عرض مشاركة واحدة
قديم 07 - 12 - 2021, 04:21 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: التناول من الأسرار المقدسة أمرٌ واجب وحيوي


â—ڈالاستعداد يُهيئ الإنسان للحصول على البركات:
حضور الرب وسط شعبه أعظم فرصة لنوال البركات. إن الملك إذا حضر في أي مكان من ربوع مملكته، لابد أن يُشَجِّع، ويُكافئ المجتهدين، ولذلك نراه يهب العطايا للمخلصين منهم كقول الكتاب: "لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ" (مت25: 29)، ولكنه أيضًا لا يمكنه التغاضي عن المتهاونين دون مجازاتهم. فكيف له أن يرى الشر ويتغاضى عنه؟! إن مسؤولية الملك نحو شعبه، وصلاحه، توجب عليه العمل بالحق، وعدم التهاون مع الشر. لقد أكد الوحي الإلهي قبل تجسد المسيح الرب حرصه على ضرورة استعداد شعبه بالتوبة؛ حتى يمكنهم التمتع بالبركات، بدلًا من أن تلحق به اللعنات، بسبب خطاياهم قائلًا: "هأَنَذَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا النَّبِيَّ قَبْلَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ، الْيَوْمِ الْعَظِيمِ وَالْمَخُوفِ، فَيَرُدُّ قَلْبَ الآبَاءِ عَلَى الأَبْنَاءِ، وَقَلْبَ الأَبْنَاءِ عَلَى آبَائِهِمْ. لِئَلاَّ آتِيَ وَأَضْرِبَ الأَرْضَ بِلَعْنٍ" (ملا4: 5-6).



â—ڈخطورة عدم الاستعداد لملاقاة الرب الملك:
لقد كانت التوبة هي المشورة الإلهية، التي تُعِدُّ كل نفس للتمتع ببركات حضور الله، وقد لصق الكتاب المقدس تهمة رفض مشورة الله الخلاصية بالفريسيين، والناموسيين، الذين رفضوا التوبة، والاعتراف بخطاياهم أمام المعمدان قائلًا: "وَأَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ وَالنَّامُوسِيُّونَ فَرَفَضُوا مَشُورَةَ اللهِ مِنْ جِهَةِ أَنْفُسِهِمْ، غَيْرَ مُعْتَمِدِينَ مِنْهُ" (لو7: 30). لقد كان ذلك سببًا كافيًا لفقدانهم البركات، لأنهم تقابلوا مع الملك الحق، وهم في خطاياهم، وهكذا صدق فيهم قول عاموس النبي: "لِذلِكَ هكَذَا أَصْنَعُ بِكَ يَا إِسْرَائِيلُ. فَمِنْ أَجْلِ أَنِّي أَصْنَعُ بِكَ هذَا، فَاسْتَعِدَّ لِلِقَاءِ إِلهِكَ يَا إِسْرَائِيلُ" (عا4: 12).

إن من يرفض الاستعداد الروحي لملاقاة الله معطي البركات، عليه أن يستعد للقاء الله الديان العادل. في الجزء التالي نناقش أهم وسائل، وأسس الاستعداد لتناول المقدسات.


الجزء الثاني: كيفية الاستعداد لنوال بركات السر المقدس:


أولًا: المعرفة الإلهية من خلال قراءة الكتاب في القداس الإلهي:


â—ڈالكتاب المقدس هو أساس معرفة الرب يسوع، والشاهد له:
يبدأ القداس الإلهي في الكنيسة القبطية بقداس الموعوظين -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- الذي يُقرأ فيه أجزاء من رسائل معلمنا بولس الرسول (البولس)، ومن الرسائل الجامعة (الكاثوليكون)، ومن سفر أعمال الرسل (الإبركسيس)، ثم جزء من سفر المزامير، وأخيرًا جزء من الإنجيل (البشائر الأربع)، ثم عظة تتضمن شرح وتفسير لكلمة الله، هذا بخلاف قراءة جزء من سفر المزامير يسبق قراءة الإنجيل في الليلة السابقة في صلاة رفع بخور العشية، وأيضًا في صلاة رفع بخور باكر صباحًا قبل بدء القداس الإلهي. لقد أدركت الكنيسة تعاليم إنجيلها، والتي تؤكد أنه يستحيل على من لم يعرف الرب يسوع المسيح من خلال الكتاب المقدس أن ينال البركات الإلهية المذخرة في سر التناول (الإفخارستيا)، ولهذا حرصت الكنيسة على طاعة قول الرب يسوع المسيح: "فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي" (يو5: 39).



â—ڈتنقية النفس استعدادًا للتناول من الأسرار:
قراءات قداس الموعوظين تمثل جزءًا هامًا من القداس الإلهي، لأن النفس في حاجة قبل التناول أن تُعد، وتتنقى بالمعرفة الإلهية كقول الكتاب: "أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ" (يو15: 3). لقد حذر الله في القديم من الهلاك القادم على شعبه بسبب جهلهم، وعدم معرفتهم به قائلًا: "لِذلِكَ سُبِيَ شَعْبِي لِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ، وَتَصِيرُ شُرَفَاؤُهُ رِجَالَ جُوعٍ، وَعَامَّتُهُ يَابِسِينَ مِنَ الْعَطَشِ" (إش5: 13).



â—ڈالشريعة والوصايا الإلهية في الكتب المقدسة هي الدافع للتوبة:
إن الكتاب المقدس بعهديه هو كنز المعرفة الإلهية، وهو أساس الاستعداد لنوال كل البركات الإلهية، وهو أيضًا الدافع الأول والمحرك للتوبة، والرجوع لله. لقد أقام الله كهنة، وأنبياء، وخدام في العهد القديم، والجديد ليكرزوا بكلمة الله لشعبه كقول الكتاب: "فَكَيْفَ يَدْعُونَ بِمَنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ؟ وَكَيْفَ يُؤْمِنُونَ بِمَنْ لَمْ يَسْمَعُوا بِهِ؟ وَكَيْفَ يَسْمَعُونَ بِلاَ كَارِزٍ؟" (رو10: 14).


ثانيًا: التوبة والاعتراف:
حياة التوبة والنقاوة هي الاستعداد الأمثل للتواجد في حضرة الله. إن التوبة هي معرفة الإنسان بضعفه، واعترافه بخطاياه أولًا، ثم بعد ذلك يأتي تغيير موقف الإنسان تجاه الله من البعد عنه، إلى الاقتراب والرجوع إليه، والخضوع له وطاعة وصاياه. لقد ارتبطت التوبة، والنقاوة بالاعتراف بالخطايا. إن أعظم مثال لذلك هو توبة واعتراف شعب الله، وقبولهم معمودية التوبة على يد يوحنا المعمدان، لإعدادهم للتمتع ببركات تجسد ابن الله، وحضوره وسطهم. لقد أشار الكتاب المقدس لعظمة هذه الرسالة بقوله: "وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ، وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ، لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا" (لو1: 17).



â—ڈضرورة اعتراف الإنسان بضعفه، وخطاياه:
لقد أتى المُخلصين من الشعب الخاضعين لمشورة الله إلى معمودية يوحنا المعمدان تائبين مقرين ومعترفين بخطاياهم كقول الكتاب: "وَخَرَجَ إِلَيْهِ جَمِيعُ كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَأَهْلُ أُورُشَلِيمَ وَاعْتَمَدُوا جَمِيعُهُمْ مِنْهُ فِي نَهْرِ الأُرْدُنِّ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ" (مر1: 5). وهكذا أشار علينا الوحي الإلهي بضرورة الاعتراف بخطايانا قائلًا: "مَنْ يَكْتُمُ خَطَايَاهُ لاَ يَنْجَحُ، وَمَنْ يُقِرُّ بِهَا وَيَتْرُكُهَا يُرْحَمُ" (أم28: 13). وكيف يتمتع إنسان ببركات حضور الله وهو محكوم عليه بالفشل مُقَدًّمًا بسبب كتمانه لخطاياه، وعدم المجاهرة بها؟!


ثالثًا: شركة المؤمنين ومحبتهم بعضهم بعض:


â—ڈأعضاء الجسد الواحد يشتركون في شركة جسد المسيح:
لقد أكد الوحي الإلهي أن أفراد الكنيسة يمثلون جسدًا واحدًا للمسيح ولهذا يحيون في حب، وشركة مع بعضهم البعض، وإلا فكيف يتفق خصام الأعضاء بعضها مع بعض في شركة جسد الرب يسوع المسيح كقول الكتاب: "كَأْسُ الْبَرَكَةِ الَّتِي نُبَارِكُهَا، أَلَيْسَتْ هِيَ شَرِكَةَ دَمِ الْمَسِيحِ؟ الْخُبْزُ الَّذِي نَكْسِرُهُ، أَلَيْسَ هُوَ شَرِكَةَ جَسَدِ الْمَسِيحِ؟ فَإِنَّنَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ، لأَنَّنَا جَمِيعَنَا نَشْتَرِكُ فِي الْخُبْزِ الْوَاحِدِ" (1كو10: 16- 17).



â—ڈالصلح مع القريب ومحبته:
عَلَّمَ الرب تلاميذه أن الصلح مع القريب، ومحبته له أولوية، وأهمية أكثر من تقديم الذبائح والتقدمات لله قائلًا: "فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ، فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلًا اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ" (مت5: 23- 24). إنَّ رضا الله، ونوال مواعيده مرتبط بمحبة القريب، ولذلك يصلي الشماس أثناء القداس الإلهي مطالبًا الحضور بتقبيل بعضهم بعضًا بقبلة مقدسة، لعل من يحمل في قلبه ضغينة، أو خصامًا لأخيه ينتبه أولًا لمصالحة أخية، وبالطبع من يرفض مصالحة أخيه يكون مخالفًا لوصية الرب، ومدانًا، وليس له الحق في التقدم للتناول من الأسرار المقدسة.

الجزء الثالث: الاستعداد لتناول المقدسات يتفق مع التعاليم الإنجيلية:
الاستعداد بالتوبة والاعتراف والمعرفة الإلهية، ومصالحة القريب يتوافق مع تعاليم الكتاب المقدس الأصيلة بحسب قول الكتاب في سفر الأعمال: "وَكَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَأْتُونَ مُقِرِّينَ وَمُخْبِرِينَ بِأَفْعَالِهِمْ، وَكَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ السِّحْرَ يَجْمَعُونَ الْكُتُبَ وَيُحَرِّقُونَهَا أَمَامَ الْجَمِيعِ..." (أع19: 18- 19). لقد مارست الكنيسة الأولى في زمن رسل المسيح الأطهار التعليم جنبًا إلى جنب مع التناول بحسب قول سفر أعمال الرسل القائل: "وَكَانُوا يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ الرُّسُلِ، وَالشَّرِكَةِ، وَكَسْرِ الْخُبْزِ، وَالصَّلَوَاتِ" (أع2: 42)، وهكذا يشهد الكتاب المقدس في الآية السابقة بتلازم التعليم، والشركة: أي المحبة، والصلح مع التناول من جسد الرب، ودمه، الذي هو كسر الخبز.
الجزء الرابع: على فهمك لا تعتمد:
اجتذاب الناس بالتساهل، وعدم التدقيق في السلوك والالتزام بالتعاليم الإنجيلية الأصيلة هو اعتماد على الحيل البشرية، التي تَضر ولا تُفيد، ومُخَالفة لقول الكتاب القائل: "تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ" (أم3: 5). لقد وردت كلمة توكل في النص السابق في الترجمة الإنجليزية هكذا trust أي ثق. أننا نثق أن الله له غيرة على خلاص كل أحد، وهو أحكم بما لا يقاس من البشر، ولذلك نحن نثق في وصاياه وأوامره التي ننفذها بدقة.

ومع هذا أعطت الكنيسة كهنتها السلطان لدراسة كل حالة على حدة، واتخاذ ما هو صالح، ومناسب للبنيان دون التهاون في مبادئ وتعاليم الإنجيل، لأن الكنيسة لا يمكنها التنازل عن تعاليمها الإنجيلية الأصيلة.


الخلاصة:
إننا نختتم الرد على هذا السؤال بكلمات الوحي الإلهي الحق القاطعة، والتي لا تحتمل الشك: "وَلكِنْ لِيَمْتَحِنِ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ، وَهكَذَا يَأْكُلُ مِنَ الْخُبْزِ وَيَشْرَبُ مِنَ الْكَأْسِ. لأَنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ بِدُونِ اسْتِحْقَاق يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ دَيْنُونَةً لِنَفْسِهِ، غَيْرَ مُمَيِّزٍ جَسَدَ الرَّبِّ" (1كو11: 28- 29).
  رد مع اقتباس