عرض مشاركة واحدة
قديم 14 - 12 - 2021, 01:51 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: - لماذا يستخدم الله شعبه في إقامة القضاء على شعوب أخرى



ثالثًا: القضاء بأسلوب العمل الإلهي المباشر


* الطوفان

القضاء الإلهي بأسلوب العمل الإلهي المباشر، (كما تم في حادثة إغراق العالم القديم بمياه الطوفان) عَبر عن قدرة الله العظيمة وسلطانه على استخدام الخليقة بكل ما فيها من إمكانات لتحقيق إرادته ومشيئته المقدسة، كما أعطى ذلك تأكيدًا عن صدق حقيقة يوم الدينونة، وفناء وانحلال الأرض بما فيها، وهلاك الأشرار الفجار.

أكدت هذه العقوبة أيضًا إن الله الذي فصل اليابس عن الماء، وأقام قارات الأرض المحاطة بماء المحيطات هو الضامن والمتحكم والحافظ الوحيد لاستمرار النظام الكوني، كما هو عليه الآن، كقول الكتاب: "... أَنَّ السَّمَاوَاتِ كَانَتْ مُنْذُ الْقَدِيمِ، وَالأَرْضَ بِكَلِمَةِ اللهِ قَائِمَةً مِنَ الْمَاءِ وَبِالْمَاءِ، اللَّوَاتِي بِهِنَّ الْعَالَمُ الْكَائِنُ حِينَئِذٍ فَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَهَلَكَ" (2بط3: 5- 6).



* هلاك سدوم وعمورة

حادثة إمطار مدينتي سدوم وعمورة بالنار والكبريت من السماء تعبر عن حقيقة الدينونة، وعذاب الأشرار بنار أبدية، كقول الكتاب: "كَمَا أَنَّ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَالْمُدُنَ الَّتِي حَوْلَهُمَا، إِذْ زَنَتْ عَلَى طَرِيق مِثْلِهِمَا، وَمَضَتْ وَرَاءَ جَسَدٍ آخَرَ، جُعِلَتْ عِبْرَةً مُكَابِدَةً عِقَابَ نَارٍ أَبَدِيَّةٍ" (يه 7:1).

كما تشير هذه الحادثة إلى أن مصدر هذه الدينونة هو إله السماء، لأنه أمطر نارًا من السماء.

â†گ اقرأ هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت كتب أخرى لنفس المؤلف.


رابعًا: تفويض البشر في إقامة القضاء الإلهي
مع دخول الشر إلى العالم ظهرت الحاجة إلى قوة أو سلطة تردعه، وتمنع انتشاره، لئلا يعم الدمار والخراب عالم الأحياء. لقد فوض الله الإنسان ليقف في وجه شر الأشرار من بني جنسه من قديم الزمن.

كما جاء في قول الله لنوح البار: "سَافِكُ دَمِ الإِنْسَانِ بِالإِنْسَانِ يُسْفَكُ دَمُهُ. لأَنَّ اللهَ عَلَى صُورَتِهِ عَمِلَ الإِنْسَانَ" (تك9: 6).

وهكذا نشأ في كل قبيلة أو مجتمع صاحب سلطان يأخذ على عاتقه هذه المهمة لخير مجتمعه. ثم تطورت بعد ذلك السلطات التي تحكم المجتمعات، وأخذت شكل تنظيمات وحكومات تصدر القوانين والشرائع، وتحاكم المخطئين، وتصدر عليهم أحكامًا قضائية، وتقوم بتنفيذها.

ثم تطور الأمر لاحقًا فأنشأت الشعوب هيئات دولية كجمعية الأمم المتحدة، والتي تبحث شر وعدوان الدول على بعضها البعض، وتحارب المعتدي حتى توقف شره.

فيما يلي نوضح أهمية تفويض الله البشر في ردع، وإيقاف شر إخوتهم بني جنسهم:



* الإنسان يتأثر بمن حوله من البشر

يتأثر سلوك الإنسان بمن حوله من الناس سواء بالإيجاب، أو بالسلب كقول الكتاب: "الْحَدِيدُ بِالْحَدِيدِ يُحَدَّدُ، وَالإِنْسَانُ يُحَدِّدُ وَجْهَ صَاحِبِهِ" (أم27: 17).

إن الناس تقتدي ببعضها البعض، وتهاب، وتخاف الوجهاء وأصحاب السلطة. إننا نلحظ أن الإنسان يطيع، ويستمع لمن يحبه، والخيرون يشجعون الآخرين، ويشهدون بإمكانية فعل الخير.

وهكذا أيضًا نرى أن شهادة الناس للحق، وحكمهم على شر الأشرار أمر ضروري في منع الشر، والتشجيع على اتباع الصلاح.

لقد أقام الله موسى النبي وهارون في القديم قضاة ليشهدوا، ويعلموا الناس الحق الإلهي، ثم أقام من بعدهم كهنة ولاويين وقضاة ليتموا أمر القضاء وأحكامه كقول الكتاب: "وَاذْهَبْ إِلَى الْكَهَنَةِ اللاَّوِيِّينَ وَإِلَى الْقَاضِي الَّذِي يَكُونُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ، وَاسْأَلْ فَيُخْبِرُوكَ بِأَمْرِ الْقَضَاءِ. فَتَعْمَلُ حَسَبَ الأَمْرِ الَّذِي يُخْبِرُونَكَ بِهِ مِنْ ذلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ، وَتَحْرِصُ أَنْ تَعْمَلَ حَسَبَ كُلِّ مَا يُعَلِّمُونَكَ" (تث17: 9- 10).



* دينونة الشر واستنكاره

إن حكم الإنسان على الشرور يعبر عن إدانته واستنكاره لمثل هذه الشرور، وهكذا تتكون تدريجيًا جبهة مضادة من داخل الناس والمجتمع ضد الشر، لأن من يستنكر الشر، ويدينه يصعب عليه فعل الشر، كقول الكتاب: "فَأَنْتَ إِذًا الَّذِي تُعَلِّمُ غَيْرَكَ، أَلَسْتَ تُعَلِّمُ نَفْسَكَ؟ الَّذِي تَكْرِزُ: أَنْ لاَ يُسْرَقَ، أَتَسْرِقُ؟ الَّذِي تَقُولُ: أَنْ لاَ يُزْنَى، أَتَزْنِي؟ الَّذِي تَسْتَكْرِهُ الأَوْثَانَ، أَتَسْرِقُ الْهَيَاكِلَ؟ (رو2: 21- 22).



* الشهادة للحق

محاكمة البشر لبشر أمثالهم، وتحقيق القضاء بأيدٍ بشرية شهادة علنية تكشف، وتفضح قباحة الشر أمام البشر إخوتهم، وتبرهن على استحقاق الأشرار مجازاة قبح شرورهم. أما افتراض تأهب الله للتدخل بأنزاله نار من السماء لعقاب الأشرار كلما أخطأ أحدهم، فهذا لن يحقق ذلك الغرض، ولكنه سيظهر الله كمستبد (وحاشا لله) يجازي الناس دون سبب.

لقد أصر يشوع النبي على اعتراف عخان بن كرمي بخيانته قبل عقابه، حتى يشهد على جرم عاخان وعدالة الله، كقول الكتاب: "فَقَالَ يَشُوعُ لِعَخَانَ: يا ابْنِي، أَعْطِ الآنَ مَجْدًا لِلرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ، وَاعْتَرِفْ لَهُ وَأَخْبِرْنِي الآنَ مَاذَا عَمِلْتَ. لاَ تُخْفِ عَنِّي" (يش7: 19).


خامسًا: استخدام الله شعبه في تنفيذ أحكامه على شعوب كنعان الشريرة
* درس عملي في عاقبة الشر

لقد أعطى الله شعبه إسرائيل عبرةً بمعاقبة آبائهم في البرية بسبب زناهم في واقعة "بعل فغور" كقوله: "أَعْيُنُكُمْ قَدْ أَبْصَرَتْ مَا فَعَلَهُ الرَّبُّ بِبَعْلَ فَغُورَ. إِنَّ كُلَّ مَنْ ذَهَبَ وَرَاءَ بَعْلَ فَغُورَ أَبَادَهُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ وَسَطِكُمْ" (تث4: 3).

وأعطى الشعب أيضًا درسًا من خلال إتمامهم قضاء الله بتحريم مدن شعوب كنعان الشريرة بما فيها من ممتلكات، لعلهم يهابون الله فلا يقدمون على التمثل بهذه الشعوب الشريرة، كقول الكتاب: "وَلاَ تُدْخِلْ رِجْسًا إِلَى بَيْتِكَ لِئَلاَّ تَكُونَ مُحَرَّمًا مِثْلَهُ. تَسْتَقْبِحُهُ وَتَكْرَهُهُ لأَنَّهُ مُحَرَّمٌ" (تث7: 26).



* إظهار ضعف آلهة شعوب كنعان أمام الله

اتكلت هذه الشعوب على قوة آلهتهم المزعومة، ولهذا كان من الضروي إظهار عدم نفع هذه الآلهة أمام شعوبها، لعلهم يرجعوا لله العلي كقوله: "الرَّبُّ مُخِيفٌ إِلَيْهِمْ، لأَنَّهُ يُهْزِلُ جَمِيعَ آلِهَةِ الأَرْضِ، فَسَيَسْجُدُ لَهُ النَّاسُ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَكَانِهِ، كُلُّ جَزَائِرِ الأُمَمِ" (صف2: 11).

لقد كان أمر الله بمحاربة هذه الشعوب بمثابة برهان عملي يشهد على كذب أسطورة قوة آلهتها، كقُولُ الكتاب: "أَيْنَ آلِهَتُهُمُ، الصَّخْرَةُ الَّتِي الْتَجَأُوا إِلَيْهَا" (تث32: 37).



* معرفة واختبار سلطان الله القوي

لقد تلامس شعب إسرائيل مع قوة الله وسلطانه عن قرب، من خلال الاشتراك في تطهير أرض كنعان من شرها، كما تعَرَّف أيضًا على الله، الذي يمنح النصرة والرفعة لمن يخشاه، ويتقيه.

لم يكن معقولًا أن يتمكن شعبًا لا يمتلك عتاد حربي، ولا خبرة حربية من طرد شعب كنعان الكثير العدد والمتمرس في فنون الحرب، والذي يمتلك عتادًا حربيًا. إن شعب إسرائيل لم يحارب سكان كنعان بالمعنى الحرفي للكلمة، لكن الذي حاربهم، وطردهم بالحقيقة هو الله، كقول الكتاب: "لَوْ عَقَلُوا لَفَطِنُوا بِهذِهِ وَتَأَمَّلُوا آخِرَتَهُمْ. كَيْفَ يَطْرُدُ وَاحِدٌ أَلْفًا، وَيَهْزِمُ اثْنَانِ رَبْوَةً، لَوْلاَ أَنَّ صَخْرَهُمْ بَاعَهُمْ وَالرَّبَّ سَلَّمَهُمْ؟" (تث32: 29- 30).



* طاعة الله والاشتراك في قداسته

كان على الشعب الذي أحب القداسة من خلال معرفته لله الاشتراك في القداسة، التي يريدها الله له، إن بُغض الشعب للشر ظهر بصورة جلية بإدراكه أهمية تطهير أرض كنعان من نجاستها، وتمثل بصورة عملية في طاعته وتتميمه حكم الله بطرد الأشرار من الأرض وإبادة ذكريات شرورهم من الأرض، كقول الكتاب: "اِحْفَظْ مَا أَنَا مُوصِيكَ الْيَوْمَ. هَا أَنَا طَارِدٌ مِنْ قُدَّامِكَ الأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ. اِحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَقْطَعَ عَهْدًا مَعَ سُكَّانِ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ آتٍ إِلَيْهَا لِئَلاَّ يَصِيرُوا فَخًّا فِي وَسَطِكَ، بَلْ تَهْدِمُونَ مَذَابِحَهُمْ، وَتُكَسِّرُونَ أَنْصَابَهُمْ، وَتَقْطَعُونَ سَوَارِيَهُمْ" (خر34: 11- 13).



* تأكيد مبدأ ارتباط النصرة بالقداسة

أرسى الله من خلال هذه الحروب مبدأ هام، وهو أن من يتعدى على وصايا الله، ولا يُحَرِّم ما حرَّمه الله لا بُد أن ينكسر، وينهزم أمام أعدائه.

لقد انتصر شعب إسرائيل على أعدائه بسبب تمسكهم بوصايا الله، ولكنهم أيضًا انهزموا أمام مدينة صغيرة اسمها عاي، لأنهم تهاونوا، وتعدوا على وصايا الله كقول الله ليشوع بن نون: "قُمْ قَدِّسِ الشَّعْبَ وَقُلْ: تَقَدَّسُوا لِلْغَدِ. لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: فِي وَسَطِكَ حَرَامٌ يَا إِسْرَائِيلُ، فَلاَ تَتَمَكَّنُ لِلثُّبُوتِ أَمَامَ أَعْدَائِكَ حَتَّى تَنْزِعُوا الْحَرَامَ مِنْ وَسَطِكُمْ" (يش7: 13).


الخلاصة
الله هو القاضي العادل، الذي فوض البشر لتتميم أعمال القضاء وأحكامه وفقًا لحكمته العالية، وذلك لمنفعة البشرية. ومع هذا يظهر الله غضبه الإلهي بطريقة مباشرة من السماء عندما تعم الفجور، وهذا يشير لسلطانه وغضبه على الشر.

أخيرًا لا يسعنا غير تمجيد الله على أحكامه العادلة وقداسته، كقول الوحي الإلهي: "وَسَمِعْتُ مَلاَكَ الْمِيَاهِ يَقُولُ:"عَادِلٌ أَنْتَ أَيُّهَا الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَكُونُ، لأَنَّكَ حَكَمْتَ هكَذَا... لأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ!"، وَسَمِعْتُ آخَرَ مِنَ الْمَذْبَحِ قَائِلًا: "نَعَمْ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ! حَق؛ وَعَادِلَةٌ هِيَ أَحْكَامُكَ" (رؤ16: 5- 7).
  رد مع اقتباس