الموضوع: ما هو الحمل؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 05 - 12 - 2021, 09:51 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الحمل


طقس الاستعداد
لكي يتسلم موسى الشريعة أمره الله أن يتقدس كله لمدة ثلاثة أيام، فلا يقترب أحد من زوجته، هكذا أمرت الكنيسة الكاهن والشعب أن يستعدوا ليلة التناول بلا يقترب أحد من زوجته، لا لأن في هذا دنس أو نجاسة، إنما لأنه -في عينيّ الكنيسة- هو فطر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ففي ليلة التناول يليق بالمؤمن ألاَّ ينشغل بغير التوبة وانسحاق القلب، وفي يوم التناول ينشغل بالعطية المفرحة التي وُهبت له.

هذا وقد وضعت الكنيسة طقوسًا معينة أثناء الليتورچيا إعدادًا للكاهن والشعب لهذا للقاء، يمكن تلخيصها في:

7. ارتداء الملابس الكهنوتية.

8. رفع صلوات الاستعداد.

9. التسبيح بمزامير السواعي.

10. غسل الأيدي.



١ – ارتداء الملابس المقدسة
إذ هيأ الله كاهنه يهوشع لعمل عظيم، أعلن لزكريا النبي هذه الرؤيا[232]:

"كان يهوشع لابسًا ثيابًا قذرة وواقفًا قدام الملاك.

فأجاب وكلم الواقفين قدامه قائلًا:

انزعوا عنه الثياب القذرة.

وقال له: انظر قد أذهبت عنك إثمك وألبسك ثيابًا مزخرفة.

فقلت ليضعوا على رأسه عمامة (تاجًا) طاهرة".

ونحن إذ ندخل لنعمل عمل الرب نفسه، يليق بنا أن نخلع ثيابنا التي نستخدمها في حياتنا اليومية، ونلبس الثياب المقدسة التي دُشنت بصلاة الأسقف بزيت الميرون وحُسبت في ملكية الله. بمعنى آخر، في كل مرة ندخل لخدمة الرب، نلقي عنا ضعفاتنا اليومية، ونلبس حلة الله البهية، ونُتوج بطهارته وبره، مختفين فيه.



طقس ارتداء الملابس المقدسة
يقبل الكاهن أدي أخوته الكهنة الحاضرين ويسألهم أن يسندوه بصلواتهم، ثم يصعد الكاهن إلى الهيكل ويرشم ملابسه وملابس الشمامسة بالصليب باسم الثالوث القدوس، إذ باسم الثالوث كل شيء يتقدس.

ثم يلبس الكاهن ملابس الخدمة التي لا يجوز استخدامها في غير التعبد للرب، يلبسها وهو يترنم بالمزمورين ٢٩ (٣٠) و ٩٢ (٩٣) قائلًا:

1. "أعظمك يا رب لأنك رفعتني ولم تشمت بي أعدائي"... إنهم طول الأسبوع يحاربونني ويظنون أنهم يقوون عليّ، لكنني إذ ألبس ثوب الروح يتعظًم اسمك فيَّ، ترفعني فلا يقترب العدو مني. لقد لبستك واختفيت فيك، فإنك أنت نصرتي. "أيها الرب إلهي صرخت إليك فشفيتني. يا رب أصعدت من الجحيم نفسي، وخلصتني من الهابطين في الجب... حولت نوحي إلى فرح لي. مزقت مسحي ومنطقتي سرورًا لكي ترتل لك نفسي ولا يحزن قلبي"...

هكذا يرتفع قلب الكاهن بالفرح والتهليل إذ يلبس الثوب المقدس، فيذكر ثوب العرس الذي به يدخل ملكوت الفرح الأبدي. وكأنه يقول: "تبتهج نفسي بإلهي، لأنه ألبسني ثياب الخلاص" "كساني رداء البرّ، مثل عريس يتزين بعمامة (تاج) ومثل عروس تتزين بحليها"

2. "الرب قد ملك ولبس الجلال، لبس القوة وتمنطق بها"... إذ يلبس الثوب المقدس يدرك أن الرب قد ملك على كنيسته وظهر جلاله فيها... ظهرت قوته في شعبه!

هكذا ندخل بالملابس الكتانية البيضاء لا لكي نتميز عن غيرنا فحسب بل وعن "أنفسنا"، عن ذواتنا، فنختفي في المسيح يسوع الذي يسترنا تمامًا. بلبسه حلة بهية طويلة تغطينا بالكلية إذ بدونه لا نقدر أن نفعل شيئًا.

بهذا يتعرف علينا شعبنا لا بصفتنا الشخصية، إنما كآلات الله التي يعمل الروح القدس خلالها بالرغم من عدم استحقاقنا.

ويلاحظ أن الملابس المقدسة كانت مستخدمة منذ العصر الرسولي. يقول نقولاي جوجول: "منذ العصر الرسولي كانت تستخدم ملابس خاصة (للخدمة). وبالرغم من أن الكنيسة المضطهدة لم تكن في وضع يسمح لها أن تظهر الجمال الذي اعتدناه، لكن منذ البداية كانت هناك أحكام صارمة تمنع الكاهن من الخدمة بملابسه العادية، كما تمنعه من الخروج إلى الشارع بملابس الخدمة".

وفي القرن الرابع نجد الملك قنسطنطين يهدي ثوبًا مقدسًا موشى بالذهب إلى الكاتدرائية التي بناها بنفسه، يلبسه الأسقف ليلة عيد الفصح في خدمة العماد.

أخيرًا نستطيع أن نقول ليس الكاهن وحده بل وكل (أعضاء) الكنيسة كأمة كهنوتية، يليق بهم أن ينزعوا الثياب المملوءة ترابًا أي دنس الجسد وأخطاءهم الشخصية ونجاسات الشهوة، إذ هم محتاجون إلى ثيابٍ طاهرة، ثياب غير تلك التي تستخدمها بقية الجنس البشري. تلزمهم النار الإلهية، نار الله التي يهبها للبشر، التي قال عنها ابن الله[233]: "جئت لألقي نارًا على الأرض"[234].



٢ – صلوات الاستعداد
يصعد الكاهن إلى المذبح؛ يكشف الأواني المقدسة من الابروسفارين (لفافة كبيرة يغطي بها المذبح)، ويضع الأواني المقدسة أمامه ويحلها بعد رشمها ثلاث مرات على اسم الثالوث القدوس...

في ذلك الوقت يرتل الشعب "لحن البركة"، وإذا كان الأب البطريرك أو الأسقف حاضرًا يرتلون "لحن السلام".

أما الكاهن فيقدم صلاة سرية تسمى "صلاة الاستعداد"، جاء فيها:

أيها الرب العارف قلب كل أحد،

القدوس، المستريح في قديسيه،

الذي بلا خطية وحده، القادر على مغفرة الخطايا.

أنت يا سيد تعلم أني غير مستحق ولا مستعد،

ولا مستوجب لهذه الخدمة المقدسة التي لك.

وليس لي وجه أن أقترب وأفتح فاي أمام وجهك المقدس

بل ككثرة رأفتك اغفر لي أنا الخاطي

وامنحني أن أجد نعمة ورحمة في هذه الساعة.

وأرسل لي قوة من العلاء،

لكي أبتدئ وأهيئ وأكمل كما يرضيك خدمتك المقدسة،

كمسرة إرادتك رائحة بخور.

نعم يا سيدنا كن معنا،

اشترك في العمل معنا،

باركنا.

لأنك أنت هو غفران خطايانا وضياء نفوسنا وحياتنا

وقوتنا ودالتنا

وأنت الذي نرسل لك...

هكذا قبلما يبدأ الخدمة يعترف بخطاياه وعدم استحقاقه لها، وفي نفس الوقت يؤمن أن الله الغافر الخطايا هو الذي يبدأ ويهيئ ويتمم هذه الخدمة الإلهية. إنه يعمل فينا ومعنا.

إذ يفرش الكاهن المذبح يكون قد أعد علية صهيون لكي يجتمع الرب نفسه مع شعبه، مقدمًا لهم ذات ذبيحة التي يهبها لكنيسته في العشاء الأخير.

وإذ يتهيأ القلب ويفرش للرب كي يدخل فيه، يقدم الكاهن "صلاة بعد الاستعداد" سريًا، فيها:

يقدم الشكر لله الذي منحه هذه النعمة والكرامة أن يخدم مذبحه الأقدس.

يعترف بحاجته للذبيحة أكثر من غيره، إذ هي مقدمة عن خطاياه وجهالات شعب الله، ناسبًا لنفسه "الخطايا" ولشعب "الجهالات".



٣ – صلوات السواعي "الأجبية"
يشترك الآباء الكهنة مع الشمامسة والشعب في التسبيح بمزامير وصلوات السواعي، فيترنمون الساعة الثالثة وصلاة الساعة السادسة، وفي أيام الصوم -عدا يومي السبت والأحد- يسبحون أيضًا التاسعة[235].

هذه التسابيح ترتفع بأفكارنا إلى عمل الثالوث القدوس الخلاصي، ففي صلاة الساعة الثالثة تسبح ذاك الذي سُمر على الصليب بالمسامير مبتدءًا بحمل الآلام المحيية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وفي هذه الساعة أيضًا نذكر حلول الروح القدس على الكنيسة بعد صعود المخلص طالبين أن يعمل فينا بكونه روح النبوة والعفة، روح القداسة والعدالة والسلطان، الذي هو فينا يعمل لخلاصنا.

وبتلاوة صلاة الساعة السادسة يرتفع قلبنا إلى السيد المسيح وهو معلق على الصليب، أو كما يقول التقليد الرسولي أننا بهذه الصلاة نتشبه بالمسيح وهو يصرخ على الصليب.

وبصلاة الساعة التاسعة -كما يقول التقليد الرسولي- نتشبه بأرواح القديسين الذين ذكرهم الرب فنزل إليهم وجلب لهم الراحة بعدما طُعن في جنبه وأفاض دم وماء.

هكذا تهيئنا تسابيح السواعي لسرّ الإفخارستيا، سرّ خلاصنا، بل هي جزء لا يتجزأ من ليتورچية الإفخارستيا[236].



٤ – غسل الأيدي
يغسل الكاهن يديه ثلاث مرات وهو يصلي قائلًا:

"تنضح عليّ بزوفاك فأطهر، تغسلني فأبيض أكثر من الثلج،

تسمعني سرورًا وفرحًا فتبتهج عظامي المتواضعة،

أغسل يداي بالنقاوة فأطوف حول مذبحك يا رب كي أسمع صوت تسبحتك".

بارتدائه الملابس المقدسة يعلن الكاهن رغبته في دحض ذاته، مرتديًا "ثوب البرّ" الذي هو يسوع المسيح، وبتلاوة صلوات الاستعداد يعترف بضعفاته سائلًا النعمة الإلهية أن تعمل فيه، والآن يغسل يديه. وكما يقول القديس إكليمنضس الإسكندري أنه من الطبيعي أن نجد عنصر الماء الذي يقوم بالتنظيف رمزًا للنقاوة الداخلية.

يقول القديس كيرلس الأورشليمي: "ولا يعطى هذا لإزالة أقذار مادية، إنما يشير غسل الأيدي إلى التطهير من كل خطية وعدم استحقاق. فكما ترمز الأيدي إلى العمل، هكذا يشير غسلهما إلى نقاوة الأعمال وبراءتها.

_____
  رد مع اقتباس