[B][COLOR="black"] اختيار الحمل
[/COLOR]
الخبز والخمر
11. "القربانة" عبارة عن "خبزة" صغيرة، مفلطحة ومستديرة ليس لها بداية (الدائرة) ولا نهاية، وكأنها تشير إلى سرمدية الرب الذبيح الذي لا بداية أيام له ولا نهاية، فيه نتخطى كل حواجز هذه الحياة الزمنية وندخل إلى الأبدية.
12. يخبز من دقيق القمح الخالص، إذ هو الحمل الذي بلا عيب، به نتبرر ونصير بلا عيب، ونسمع صوته الإلهي يناجينا[237] "كلك جميل يا حبيبي وليس فيك عيبة".
13. يختم بعلامة صليب في الوسط، يحيط بها اثنا عشر صليب صغير. وكأن يسوع المسيح المصلوب قد أحاطت به كنسيته (اثنا عشر تلميذ) تحمل معه صليبه. بمعنى آخر الكنيسة -التي هي جسد المسيح- تعيش في العالم حاملة الصليب مع رأسها بغير انقطاع.
رقم ١٢ يشير إلى الكنيسة، أي إلى "ملكوت الله في العالم"، لأن الثالوث القدوس (٣) يملك على (x) أربعة أركان المسكونة (٣ x ٤ = ١٢).
وكما يقول القديس أغسطينوس[238] أنه لهذا السبب كان عدد الأسباط كنيسة العهد القديم اثني عشر، وعدد تلاميذ الرب اثني عشر، وأبواب أورشليم السمائية اثني عشر بابًا...
رقم ١٢ يشير إلى ملكية الرب على حياة البشرية... وهذا هو مفهوم الكنيسة نفسها.
14. يختم حول الصليب الثلاثة تقديسات "أجيوس أوثيؤس" `agioc `o :eoc، أي قدوس الله. وكأن سرّ قداسة الكنيسة هو الله نفسه الذي يحيط بكنيسته وهو حال في وسطها. الرب في وسطها فلن تتزعزع. لا يمسها شر لأنه كسور نار يحيط بها. الله حولها يفصل بين روحها وروح محبة العالم الشرير، فلا يقدر أحد أن يدخل في روحها إلاَّ خلاله، وكل من يخرج منها يهلك.
15. الخبز المقدس مختمر لكن بغير ملح. الخمير يشير إلى الذي حمله الرب على كتفيه ودخل به نار الصليب. أما عدم تمليحه فسرّه أن المسيح ملح العالم لا يحتاج إلى ما يملحه!
16. في الكنيسة اليونانية يطعن الخبز خلال تقديسه، إما في الكنيسة القبطية فيثقب بخمس ثقوب خلال خبزه، وهذا يتناسب مع فهمنا هذه الذبيحة الحقيقية أنها روحية وأن آلام السيد المسيح تابعته منذ تجسده.
17. بعد الخبز في وقار عظيم في مبنى ملحق بالكنيسة يسمى "بيت لحم". "بيت لحم" هو المكان الذي ولد فيه الرب... معناه "بيت الخبز"، وذلك لأن ابن الله المولود هناك هو خبز الحياة إذ قال عن نفسه في إنجيله "أنا هو الخبز الحي النازل من السماء".
ت.
18. بعد الخبز شمامسة أو أناس مكرمون، يترنمون بالمزامير أثناء إعداده...
19. أن يكون خبز يومه.
20. عصير العنب وحده هو الذي يستخدم كخمر، على أن يكون نقيًا أحمر اللون.
21. في اختيار الحمل يلزم أن يكون الخبز بلا عيب والخمر غير فاسد[239].
22. كما استخدم الرب كأسًا ممزوجة، هكذا اقتفت الكنيسة أثر خطواته، فيمزج الكاهن الخمر بحوالي ثلث الكمية ماء عذبًا دون قياس كميته.
مزج الخمر بالماء فيه تذكار للماء الذي خرج من جنب الرب يسوع مع دمه حين طُعن بالحربة، وفيه إعلان عن إتحاد الأمم والشعوب التي يشير إليها سفر الرؤيا[240] بالماء مع السيد المسيح، أو كما يقول القديس ايريناؤس أن هذا المزيج فيه إشارة إلى إتحاد الكنيسة بالمسيح في كأس واحدة.
وقد كتب القديس كبريانوس رسالة مطولة فيها يمنع تقديس سرّ الإفخارستيا بالماء وحده أو الخمر وحدها.
ويقول القديس إكليمنضس السكندري[241] "كما يمتزج الخمر بالماء هكذا الروح بالإنسان".
ويلاحظ أن جميع الكنائس الشرقية تمزج الخمر بالماء ما عدا الأرمن، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. غير أن كنيسة القسطنطينية تمزج الخمر بماء ساخن إشارة إلى أن دم السيد المسيح المنسكب من جنبه مع الماء كانا ساخنين دليل الحياة.
حمل واحد وكأس واحدة
يقول القديس أغناطيوس[242] "كونوا متمسكين بالإفخارستيا الواحدة، فإن جسد ربنا يسوع المسيح واحد، ويكون لكم كأس واحدة توحدنا بدمه، مائدة واحدة وأسقف واحد مع الكاهن والشمامسة الخادمين معه. وعليه إذن فكل ما تفعلونه فافعلوه حسب إرادة الله".
في الكنيسة القبطية لا يجوز إقامة سرّ الإفخارستيا أكثر من مرة واحدة على ذات المذبح في نفس اليوم، ولا يجوز للكاهن أن يقدس في اليوم الواحد أكثر من قداس، وفي خدمة السرّ لا يستخدم إلاَّ حمل واحد وكأس واحدة، إعلان عن وحدة ذبيحة المسيح وعدم تكرارها.
وقد اختار الرب الخبز والخمر كمادتين للسرّ والتحول:
1. تحقيقًا لنبوات العهد القديم السابق ذكرها.
2. الخبز والخمر يتحولان طبيعيًا في الإنسان إلى جسد ودم، وهكذا بالروح قد يتحولان في التقديس إلى جسد الرب ودمه.
3. تقول الديداكية[243] أن السيد المسيح الذي هو رأس جسده "الكنيسة"، يضمنا في جسده كما تضم "الخبرة" حبات كثيرة من القمح، ويضم الخمر الكثير من حبات العنب. هذا أيضًا ما قالته "أنافورا دير بالوزة" المصرية.
ويقول القديس كبريانوس[244]: "عندما دعا الرب الخبز -الذي هو حصيلة إتحاد كثير من حبات الحنطة- جسده أشار إلى شعبنا الذي حمله، إذ صاروا في وحدة. وعندما دعا الخمر -الذي هو حصيلة عصير كثير من الحبات والعناقيد- دمه، عني بهذا قطيعه الذي يرتبط معًا بامتزاج الجموع في وحدة معًا".
4. الخبز والخمر يمثلاننا كتقدمة للرب، فكما أن الخبز عند تقديمه يمر بمراحل كثيرة، والخمر لا يُقدم إلاَّ بعد عصر العنب، هكذا نحن لكي نقدم للرب تقدمة، يليق بنا أن ندخل مع الرب نيران آلامه كالخبز ونجتاز معه معصرة صليبه كالعنب...
5. عندما تحدث ربنا عن موته شبّه جسده بحبة القمح قائلًا[245]: "إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها".
6. كذلك شبه ربنا ملكوته بالحنطة (القمح).
7. كما أن الخبز هو عماد الحياة الزمنية، فإن الإفخارستيا هي عماد الحياة الروحية.