* يستجيب الله طلبات البشر، لأنه صالح وكثير الرأفة
إن مشيئة الله وإرادته هي الصلاح على الدوام، وذلك لأن الله صالح، ولا معرفة له بالشرور إطلاقًا. لقد شهد الرب يسوع عن هذا الصلاح قائلًا: "... لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ" (لو18: 19). وشهد الوحي الإلهي أيضًا قائلًا: "الرَّبُّ صَالِحٌ لِلْكُلِّ، وَمَرَاحِمُهُ عَلَى كُلِّ أَعْمَالِهِ" (مز145: 9).
إن الله ليس صالحًا فقط، لكن إرادته الصالحة من نحو الإنسان لا يمكن أن تتغير أبدًا بحسب قول الكتاب: "كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ" (يع1: 17). إنه هو الأمين الذي يعطي أبناءه على الدوام وباستمرار.
* الله الأب الحنون يسر بطلبات أبنائه
الصلاة هي علاقة وصلّة بالله، وهي موضع سرور الله، وتشتمل صلوات البشر أيضًا على الطلبات التي يحتاجها الإنسان من الله. إن الإنسان محدود في إمكانياته، ولا يكتفي بما هو فيه، وهو دائم التطلع لأمور كثيرة سواء مادية، أو معنوية، أو روحية.
ولكن الله كأب لا يريد أن يفرض على ابنه عطاياه؛ لأنه يريده أن يتمتع بمساحة من الحرية في اختيار ما يرغب فيه (من الأمور التي تناسب إدراكه)، وبالطبع لن يستجيب الأب إلًا لما هو نافع لابنه، وبهذا يتحقق للابن نوع من التواصل مع أبيه والاختبار والمعرفة الذاتية، وتتحقق سعادته بنوال ما يرغب فيه هو شخصيًا.
لقد حث الرب يسوع تلاميذه المؤمنين به على طلب ما يحتاجونه كأبناء قائلًا: "إِلَى الآنَ لَمْ تَطْلُبُوا شَيْئًا بِاسْمِي. اُطْلُبُوا تَأْخُذُوا، لِيَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلًا" (يو16: 24). إن الله يُسرّ ببنوتنا له، ويشتاق أن يعطينا ما نريده لأننا أبناؤه، ولكن هل يقبل البشر نعمة البنوة ليتمتعوا بسلطان وامتيازات أبناء الله؟!
* الله يستجيب بحسب مشيئته الصالحة
عندما يستجيب الله لطلبات البشر تتم الاستجابة في زمان مناسب يحدده هو، وبالأسلوب الذي يشاؤه هو، ولا يقدر أن يجبره أحد على ما لا يريده. لقد أكد معلمنا يوحنا الرسول هذه الحقيقة قائلًا: "وَهذِهِ هِيَ الثِّقَةُ الَّتِي لَنَا عِنْدَهُ: أَنَّهُ إِنْ طَلَبْنَا شَيْئًا حَسَبَ مَشِيئَتِهِ يَسْمَعُ لَنَا. وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ مَهْمَا طَلَبْنَا يَسْمَعُ لَنَا، نَعْلَمُ أَنَّ لَنَا الطِّلِبَاتِ الَّتِي طَلَبْنَاهَا مِنْهُ" (1يو5: 14- 15). إن الله هو صاحب السلطان في مملكة الناس، ولا يمكن أن يعطي كل مَن يشاء ما يطلبه؛ لأن حينئذ لا بُد أن يتخبط، ويفنى هذا الكون نتيجة استجابة الله لطلبات ليست صالحة وبحسب هوى الناس، وأيضًا نتيجة للتخبط الذي سيقع فيه الكون من تضارب، وعدم انسجام. إن الله له سلطان ومشيئة مقدسة في مملكة الناس كقول الله لنبوخذ نصر ملك بابل: "... حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ الْعَلِيَّ مُتَسَلِّطٌ فِي مَمْلَكَةِ النَّاسِ وَيُعْطِيهَا مَنْ يَشَاءُ" (دا4: 25).
* الله يستجيب بحسب حكمته
الله حكيم عظيم الفهم وكل أعماله يصنعها بحسب حكمته اللامتناهية كقول الكتاب: "مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ! كُلَّهَا بِحِكْمَةٍ صَنَعْتَ. مَلآنةٌ الأَرْضُ مِنْ غِنَاكَ" (مز104: 24). وبالطبع يستجيب الله بحسب حكمته في التوقيت المناسب وبالطريقة المناسبة، ولذلك لا بُد أن نسلم كل أمورنا بين يديه، لأنه هو الحكيم الذي يعلم ما يحتاجه الإنسان أكثر مما يعرف هو عن نفسه كقول الكتاب: "وَالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ..." (أف3: 20).