ثالثًا: الحق والصدق أساس معرفتنا بالمسيح
بُنيت علاقة المسيحيين بالرب يسوع على أساس الصدق والحق. فيما يلي نذكر ما ينفي عن المسيحيين الاتهامات الكاذبة القائلة بدور وتأثير الوهم والإيحاء على اعتقاد وإيمان المسيحيين.
* علاقة أساسها التوبة
علاقتنا بالمسيح تستلزم التوبة. لقد بدأت الكرازة بالمسيح بتوبيخ القديس يوحنا المعمدان الذي لم يكن يعرف الكلام المعسول، وهكذا طالب الآباء الرسل الداخلون للإيمان بالتوبة، قائلين لهم: "فَقَالَ لَهُمْ بُطْرُسُ: تُوبُوا.. لأَنَّ الْمَوْعِدَ هُوَ لَكُمْ وَلأَوْلاَدِكُمْ وَلِكُلِّ الَّذِينَ عَلَى بُعْدٍ، كُلِّ مَنْ يَدْعُوهُ الرَّبُّ إِلهُنَا. وَبِأَقْوَال أُخَرَ كَثِيرَةٍ كَانَ يَشْهَدُ لَهُمْ وَيَعِظُهُمْ قَائِلًا: اخْلُصُوا مِنْ هذَا الْجِيلِ الْمُلْتَوِي" (أع2: 38- 40).
وأكد معلمنا بولس الرسول أيضًا عدم اعتماده على كلام البلاغة، أو الفلسفة والحكمة البشرية في الكرازة قائلًا: "وَأَنَا لَمَّا أَتَيْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَتَيْتُ لَيْسَ بِسُمُوِّ الْكَلاَمِ أَوِ الْحِكْمَةِ مُنَادِيًا لَكُمْ بِشَهَادَةِ اللهِ" (1كو2: 1).
وقوله: "وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ الْحِكْمَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الْمُقْنِعِ، بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالْقُوَّةِ، لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ النَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ اللهِ" (1كو2: 4- 5).
* باب ضيق، وطريق كرب، ووعود مؤجلة
كشفت المسيحية للمؤمنين الداخلين للإيمان حديثًا أن أمامهم باب ضيق، وطريق كرب، وضيقات كثيرة في طريق الملكوت، الذي ينتظرهم كقول معلمنا بولس الرسول: "فَبَشَّرَا فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَتَلْمَذَا كَثِيرِينَ. ثُمَّ رَجَعَا إِلَى لِسْتِرَةَ وَإِيقُونِيَةَ وَأَنْطَاكِيَةَ يُشَدِّدَانِ أَنْفُسَ التَّلاَمِيذِ وَيَعِظَانِهِمْ أَنْ يَثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ، وَأَنَّهُ بِضِيقَاتٍ كَثِيرَةٍ يَنْبَغِي أَنْ نَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ" (أع14: 21- 22).
* معاناة المبشرين والكارزين الكثيرة
خرج الآباء الرسل خدام المسيح لينشروا الكرازة غير منتظرين مكافأة عن كرازتهم، لكنهم احتملوا الاضطهاد والضيق الشديد، بل أسلموا أنفسهم طواعية للاستشهاد، ذلك تنفيذًا لأمر الرب القائل: "اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّانًا أَخَذْتُمْ، مَجَّانًا أَعْطُوا".)مت 8:10) وقد أكد الرسول نقاوة الكرازة بالمسيح من أي شبهة ضلال أو مكر طمعًا في منفعة مادية، قائلًا: "بَلْ بَعْدَ مَا تَأَلَّمْنَا قَبْلًا وَبُغِيَ عَلَيْنَا كَمَا تَعْلَمُونَ، فِي فِيلِبِّي، جَاهَرْنَا فِي إِلهِنَا أَنْ نُكَلِّمَكُمْ بِإِنْجِيلِ اللهِ، فِي جِهَادٍ كَثِيرٍ. لأَنَّ وَعْظَنَا لَيْسَ عَنْ ضَلاَل، وَلاَ عَنْ دَنَسٍ، وَلاَ بِمَكْرٍ، بَلْ كَمَا اسْتُحْسِنَّا مِنَ اللهِ أَنْ نُؤْتَمَنَ عَلَى الإِنْجِيلِ، هكَذَا نَتَكَلَّمُ، لاَ كَأَنَّنَا نُرْضي النَّاسَ بَلِ اللهَ الَّذِي يَخْتَبِرُ قُلُوبَنَا. فَإِنَّنَا لَمْ نَكُنْ قَطُّ فِي كَلاَمِ تَمَلُّق كَمَا تَعْلَمُونَ، وَلاَ فِي عِلَّةِ طَمَعٍ. اَللهُ شَاهِدٌ" (1تس2: 2- 5).