* المسيحية لا تعرف غِشًا
الإنسان الذي يحيا في الوهم يقنع نفسه، أو قد يقنعه آخر بغير الحقيقة، أو بتعبير آخر يوحي لنفسه، ويخدعها بغير الحقيقة. إنه لا يريد الحقيقة، لأنه يريد، ويشتاق لما يوهم نفسه به.
إن سبب ضلال وانخداع الكثيرين هو عدم محبتهم للحق، وتفضيلهم الظلمة على النور، كقول الكتاب: "لِكَيْ يُدَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ لَمْ يُصَدِّقُوا الْحَقَّ، بَلْ سُرُّوا بِالإِثْمِ" (2تس2: 12).
لقد أكد معلمنا بولس الرسول عدم اعتماد الكرازة المسيحية على تلك الأساليب الرخيصة قائلًا: "لأَنَّ وَعْظَنَا لَيْسَ عَنْ ضَلاَل، وَلاَ عَنْ دَنَسٍ، وَلاَ بِمَكْرٍ، بَلْ كَمَا اسْتُحْسِنَّا مِنَ اللهِ أَنْ نُؤْتَمَنَ عَلَى الإِنْجِيلِ، هكَذَا نَتَكَلَّمُ، لاَ كَأَنَّنَا نُرْضِي النَّاسَ بَلِ اللهَ الَّذِي يَخْتَبِرُ قُلُوبَنَا. فَإِنَّنَا لَمْ نَكُنْ قَطُّ فِي كَلاَمِ تَمَلُّق كَمَا تَعْلَمُونَ، وَلاَ فِي عِلَّةِ طَمَعٍ. اَللهُ شَاهِدٌ" (1تس2: 3-5).
* العقل الراجح لا يقبل الوهم
لقد خلق الله للإنسان عقلًا راجحًا يزن الأمور، ويفحصها، ويسعى دائمًا إلى الاقتناع قبل تصديق أي أمر لا يعرفه.
اعتمد الرب يسوع على أسلوب الإقناع، ولم يحدث مطلقًا أن الرب يسوع ضاق صدرًا بأسئلة الناس، بل كثيرًا ما حفز الرب يسوع عقول سامعيه بسؤالهم، قبل أن يشرح لهم ما أراد أن يعلنه لهم. وقد سار رسل الرب بنفس المنهج في الكرازة كقول الكتاب: "ثُمَّ دَخَلَ الْمَجْمَعَ، وَكَانَ يُجَاهِرُ مُدَّةَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ مُحَاجًّا وَمُقْنِعًا فِي مَا يَخْتَصُّ بِمَلَكُوتِ اللهِ" (أع19: 8).
إن الحق لا يُخف على أحد إلاَّ إذا أراد هو أن لا يراه كقول الكتاب: "لأَنَّ هذَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ بِإِرَادَتِهِمْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ كَانَتْ مُنْذُ الْقَدِيمِ، وَالأَرْضَ بِكَلِمَةِ اللهِ قَائِمَةً مِنَ الْمَاءِ وَبِالْمَاءِ" (2بط3: 5). حينئذ يتملك عقل ذلك المسكين الوهم والخيال.