
23 - 04 - 2022, 03:48 AM
|
|
..::| مشرفة |::..
|
|
|
|
|
|
زوادة اليوم:
السفر إلى الماضي
وكالة السفر إلى الماضي تعلن عن رحلتها الى عيد الفصح اليهودى لعام 33 ميلاديّة.
برنامج الرحلة :
- حضور محاكمة السيّد المسيح أمام بيلاطس ومشاهدة جلده الأماكن محدوده ، والحجز مقدماً.
فركتُ عيناي بيدي عدّة مرّات للتأكّد ممّا قرأته عيناي ، وقرأتُ الإعلان أكثر من مرّة ، لم أصدق ما قرأته ، ولكن لم لا؟ ألسنا في القرن الواحد والعشرين ؟
لم يبقَ أمامي إلّا أن أتّصل برقم الهاتف المذكور...
- ألو
- ألو
- وكالة السفر إلى الماضي؟
- نعم
- هناك إعلان عن رحلة ، هل هذا صحيح؟
- نعم هل ترغب في الحجز ؟
- نعم
- عليك بالحضور فوراً ، لم يبقَ إلاّ ثلاثة أماكن.
- هل يمكن الحجز بالتليفون ؟
- لا ، لابد من حضوركم شخصيًّا
- حسنآ ، أنا قادم...
إرتديتُ ملابسي بأسرع من السرعة وتوجّهتُ إلى الوكالة وأسرعتُ إلى موظّف الإستقبال ، الذى قادني إلى مسؤؤل الحجز الذي بادرني قائلآ :
- لم يبقَ إلاّ مقعد واحد
- هو لي
- حسناً ، عليك بملئ هذا النموذج ، ودفع قيمة الإشتراك
- كيف سنكون في هذا المكان ألن يعرفوا أنّنا غرباء؟
- طبعاً لا ، ستلبسون ملابس اليهود وتندسّون وسط الجموع
- ألا يمكن أن أكون من الجنود الرومان؟ أعتقد أنّ الرؤية ستكون أحسن لقرب الجنود من السيد المسيح.
- لا يمكن ، الجنود معرضون للإستدعاء فى الحالات الطارئة ، وقد لا نستطيع أن نجدك لتعود معنا فتقضي بقيّة حياتك جندي روماني.
- فهمت
- لا تنسى ميعاد التجمّع ولا تتأخّر فنحن دقيقون جداً في كل أمورنا ، هاك إيصال الحجز ، لا بدّ أن تحضره معك وفي الميعاد المحدّد ذهبتُ إلى مقر الوكالة ، فأخذونا في حافلة خاصّة إلى قاعدة الإنطلاق التي بدت كأنها محطه فضائيّة ، وفعلاً كانت هناك سفينة فضائيّة جاهزة للإنطلاق.
أدخلونا في حُجرة لتغيير الملابس ، وإرتدينا ملابس كملابس اليهود في ذلك الوقت ، ثم أخذوا ساعاتنا وأعطونا ساعة إلكترونيّة رقميّة وقالوا لنا :
هذه الساعة تشير إلى الوقت والتاريخ حسب التوقيت اليهودي لأورشليم ، ستصلون إلى الموقع في الثامنة صباحاً التي هي الساعة الثالثة عندهم ، موعد التجمّع للعودة ، الساعة السادسة لديهم ، أمامكم 3 ساعات فقط للمشاهدة، لا تدعوا أحداً يراكم وأنتم تنظرون في الساعة ، فلم يكن هناك ساعات يدويّة في ذلك الوقت ، أظنّ مفهوم نظرتُ إلى الساعة التي أعطوها لي ، فوجدتها تشير إلى الساعه الواحدة يوم الجمعه 5 مايو سنة 33 م .
إنطلقتُ المركبة الساعة الواحدة والنصف حسب تلك الساعة العجيبة ، بعد تركيب الحزام وباقي الإحتياطات الهامّة ، وصعدتُ إلى عنان السماء بهدوء وسلاسة ، إستغرقت الرحلة ساعة ، ثمّ هبطت بسلام هبوطاً لطيفاً.
خرجنا إلى خارج المركبة ،أشاروا لنا على مبنى حجريّ ضخم وقالوا لنا هذه هي دار الولاية ، حيث حسب ما في الإنجيل أنهم أوثقوا يسوع وأسلموه إلى بيلاطس ، ثمّ قالوا لنا هنا نلتقي بعد 3 ساعات .
كنّا ستة أشخاص لا نعرف بعضنا بعضاً ، مشينا إلى دار الولاية، كانت الساعه قبل الثالثة بقليل ، دخلنا إلى دار الولاية ، وجدنا هرجاً ومرجاً والناس يصيحون : باراباس... باراباس يريدون من بيلاطس أن يطلقه لهم من أسره.
نظرتُ إلى يسوع موثقاً في شرفة دار الولاية وعلى رأسه إكليل الشوك ، وبجانبه بيلاطس ، فوجئتُ به ينظر إِليَّ ، إليَّ أنا ، وتلاقت عينانا ، عيناه تشعّ نوراً من نوع غريب ، ليس مثله على أيّامنا ، ولكن فيهما شيء من الحزن ، وشيء من الفرح أيضاً.
فهمتُ في هذه اللحظة معنى أنّ العدل والرحمة تلاقيا في شخصه المبارك.
لم أستطع أن أتحمّل نظراته كثيراً ، فحوّلتُ عيناي إلى بيلاطس لم يعجبني ضعف بيلاطس أمام الجموع وهو ناظر إليهم وهم يصيحون : باراباس تذكرتُ ما جاء في الإنجيل ، حين قال لهم : فماذا تريدون أن أفعل بالَّذي تدعونه ملك اليهود ؟
إنهم صرخوا : أصلبه فقلتُ في نفسي ، يجب أن أقول معهم ، حتَّى لا يظنّوا أنّي غريب عنهم ، فيعرّضونني للمسائلة.
نزعني من أفكاري صوت بيلاطس سائلاً سؤاله التاريخيّ :
فماذا تريدون أن أفعل بالَّذي تدعونه ملك اليهود؟ صرختُ بأعلى صوت عندي : أصلبه ، أصلبه...
نظرتُ حولي ، وجدتُ الجموع تنظر إليَّ ، ثمّ تحوّلوا عنّي وصاحوا : أصلبه أصلبه....
ظهر لي جليًّا أنّني تسرّعتُ، وتكلْمتُ قبل الجموع.
نظرتُ إلى يسوع ، فتلاقت عينانا ثانية ، وكأنّه يعاتبني قائلاً ، لماذا طلبتَ أن أُصلب ؟ أنا أعرف يا سيّدي أنّك كنت تعلم ما سيحدث ، وأنّك حذّرتني ، ولكنّي سقطت.
نظرت إلى رؤساء الكهنة فوجدتهم سعداء يبتسمون.
نظرت إلى نيقوديموس ، فوجدته حزيناً أمّا أنا فقد إنحدرت الدموع من عينيَّ كنهر ، وبكيتُ كما لم أبكِ في حياتي.
نظرت نحو يسوع ثانية ، فوجدتهم يربطونه بسيور من جلد ، حيث يجب أن يُجلد.
لم أستطع أن أتحمّل منظر جلد سيّدي وحبيبي الَّذي تسبّبتُ له في كل هذه الآلام.
خرجتُ إلى خارج دار الولاية وبكائي يزيد ودموعي تنهمر ، هائماً على وجهي ، لا أدري إلى أين أسير ، بعد فترة من الوقت وجدتُ نفسي في مكان التجمّع للعودة ،فجلستُ على صخرة ، لا أدري ماذا أفعل ؟
بعد وقت آخر لا أدري كم هو ، لحق بي زملاء السفر ، قال لي أحدهم :
- أين أنت يا زميل ، لقد شاهدنا جلد السيّد المسيح ، ولم تكن معنا.
- لم أستطع أن أتحمّل قسوة هذا المشهد.
- فعلاً ، كان مشهداً مؤلماً ، هؤلاء الجنود الرومان قساة القلوب ولا يعرفون معنى الرحمة ، قال آخر :
- لقد صحت ، أصلبه ، فصحنا وراؤك ، وبعدها صاح الجمع : أصلبه.
عاودني البكاء والنحيب وقلتُ :
- أنا كنتُ السبب في صلب السيّد المسيح.
- لماذا تقل ذلك ؟ ألم يأتِ المسيح ليُصلب ؟ أليس هذا ما ذُكر في الإنجيل ؟
- نعم ولكنّي أخطأت ، وخطيتي امامى في كلّ حين.
- يا أخي ، نحن كلّنا صلبنا المسيح ، نحن نصلبه كل يوم بخطايانا وآثامنا.
زاد بكائي ونحيبي جاءت المركبه فركبنا ، وإنطلقت ، ثمّ لاحت لنا الأرض ، لم يكن الهبوط سهلاً ، كان سيئاً جدًّا ، يبدو أنّ قائد المركبة قد فقد السيطرة عليها حتّى إصطدمت المركبة بالأرض ، أفلت حزام المقعد وسقطت على أرض المركبة ، وغبتُ عن الوعي عندما أفقت ، وجدتُ نفسي ممدّداً على أرض غرفة نومي ، ساقطاً من فوق سريري ، نظرتُ حولي ثمّ نظرتُ إلى حائط غرفتي ، فرأيتُ الصورة التي عليها السيّد المسيح مصلوباً ، فإنتصبتُ واقفاً ، وتوجّهتُ إليه ، مقبّلاً قدميه صارخاً : سامحني يا سيّدي نظرتُ إلى عينيه ، وجدتُ عليهما علامات الفرح ، وكأنّه يقول لي : تُبْ عن خطاياك وتعال إِليَّ ،وتذكّر قولي : من يقبل إِليَّ لا أخرجه خارجاِ.

|