخاف من المجهول.
إذا كان الطفل الصغير يخاف إذا ما جلس وحده، إذ ليس هناك ثان ليؤنسه ويعينه، فماذا إذن عن الكبار وأصحاب الفكر الكبير؟!
الذى لا يخاف، يلزمه أن تكون له شخصية قوية من النوع الذى لا يهتز بسرعة ولا يضطرب بسرعة، وإنما يسلك بهدوء فكرا وعملا، ويلزمه أيضا أن تكون له أعصاب هادئة، فالانسان الغضوب ما أسهل أن يخاف، أقصد أن يخاف من نفسه، إذ هو سريع السقوط، وسقوطه يخيفه.
يخاف الانسان اذا ما ساءت سمعته، فسمعته أمام الناس هى ميزان شخصيته وقدر مكانته وقدره فى نظرهم، وهذا الخوف هو خوف ذاتي، وان كانت له أسباب خارجية هى وسائل حفظ السمعة سليمة بعيدة كل البعد عن الرياء والمظاهر الخارجية.
وتنضم إلى هذه النقطة، حفظ الانسان لسمعة بيته وأولاده، فإن ما يمسهم يمسه هو بلا شك.
يوجد من الخوف نوعان: نوع نافع هو الخوف من السقوط، والخوف من جرح مشاعر الآخرين، وكلاهما للخير، ونتائجها طيبة، أما الخوف الضار فهو النابع من ضعف فى الشخصية، فهو لا ينفع صاحبه وهو لا ينفع غيره.
فوق كل نوع من أنواع الخوف، توجد مخافة الله وبها يخاف الانسان أن يكسر وصاياه، أو يعطى أى أمر من أوامره، أو أن يبعد عن الحياة معه، أو أن ينفصل عن بيته المقدس وفى مخافته لله، يحب حياة البر والتقوي. وأحيانا عبارة: «انسان يخاف الله» تحمل أسمى ما يمكن أن ينسب اليه من الفضيلة،وتدعو إلى الاطمئنان إليه.
على أن مخافة الله هى بالضرورة أيضا خطوة مهمة توصل إلى محبته، فالذى يخاف الله، لابد أنه سيسلك فى وصاياه، فاذا ما سلك فيها، يحبها، وبالتالى يحب الله معطيها، وأيضا يحب الله فى محبته لهذه الحياة صار أنقى وأفضل، وتلقائيا يجد نفسه قد انتقل من مخافة الله إلى محبة الله.
أما عبارة «لا تنزعجوا» فتعنى لا تفقدوا سلامكم الداخلى الذى هو هام لكم، وهام أيضا فى تعاملكم مع الناس، وهام ايضا فى مظهركم الخارجى وتقدير الناس لكم. والشخص المنزعج لا يعرف أن يتصرف حسنا فى أى أمر من الامور، إلا لو تخلص أولا من هذا الانزعاج، وعاد إلى الهدوء الطبيعي، ومن هنا يبدأ.
وعدم الانزعاج هو الحالة الطبيعية للحياة العامة، ففى كل مناحى الحياة فى الاقتصاد، فى التعليم، فى الحياة العامة، فى التعامل مع الآخرين، لابد أن يكون الانسان هادئا غير منفعل، لكى يكون مقبولا من غيره، ولكى يصل إلى نتيجة سالمة.
أما من جهة المشاكل والمتاعب التى وردت فى مقدمة هذا المقال، فإن لكل مشكلة حلا أو جملة حلول، لأنك أنت شخصيا لا يمكنك التحرك فى كل المجالات، وفى كل التخصصات انما اعمل فيما تستطيعه على قدر الامكانات التى وهبك الله إياها.
وأيضا اعتمد على الله وعلى نعمته وقدرته فى كل ما يقابلك من مشاكل ومن أسئلة صعبة، وأيضا اعرف ان لكل مشكلة مدى زمنيا لكى يمكن حلها فيه، فلا تنظر إلى مشكلة وتظن انها لابد ان تحل الآن! هذا كلام غير طبيعي، وعلى رأى المثل: إن الله لم يخلق العالم فى يوم واحد.
أعود مرة أخرى وأقول: لا تخافوا ولا تنزعجوا.







.جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام2010
رد مع اقتباس