* إلصاق تهمة القسوة بالله وبالعذراء القديسة
يكشف الكتاب المقدس ما تتميز به العذراء القديسة من رقة مشاعر وحنان تجاه كل أحد. لقد ذهبت العذراء بسرعة في رحلة طويلة عبر جبال اليهودية لتخدم أليصابات، عندما علمت من الملاك بحبلها في شيخوختها، وأشفقت العذراء على أهل العروسين في قانا الجليل؛ فذهبت طالبة من الرب يسوع لأجلهم.
لم نسمع مطلقًا عن العذراء القديسة أنها تذمرت وسط آلامها الكثيرة، أو أنها هددت، وتوعدت، لكن كاتب الرسالة يُظهر العذراء القديسة بصورة مُنفرة نتيجة قسوة وشدة وسرعة عقاب من يخالف ما تريده، لم يكتف بالقول أن العذراء لن تكون غير راضية مثلًا بغير ذلك؟ لكنه قرر العقاب حالًا، وكأن السبب هو مخالفة العذراء القديسة.
لقد أعلن الرب يسوع رفضه التام للقسوة والعنف، عندما انتهر تلميذيه، اللذين طلبا منه أن تنزل نار من السماء لتحرق أهل إحدى مدن السامرة، لأن أهلها رفضوا قبول الرب في مدينتهم قائلًا لهما: "فَلَمْ يَقْبَلُوهُ لأَنَّ وَجْهَهُ كَانَ مُتَّجِهًا نَحْوَ أُورُشَلِيمَ. فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ تِلْمِيذَاهُ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا، قَالاَ: يَا رَبُّ، أَتُرِيدُ أَنْ نَقُولَ أَنْ تَنْزِلَ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتُفْنِيَهُمْ، كَمَا فَعَلَ إِيلِيَّا أَيْضًا؟ فَالْتَفَتَ وَانْتَهَرَهُمَا وَقَالَ: لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا! لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ أَنْفُسَ النَّاسِ، بَلْ لِيُخَلِّصَ. فَمَضَوْا إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى" (لو9: 53- 56).