عرض مشاركة واحدة
قديم 29 - 12 - 2021, 01:36 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الروح القدس روح القوة


2- قوة الروح القدس العاملة في أبطال الإيمان:

هؤلاء الذين شهد عصرهم المجامع المسكونية المقدسة أمثال مجمع نيقية سنة 325م، ومجمع القسطنطينية سنة 381م... ثم في الأول من القرن الخامس. مجمع أفسس سنة 431 م.، وكيف شهدت تلك الفترة أبطالًا عظامًا عمل فيهم الروح القدس بكل قوة سواء من جهة المعرفة اللاهوتية، أو القوة في الإقناع، أو القوة في مواجهة أعداء الإيمان وفي مواجه الاضطهادات والنفي والعزل وسائر الاتهامات... ونذكر في مقدمة هؤلاء القديس أثناسيوس الرسولي، والقديس باسيليوس الكبير، والقديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات، والقديس كيرلس عمود الدين في القرن الخامس... وعدد كبير من هؤلاء القمم، كان الروح القدس يعمل فيهم ومعهم للقضاء على الهرطقات ولولاة قوة الروح فيهم، ما وصل إلينا الإيمان كما نؤمن به الآن.
وتظهر قوة الروح القدس أيضًا في تلك الفترة في عمله في حياة الرهبنة والنسك.

في حياة الرهبان والمتوحدين والسواح الذين امتلأت بهم البراري والقفار، والجبال وشقوق الأرض، في صلوات وتسابيح وأصوام، وانتشرت وأصوام، وانتشرت رائحتهم الزكية العطرة في كل أرجاء المسكونة.

وأتى السائحون من كافة الأقطار ليسمعوا كلمات منفعة ينطقها الروح على أفواه هؤلاء النساك. لكي يروا نماذج عالية من أناس عاشوا في حياة الروح، في شركة كاملة مع الروح القدس، يقدموا صورًا مثالية لحياة القداسة، في الهدوء والوداعة والتأمل والسكون والصلاة الدائمة.


إنه عمل ثلاثي عجيب للروح القدس، في الاستشهاد والأيمان والنسك.

ظهرت قوة الروح في أوجها: في احتمال الموت والتعذيب، وفي الدفاع عن الإيمان السليم وفي حياة الوحدة والصلاة... كل ذلك في جيل واحد... كما قدم لنا مارجرجس ومارمينا والأمير تادرس ودميانة في مجال الاستشهاد قدم لنا أثناسيوس في اللاهوتيات وذهبي الفم في التفسير، ومارافرام في الشعر، وأغسطينوس في التأمل ... وقدم لنا أيضًا قديسي الرهبنة العظام: الأنبا أنطونيوس والثلاث مقارات والأنبا باخوميوس والأنبا شنوده والأنبا بيشوي والأنبا موسى الأسود، وعشرات القديسين العظام...


وظهرت قوة الروح القدس فيما أجراه على أيدي القديسين من آيات ومعجزات.

ما أكثر العجائب التي كانت تحدث على أيدي القديسين، وللقديسين... ليس فقط في العصر الرسولي، وفي القرنين الرابع والخامس، وإنما في كل العصور بلا استثناء . ويحدثنا القديس بولس الرسول في رسالته الأولى إلى كورنثوس عن مواهب الروح القدس التي يهبها "قاسمًا لكل واحد بمفرده كما يشاء" (1كو12: 11)... في قوات وعجائب ونبوءة ومواهب متعددة، كلها تدل على القوة العجيبة التي للروح، والتي يمنحها للمؤمنين والخدام. وبواسطة هذه الآيات والعجائب انتشر الإيمان وليس بالتعليم وحده... كانت المعجزات برهانًا على صحة الكرازة والتعليم، وعلى أن الله يسند الإيمان بقوة روحه.

مشكلتنا الحالية أن خدامًا كثيرين يخدمون بكل نشاط وباتساع في المعرفة ولكنهم لا يخدمون بقوة الروح القدس فيهم.

ربما يعتمدون على الذكاء البشرى، أو على المعرفة التي من الكتب ليس على الروح. وقد ينطقون عليهم بكلام الحكمة الإنسانية المقنع، ولكن لا ينطق الروح على أفواههم. ولا ينطبق عليهم قول الرب لتلاميذه "لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم" (مت10: 20). فإن تكلم الروح فيكم، حينئذ ستظهر القوة في كلماتكم. وكمثال لذلك:

عظة واحدة ألقاها بطرس الرسول، وهو ممتلئ بالروح، جذبت ثلاثة آلاف نفس إلى الإيمان (أع2: 41).

لأن الروح حينما يعمل، إنما يعمل بقوة... بقوة ليست عادية، إنما هي قوة إلهية.

ماذا نقول إذن: إن كان خادم لا يخدم بقوة الروح القدس، ولا حتى بروحه البشرية، وإنما بطرق عالمية، فيها الحلية والأسلوب العلماني وربما فيها أيضاُ أخطاء أهل العالم‍‍‍!! هل يمكن لمثل هذا الخادم أن ينجح في خدمته أو ينشر الملكوت؟ كم بالأكثر لو دخل في الخدمة لون من الروتين أيضًا!

لكي تنجح الكنيسة، ولكي تكون قوية، ينبغي أن يعمل فيها الروح القدس.

من نقطة البدء، إذ يكون الخادم نفسه فيه روح الله، كما كان الشمامسة السبعة (أع6). وأيضًا يستمر عمل الروح مع الخادم في كل مراحل الخدمة، فيدخل في شركة الروح القدس، ويعمل الروح القدس فيه وبه ومعه... وهكذا تكون لخدمته قوة... لا قوة الفصاحة والبلاغة. ولا قوة المعرفة والقراءة... إنما قوة الروح.


وقوة الروح ليست فقط في الخدمة، إنما في الحياة الشخصية أيضًا.

من صفات أولاد الله أنهم دائمًا أقوياء. على الأقل لأنهم صورة الله ومثاله، والله بطبيعته قوى. وثانيًا لأن أولاد الله هم الذين يعمل فيهم روح الله القدوس. وهو روح القوة (أش11: 2)... وهذه القوة التي لأولاد الله، لا تغنى بها قوة جسدية، إنما قوة في الروح وفي الفكر، قوة في الإرادة وفي العمل . قوة في حياة القداسة وفي الانتصار على حروب الشياطين. قوة في النفس والصعود ، لا نعرف الخوف ولا القلق.

وكل هذا يمنحه الروح القدس للإنسان.

فإن كنت ضعيفًا، تأكد تمامًا أنك لا تشترك مع الروح القدس الساكن فيك.

ولا أقول أن ضعفك يدل على أن الروح القدس لا يعمل فيك... كلا فالروح يعمل. إنما المهم هو تجاوبك أنت مع الروح، هل تعمل معه؟هل تشترك معه في العمل؟ هل تقاومه؟! إن سكنى الروح القدس فيك عبارة عن قوة جبارة. ولكن هل أنت تستخدم هذه القوة أو لا؟

إن حبة القمح فيها قوة الحياة. تظهر هذه القوة، إن وجدت ظروف إنبات مواتية.

إن وجدت هذه الظروف من أرض وماء وحرارة وضوء، نبت. وإلا فإن الحياة التي فيها تبقى كاملة أو معطلة. مثال آخر، كالقوة في الذرة، إن وجدت ظروفًا مساعدة، تفجرت أو استخدمت كطاقة معينة. وإلا بقيت حيث هي، طاقة غير مستخدمة.

كم من الناس فيهم قوى معطلة؟

قوة الروح فيهم لا تعمل، لأنهم لم يستخدموها. أو لأنهم أحزنوا روح الله الذي فيهم (أف4: 30). أو أطفأوا الروح (1تس5: 19). هذا الذي يضعف أمام أية خطية ويسقط، ما عمل الروح فيه؟ هل هو يستخدم قوة الروح الذي في مسحة الميرون المقدسة؟! أم قوة الروح فيه طاقة معطلة؟‍!


على أية الحالات، لا تحزن على الماضي، إنما استمع في رجاء إلى قول الكتاب:

"أما منتظروا الرب فيجدون قوة. يرفعون أجنحة كالنسور، يركضون ولا يتعبون. يمشون ولا يعيون" (أش40: 31).

إن فقدت قوة الروح، يمكنك أن تجدد عملها فيك مرة أخرى... أطلب من روح الله أن يعطيكم قوة على التوبة، وقوة على العمل. واشترك أنت في العمل معه... وستنال هذه القوة... لأنه "يعطى المعيي قدرة يكثر شدة" (أش40: 29). وحينما يمنحك الروح هذه القوة ، يمكنك أن تسبح وتغنى مع المرتل وتقول:

"قوتي وتسبحتي هو الرب وقد صار لي خلاصًا" (مز118: 14).

أخيرًا يا أخوتي... تقووا في الرب، وفي شدة قوته (أف6: 10).
  رد مع اقتباس