عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 05 - 12 - 2021, 03:09 PM
الصورة الرمزية بشرى النهيسى
بشرى النهيسى بشرى النهيسى غير متواجد حالياً
..::| VIP |::..
 
تاريخ التسجيل: Oct 2021
الدولة: مصر
المشاركات: 25,621

سيرة شهداء سبسطية


وصف (ميتافراست) Metaphraste شهادة هؤلاء الأربعين جنديًا. ومن قبله صنف القديس اغريغوريوس من نيصص St. Gregoire de Nysse مقالين يمتدحهم فيهما وكذلك كتب القديس باسيليوس يمدحهم مديحًا رائعًا.

وكان استشهادهم في 9 مارس سنة 320م. كان "ليكينيوس" الإمبراطور الروماني عديل قسطنطين من جهة قسطنسة زوجته، من أقسى مضطهدي الكنيسة. وإذ يشارك قسطنطين الإمبراطورية، أظهر في البداية ضربًا من اللطف نحو المسيحيين حتى يكتسب رضاه. لكنه عندما قطع علاقته به، رفع قناع التمويه، ولعب دورًا ايجابيا هامًا في المآسي الدموية.

كان ليكينيوس رجلًا بخيلًا قاسيًا، وبلغ من الجهل أنه كان بالجهد يستطيع أن يكتب اسمه. كان سريع الغضب، فلا هو يضبط نفسه في حركات الغضب المتطرفة، ولا هو يستمع إلى النصح، بل كان يعلن أن الذين دَرَّبوا نفوسهم في الفضيلة والأعمال الصالحة هم أعداء الإمبراطورية.

قام هذا الرجل العنيف في كبادوكية، إحدى مقاطعات ارمنيا، وكان معه جيش قوى. واصدر منشورًا يأمر فيه كل المسيحيين بترك ديانتهم وإنكار الإيمان بالمسيح يسوع، وإلا يعرضون أنفسهم للقتل.

وكان "أجريقولا" Agricola حاكم كبادوكية وأرمنيا، الصغرى، ينفذ هذه الأوامر القاسية بمنتهى الشدة. كانت سبسطية مقره، فيها قيادة الجيش، حيث توجد الفرقة (النارية) التي عُرِفَت بالمطر الإعجازي الذي نالته من السماء في أيام "مارك أوريل" Marc-Aurele وكان ليسياس Lysisas قائدها.

ورفض أربعون جنديًا من هذه الفرقة أن يذبحوا للأوثان. وكانوا من بلاد مختلفة وكلهم من الشباب الأقوياء الشجعان الذين عرفوا بخدماتهم الممتازة. وعندما حضر "ليسياس" ودعا الجيش تنفيذ أوامر الإمبراطور، تقدم هؤلاء الشجعان نحو المحكمة واعترفوا بالمسيح الواحد بعد الآخر: "أنا مسيحي".

ويقول القديس باسيليوس أنهم كانوا مثل أبطال الرياضة الذين يتقدمون لقيد أسمائهم في يوم الاحتفال في قائمة اللاعبين، ولكن مع الفارق، فلم يكونوا يتعصبون لأسماء عائلاتهم فلا يقولون: أنا فلان أو فلان. أنهم جميعًا أسرة واحدة، أخوة الرب يسوع المسيح ويدعون بذات الاسم: "أنا مسيحي".

وحاول "اجريكولا" Agricola اكتسابهم أولا باللطف. فقال لهم أن لديه الدلائل على رفعة مقامهم وأنه يعرف الوحدة القائمة بينهم، ويعرف الإعمال الجليلة التي أتوها أثناء الحرب، ويعرف اتجاه الإمبراطور في الاعتراف بخدماتهم، وسيتولى مكافأتهم بما يليق بعظمته. فلو رغبوا في الاحتفاظ برضاء الإمبراطور، عليهم إطاعة ما جاء بمشورة وإلا يفقدون العطايا التي يُرجى نيلها وتقصُر أعمارهم فيقضى عليهم وهم في زهرة العمر.

فرد عليه القديسون قائلين: "إذا كنا قد حاربنا بهذه الشجاعة كما تقول، من أجل إمبراطور أرضي، فماذا تظن أنا فاعلون الآن والمسألة مسألة خدمة إله السماء؟ تيقن أننا سوف نتصرف كشجعان ولن نترك أبدًا النصيب الصالح، وأننا سوف ننتصر".

فهددهم أغريكولا من جديد وقال: إن لم تخضعوا فسوف يحطمهم تحطيمًا، ويحرمهم من شرف حَمْل السلاح، على أن يعطيهم مهلة للتفكير. ثم أرسلهم إلى السجن. فصلى هؤلاء الجنود الكرماء قائلين:

"كما أخذنا منك يا رب نعمة النجاة من المخاطر، والنصر في المعارك التي خضناها من أجل الأمور الزائلة في ذلك الزمان، هكذا الآن أيضا إذ ندخل في المعركة من أجل مجدك، لا ترفض أن تهبنا المعونة التي نحتاج إليها".

وقضوا الليل وهم يرتلون المزمور: "الساكن في عون العلى يستريح في ظل إله السماء"، وفي تراتيل ومديح للرب.
رد مع اقتباس