كيف نجيب عن أسئلة الأطفال الجنسية (3)
ما معنى الجنس؟
قد يبدو السؤال غريباً للوهلة الأولى، ولكنه يحتاج منا إلى بحث لأن مفهومنا عن الجنس قد يكون خطأ.
فالبعض يفهم الجنس على انه – فقط- العلاقات الجنسية، والبعض الآخر يقول عنه: إنه غريزة، وقد يزيد البعض ويقول غريزة حيوانية!!!
وهناك من يراه خطيئة أو نجاسة حتى ولو كان في إطار الزواج!!
فتعالوا معاً نرى ما هو الجنس؟
يقول الكاتب كوستى بندلي :
"أن الجنس عند الإنسان ليس محض غريزة، بل مشروع لقاء".
ثم يستطرد فيقول:
"العلاقة الجنسية في الزواج هي إذا وقبل كل شيء، وفي الأساس تعبير عن الحب المتبادل بين الزوجين، وسعى إلى تحقيقه عبر لقاء الأجساد"
فمما سبق نرى أن الجنس ليس مجرد علاقات جنسية أو مجرد غريزة لأنه في الإنسان تعبير عن الحب (في الزواج) من خلال تلاقى الأجساد في العلاقة الجنسية، بل ومن خلال أعطاء الجسد للآخر كقول بولس الرسول:
"ليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل، وكذلك الرجل أيضاً ليس له تسلط على جسده بل للمرأة" (1كو 7 : 4)
فالجنس في حد ذاته ليس هدفاً، بل وسيلة للتعبير عن الحب بين الزوجين.
تعالوا معي نرى رؤية أخرى للجنس.
فالدكتور نظمى صبحي يقول:
"كلمة الجنس هنا تعنى وتحدد نوع الكائن الحي إذا ما كان ذكراً أو أنثى.. لذلك فان المجتمع يعطى اهتماماً خاصاً للجنس لأن الدافع يتميز عن سائر الدوافع بأنه له دور ملحوظ ووظيفة ذات آثار متعددة على الفرد والمجتمع وبواسطة الدافع الجنسي يشترك الفرد مع خالقه في عملية خلق جديدة".
ومن هنا ندرك أن الجنس ليس بالشيء الهين بل هو من أخطر الأمور التى من الضروري أن يعرف عنها الكبار كل شيء ولاسيما الآباء والأمهات، ثم نحن الكبار مسئولية تقديمه لأطفالنا بالكم والطريقة التى تناسب عقولهم ونموهم.
كما أنها مسئوليتنا أن نقدم لهم الجنس كخبرة مفرحة مرتبطة بالحب. فالجنس في الزواج خبرة مبهجة فالسؤال الهام:
هل العلاقة بيننا كأزواج وزوجات مبهجة لنقدمها لأطفالنا؟
فنحن من خلال التربية الجنسية لا نقدم فقط معلومات، بل حياة متكاملة.
ما هي التربية الجنسية؟
عندما اقترح البعض تدريس الجنس في المدارس تحت عنوان "التربية الجنسية" قامت الدنيا ولم تقعد.
ولو سألت احد المعترضين عن الجنس أو التربية الجنسية ما عرف الإجابة الصحيحة. لأن المعترضين يخلطون ما بين الإباحية والتربية الجنسية، ويعتقدون أن تدريس التربية الجنسية للطلبة في المدارس سيؤدى بهم إلى الانحراف والانحلال!!
ولكن دعونا نفهم المعنى الصحيح للتربية الجنسية.
يقصد بالتربية الجنسية إعطاء الطفل التعليم والمعرفة والخبرة الصالحة التى تؤهله لحسن التكيف في المواقف الجنسية في مستقبل حياته. بمعنى أننا لو تصورنا جسد الإنسان وكأنه غسالة كهربائية فأننا عندما نشترى غسالة أوتوماتيكية نهتم أولاً وقبل استخدامها أن نقرأ الكتالوج المرفق بها لنعرف مكوناتها وكيف نستخدمها الاستخدام الأمثل وكيف نحافظ عليها من التلف؟
والغريب أن بعض الزوجات - حتى الأميات منهن - يعرف كل شيء عن غسالتهن الأوتوماتيكية، ولكنهن يجهلن الكثير عن أجسادهن وعن أعضائهن التناسلية مما يسبب عدم توافقهن الجنسي مع أزواجهن الذي يؤدى بدوره إلى العديد والعديد من المشاكل الزوجية!!
فالجهل بالأمور الجنسية قد يتسبب في هلاك الإنسان كقول الكتاب: "قد هلك شعبي من عدم المعرفة" (هو 4: 6)
لذلك فالتربية الجنسية تهتم بأن يعرف الإنسان كل شيء عن جسده ولاسيما أعضاؤه الجنسية، ومما تتكون؟ وكيف تعمل؟ وكيف يحافظ عليها من الأمراض؟ وهذا يعتبر الشق الفسيولوجي في التربية الجنسية.
أما من الناحية النفسية فالتربية الجنسية تهتم بـإبراز الجانب الوجداني في الجنس الذي يميزه، عن الجنس عند الحيوان.
كما تهتم بالجانب العقلي في العلاقة الجنسية، فالجنس ليس شيئاً مستقلاً بذاته، بل هو قبول عقلي للشريك أولاً، ثم قبول للشريك على المستوى العاطفي والاجتماعي.
ثم يأتي الشق الأهم في التربية الجنسية وهو الخاص بالجانب الديني (الروحي) فهل يمكن أن يتحقق التوافق الجنسي - بمعناه الإنساني الأشمل - بين الزوجين المختلفين في الدين والعقيدة؟!
وما الحدود التى وضعها الدين للعلاقة الجنسية؟
وكيف أن العلاقة الجنسية خارج إطار الزواج محرمة، وكيف أنه في الزواج مقدسة وتعبر عن وحدانية الزوجين جسدياً؟!
هذا ما تعنيه التربية الجنسية في كل جوانبها الفسيولوجية والنفسية والاجتماعية والروحية.
فهي تهدف في النهاية إلى أن ترقى بالإنسان من الناحية الجنسية لكي يتكيف مع الشريك في الزواج لأجل حياة أفضل.
وهي تمد الأطفال بالمعرفة اللازمة لهم لكي يقبلوا جنسهم (كذكور أو إناث) بفرح وفخر، ولكي يتعرفوا على أجسادهم وأعضائهم فلا يرون فيها ما يخجل، بل على العكس يرون أجسادهم أنها تشهد على عظمة الخالق. وهي تعد المراهقين ليقبلوا التغيرات الجنسية والجسدية التى سيمرون بها بلا خوف أو انزعاج فيجتازوا تلك المرحلة بسلام وهدوء.
عن كتيب (كيف نجيب عن أسئلة الأطفال الجنسية )
القمص رافائيل نصر