(ب) ودراسة استخدام العبارتين تكشف لنا عن أن متى يستخدم عبارة "ملكوت السموات" 34 مرة، وعبارة "ملكوت الله" خمس مرات، بينما ترد عبارة "ملكوت الله" 14 مرة في إنجيل مرقس، 22 مرة في إنجيل لوقا ومرتين في إنجيل يوحنا، وست مرات في أعمال الرسل، وثماني مرات في رسائل الرسول بولس، ومرة في سفر الرؤيا. ويستخدم متى عبارة "ملكوت السموات" أربع مرات في نفس المواضع التي يستخدم فيها مرقس ولوقا عبارة "ملكوت الله" (مت 4: 17؛ مع مرقس 1: 15؛ مت 10: 7؛ مع لو 9: 2؛ مت 5: 3؛ مع لو 6: 20؛ ومت 14: 11؛ مع مرقس 4: 11؛ لو 8: 10).
ومن الواضح أنه كان لدى متى سبب في اختياره لعبارة "ملكوت السموات". لقد كان متى يهوديًا يكتب لليهود من جنسه، فاحترم عادتهم في حرصهم على عدم استخدام اسم الله إلاَّ في النادر من الحالات، ولذلك استخدم عبارة "ملكوت السموات" تجنبًا لاستخدام اسم الله [انظر (لو 15: 18)، حيث يقول الابن الضال: "أخطأت إلى السماء"، وهو يقصد أنه أخطأ إلى الله]. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس الكتاب المقدس والأقسام الأخرى). ومن الجانب الآخر، لقد كتب البشيرون الثلاثة الآخرون إلى الأمم الوثنيين، فاستخدموا عبارة "ملكوت الله" التي تؤكد "وحدانية الله وسلطانه المطلق"، بينما عبارة "ملكوت السموات" كان يمكن أن يفهموها على أنها لا تنفي تعدد الآلهة في السماء. هذا على الأرجح هو ما جعل البشيرين الآخرين يتجنبون استخدام عبارة "ملكوت السموات".