* شهادة صادقة تعتمد على خبرة واقعية
إن تعزية الناس ليست حرفة تعتمد على مهارة خدام الله في الكلام والبلاغة، وإتقان أساليب الإيحاء النفسي، ولكنها قوة روحية مصدرها روح الله القدوس وشهادة إيمانية حية لخبرة حياة.
لقد كتب معلمنا بولس الرسول رسالة تعزية لأهل تسالونيكي المضطهدين يخبرهم عن تجربته الشخصية وإيمانه الأكيد من نحو الله، الذي أنقذه من ضيقة مميتة ألمت به قائلًا: "الَّذِي نَجَّانَا مِنْ مَوْتٍ مِثْلِ هذَا، وَهُوَ يُنَجِّي. الَّذِي لَنَا رَجَاءٌ فِيهِ أَنَّهُ سَيُنَجِّي أَيْضًا فِيمَا بَعْدُ" (2كو1: 10).
* شهادات تاريخية دامغة
خدام الله يقدمون شهادة التاريخ في عصوره المختلفة على عمل الله، وحفظه، وتدبيره، وتدخله على الدوام لخير شعبه وكنيسته سواء في عصور كنيسة العهد القديم، أو عصور كنيسة العهد الجديد. فعلي سبيل المثال شهد نبوخذ نصر وأعيان مملكته بحقيقة وجود الله، وتدخله لإنقاذ الثلاثة فتية القديسين من لهيب آتون النار بقوله: "تَبَارَكَ إِلهُ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ، الَّذِي أَرْسَلَ مَلاَكَهُ وَأَنْقَذَ عَبِيدَهُ الَّذِينَ اتَّكَلُوا عَلَيْهِ وَغَيَّرُوا كَلِمَةَ الْمَلِكِ وَأَسْلَمُوا أَجْسَادَهُمْ لِكَيْلاَ يَعْبُدُوا أَوْ يَسْجُدُوا لإِلهٍ غَيْرِ إِلهِهِمْ" (دا3: 28).
ثالثًا: الحقائق والوعود الإلهية الراسخة
يمتلئ الكتاب المقدس بالكثير من الحقائق والوعود الإلهية الصالحة التي تعبر عن خير الله وصلاحه، وتَدخله في حياة أولاده، ولكننا سنكتفي فيما يلي بذكر بعض أمثلة من تلك الوعود الهامة اللازمة لخلاص أحباء الله، وما تضمنته من حقائق إيمانية،
ولتيسير الدراسة على القارئ العزيز سنضع كل شهادة كتابية والحقيقة الإيمانية المتضمنة لها في صورة جدول:
رابعًا: الإيمان بصلاح الله أساس كل تعزية
* صلاح الله يعم الخليقة كلها
الإيمان بصلاح الله من أهم المعتقدات الإيمانية المسيحية كقول الكتاب: "لأَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ، إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتُهُ، وَإِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ أَمَانَتُهُ" (مز5:100).
وقوله: "الربُ صَالِحٌ لِلْكُلِّ، وَمَرَاحِمُهُ عَلَى كُلِّ أَعْمَالِهِ" (مز145: 9). وصلاح الله ليس أمرًا نسبيًا كما هو الحال بالنسبة لبني البشر، ولكنه مطلق، وهو صفة جوهرية لا يملكها أحد غيره، كقول الرب يسوع: "لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ" (مر10: 18).
إن حكمة الله صالحة لأنها تعمل لخير الإنسان، وحب الله للبشر صالح، لأن الله يعطي الإنسان العطايا الصالحة فقط، وسلطان الله وضبطه للأمور صالح أيضًا، لأنه يصب دائمًا في طريق الخير، وسماح الله بحدوث الأحداث حتى المؤلمة منها أيضًا صالح، لأن ذلك يؤول للخير.
* الله الصالح المنزه عن الشر
إن الله صالح صانع خيرات. هو القدوس في طبيعته، وهو خالٍ من كل خطية أو شر. ولا يمكن أن يتوانى عن فعل الخير والصلاح الذي طالب بني البشر بفعله عند المقدرة حسب الكتاب القائل: "فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ" (يع4: 17).
إننا نؤمن أن الله لا يسمح للشر أن يوقع بأولاده، لكنه يدبر، ويخرج خيرًا وصلاحًا من وراء كل ظرف من ظروف حياتهم، حتى لو كان هذا في اعتقاد الناس شرًا لا خير فيه.