عرض مشاركة واحدة
قديم 03 - 01 - 2022, 11:06 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: نظرة القديسين إلى الاستشهاد


سبب الاستشهاد في المسيحية
إذن الذين وضعوا نفوسهم من أجل اسم المسيح، الذين استشهدوا في زمن الضيقة لم يستشهدوا يأسا من الحياة، لم يستشهدوا تحت ضرورة وإنما استشهدوا لأنهم يعلمون علم اليقين من يستشهدون من أجله، وأنه يستحق أن يستشهد الإنسان من أجله، استشهدوا لا عن يأس ولا عن ضيق ولا عن محبة في الموت ويأس من الحياة حاشا، لأن الذي عرف الله يحب الحياة، ولا يكرهه، لأن المسيح كم قال في الإنجيل: أن أتيت لتكون لكم حياة ولكي يكون لكم أفضل، أنا أتيت لكي تكون لكم حياة ولكي تكون لكم هذه الحياة أفضل، الذين عرفوا الله يعيشون في الدنيا في سعادة روحية، وفي سلام مع أنفسهم ومع الآخرين، ولا يتمنون الموت يأس من الحياة ومن ضيقه، إنما إذ تمنوا الموت فإنما طمعا لحياة أفضل، لكن المؤمنون لا يضيقون بالحياة الدنيا، ولا يشعرون أبدا بأن هذه الحياة لا تستحق أن يحيا الإنسان من أجله، إن الذي يحب الله لابد أن يحب الكون ويحب الحياة أيضا، ولكنه من أجل المسيح يستغني عن هذه الحياة في سبيل المسيح وفي سبيل كلمته. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). فالمسيحي الحقيقي يقول ما قاله الرسول: إن نفسي ليست ثمينة عندي، حتى أتمم بفرح سعيي: أتمم بفرح لا بضيق ولا بألم ولا علي الرغم مني، إنما أتمم بفرح سعيي، فأنا في الحياة أقوم بواجبي بفرح، في الحياة الحاضرة أحيا في الدنيا فرحا بالرب افرحوا في الرب كل حين نقول هذا الكلام لماذا؟ لأن هناك بعض الناس من غير المسيحيين عندما يقرأون عن الشهداء يقولون أنهم كانوا متضايقين من الدنيا ومتعبون وكانوا ينتحرون، هذا تأويل بعض الكتاب، وبعض من غير المسيحيين لحركة الاضطهاد والاستشهاد المسيحي، يرون أن الاستشهاد نوع من أنواع الانتحار!! نقول لا..لا.. إن المسيحيين الذين استشهدوا لم يستشهدوا بصدد ضيقهم من الحياة ولا يأسا من الحياة، لأن المسيحي الحقيقي يعيش في الدنيا سعيدا بعلاقته بالله، لأن الدين يدخل إلي قلبه السعادة ويدخل إلي قلبه الفرح، وإذا كان هناك مسيحي لا يعيش سعيدا نفسيا في الدنيا ففي الواقع أنه لم يستفد من الدين شيئًا.

يوحنا ذهبي الفم عندما أرادوا أن ينفوه إلي خارج حدود إيبارشيته قال لهم: أين تذهبوا بي؟ إلي أي مكان أذهب؟ قالوا: إلي بلد بعيد وبعيد جد، إلي مكان قاحل، قال: لا يهمني، أنا أسأل سؤالا: هل هناك الله؟ قالوا له: الله موجود في كل مكان، قال إذن كل مكان بالنسبة لي سواء، أنا سعيد بربي في هذا المكان وسعيد به في أي مكان آخر، هذا لا يزعجني هذا لا يقلقني ما دام الله معي، ومادمت أنا مع الله فأنا سعيد ولا يعنيني المكان الذي أكون فيه.


هذه هي نظرة القديسين إلي الاستشهاد
هذه روح الإنسان المسيحي الذي يعيش في الدنيا غير متبرم ولا متضايق ولا يائس ولا يتمني الموت من أجل الخلاص من الحياة الضيقة، ولكنه يعيش في حياته يحس أن الحياة تستحق أن يعيش الإنسان من أجله، لأنه يحيا في الدنيا ليستعد إلي حياة أخري له هدف في حياته، وله أمل، والأمل واضح والهدف واضح وهو لا يتخلف عن هذا الهدف الواضح. إذن الشهداء حينما استشهدوا لم يكن استشهادهم عن ضيق في الحياة ولا عن تبرم، ولا عن رغبة حقيقية في الموت في ذاته ليتخلصوا من الحياة، كما يحدث للإنسان المنتحر، حاش، إن نفسه ثمينة ومن أجل أن نفسه ثمينة يسع لخلاص نفسه ولكنه إذا رأي أن خلاصه يقتضي أن يقدم حياته من أجل المسيح لا يتأخر نفسي ليست ثمينة عندي حتى أتمم بفرح سعيي والخدمة التي قبلتها من الرب يسوع نفسه ثمينة في ذاته، ومن أجلها يسعي لكي يخلص به، ولكن ليست ثمينة بإزاء رسالته وبإزاء الهدف الذي يحيا المسيحي من أجله في هذه الحياة متطلعا إلي الأبدية متطلعا إلي الآخرة متطلعا إلي جعالة الله العلي، أنا موقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلي ذلك اليوم.

ولذلك فإن مارمينا وغيره من الشهداء كانوا يعذبون في أجسادهم تحرق أجسادهم، تقطع أعضاؤهم والناس من حولهم يتعجبون لأنهم لا يرون علي وجوه هؤلاء الشهداء علامة ضيق أو ألم، لدرجة أن نيرون مرة قال: تبا لهؤلاء الأوغال، كيف يقابلون الموت بالابتسامة؟!! كان الأمر بالنسبة له عجبا كيف يقابل المسيحيون الشهداء الموت بابتسامة، لم يعرف نيرون، ولا يعرف أهل العالم السعادة التي يعيش فيها السعداء والشهداء في بواطنهم، في اللحظة التي تقع عليهم الضربات والإهانات والشتائم، هناك لذة روحية، لذة عقلية، هناك شخوص إلي السماء ينسيهم الآلام التي من حولهم، ويخفف عنهم لأن عقولهم مركزة في السماء، لأن قلوبهم مرتفعة إلي فوق، لأنهم في عالم الروح لا يشعرون أهم في الجسد أم خارج الجسد.

أحد الشهداء حينما قيدوه بالسلاسل انحني يقبل السلاسل، وهذا يريكم نظرة الشهداء إلي الاستشهاد نظرة سعيدة، يقبل السلاسل التي يقيد بها كأنها قطع من ذهب توضع في معصميه أو توضع في رجليه، لا ينظر إليها علي أنها قيود وسلاسل، إنما يتطلع إليها علي أنها بركة أنعم بها عليه حتى يكون للمسيح شهيد، وحتى يترتب علي إيمانه وصبره واستشهاده إيمان الكثيرين من الآخرين المحيطين به، وبهذا يكون كارزًا باسم سيده، كارزًا بصمته كارزًا باحتماله وصبره وآلامه.


كيف يبرز الرب إيمان الشهداء؟!! يمجدون بفضيلتهم في الأرض والسماء
هذه نظرة القديسين إلي الاستشهاد، وهنا واحد يسأل ويقول: ولماذا يتركهم الله؟ كلما نري ضيقا في المجتمع كلما نري ضيقا في الكنيسة نقول لماذا الله يسمح بذلك؟ لماذا الله يترك الاضطهاد يقع علي الكنيسة؟ لماذا؟ هذا سؤال كثيرا ما نسأله، وكثيرا ما نسمع الشعب يردده، الله لم يترك، إنما هذا الترك إلي حين، ليري الله ماذا يصنع الثابتون علي الإيمان، إنه يعطي فرصة ليظهر إيمان المؤمنين، يعطي فرصة ليظهر الصبر والاحتمال والحب الذي يبرز في صبر القديسين وفي استشهادهم، لولا أن الله يتركهم إلي حين ويعطي فرصة للمضطهدين أن يضهطدوا، كيف يبرز إيمان الشهداء!! لو لم يعطي الله فرصة لأيوب حتى تقع عليه الآلام، هل كنا نحن نعلم الآن بصبر أيوب!! ومدي الصبر الذي أظهره أيوب في حياته!! لو كان الله تدخل في بدء الأمر لما كان أعطي أيوب فرصة ليظهر صبره واحتماله.

إذا كان الله يسمح في بعض الأوقات للكنيسة أن تضطهد، ولشعبه أن يعامل المعاملة المؤلمة كذلك يعطي فرصة لهذا الشعب أن يظهر حبه وأن يظهر إيمانه وأن يظهر مدي تمسكه به.

  رد مع اقتباس