عرض مشاركة واحدة
قديم 05 - 12 - 2021, 01:43 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كيف يأمر الله بتحريم أريحا أي: بقتل كل إنسان وحيوان، وتدمير الممتلكات، ولماذا يأمر الله بقتل عاخ



علاجٌ قاسٍ لوباء مستعص:
إن الشر والفساد حينما يتأصلان، ويتفشيان في مجتمع ما يضران بجميع أفراده، وهذا ما يشبه انتشار وباء مرضي يصعب السيطرة عليه بوسائل النظافة التقليدية، لأنه أصبح وباء والسكوت عليه يعني الدمار الشامل لدول بأكملها، بل قد يؤثر في قارات بأكملها. وكما أن التخلص من الوباء قد يلزمه الحزم، وذلك بحرق متعلقات المصابين؛ بل أحيانًا التخلص من جثث الموتى المصابين بالحرق.

هكذا نرى الله قد نظر، وتعامل مع هذه المدن المصابة بالفساد من هذا المنطلق، مبينًا لشعبه ضرورة تفادي انتقال فساد هذه العبادات الشريرة لهم، وما يترتب عليه من هلاك لهم.

لقد أكد يشوع النبي هذه الحقيقة قائلًا: "وَيَدْفَعُهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ أَمَامَكَ وَيُوقِعُ بِهِمِ اضْطِرَابًا عَظِيمًا حَتَّى يَفْنَوْا. وَيَدْفَعُ مُلُوكَهُمْ إِلَى يَدِكَ، فَتَمْحُو اسْمَهُمْ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ. لاَ يَقِفُ إِنْسَانٌ فِي وَجْهِكَ حَتَّى تُفْنِيَهُمْ. وَتَمَاثِيلَ آلِهَتِهِمْ تُحْرِقُونَ بِالنَّارِ. لاَ تَشْتَهِ فِضَّةً وَلاَ ذَهَبًا مِمَّا عَلَيْهَا لِتَأْخُذَ لَكَ، لِئَلاَّ تُصَادَ بِهِ لأَنَّهُ رِجْسٌ عِنْدَ الرَّبِّ إِلهِكَ. وَلاَ تُدْخِلْ رِجْسًا إِلَى بَيْتِكَ لِئَلاَّ تَكُونَ مُحَرَّمًا مِثْلَهُ. تَسْتَقْبِحُهُ وَتَكْرَهُهُ لأَنَّهُ مُحَرَّمٌ" (تث7: 23- 26).. إن الله يبيد الشر بغرض التنقية، أو للحفاظ على البقية الباقية من الهلاك كقول الرب لشعبه: "صِهْيَوْنُ تُفْدَى بِالْحَقِّ، وَتَائِبُوهَا بِالْبِرِّ. وَهَلاَكُ الْمُذْنِبِينَ وَالْخُطَاةِ يَكُونُ سَوَاءً، وَتَارِكُو الرَّبِّ يَفْنَوْنَ." (إش1: 27- 28).



التحريم عقوبة تصدر وفق أحكام قضائية إلهية:
التحريم ليس أمرًا يخص الشعب أو عامة الناس، لكنه عقوبة وحكم قضائي يأمر به الله، ويتممه الكهنة والقضاة المؤتمنون على الشريعة، وذلك الحكم يصدر بسبب فعل الشرور، والتعدي على وصايا الله ونواميسه، ومن الأمثلة الشهيرة لذلك، تحريم مدينة أريحا بسبب كثرة شرورها. لقد أمر الله بتحريم المدينة كلها باستثناء راحاب الزانية وأسرتها، لأنهم رفضوا فساد وشر الآلهة الشريرة، وقبلوا الله القدوس قائلًا: "فَتَكُونُ الْمَدِينَةُ وَكُلُّ مَا فِيهَا مُحَرَّمًا لِلرَّبِّ. رَاحَابُ الزَّانِيَةُ فَقَطْ تَحْيَا هِيَ وَكُلُّ مَنْ مَعَهَا فِي الْبَيْتِ، لأَنَّهَا قَدْ خَبَّأَتِ الْمُرْسَلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَرْسَلْنَاهُمَا. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَاحْتَرِزُوا مِنَ الْحَرَامِ لِئَلاَّ تُحَرَّمُوا، وَتَأْخُذُوا مِنَ الْحَرَامِ وَتَجْعَلُوا مَحَلَّةَ إِسْرَائِيلَ مُحَرَّمَةً وَتُكَدِّرُوهَا" (يش6: 17- 18).



التحريم عمل موجه ضد الشر:
لم يستخدم الله قضاء التحريم ضد شعب بعينه، لكن هذا الحكم كان ضد شر عبادة الأوثان المقيتة، وما ترتب عليها من خطايا نجاسة وقسوة وظلم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. إن التحريم دافعه الأول هو القداسة وكره الشر، ولا علاقة له بالبغضة، لأن الله لا يفرق في هذا بين شعب وآخر، وقد أكد موسى النبي تطبيق ذلك الحكم على شعب الله، إذا انزلقوا في نفس الشر قائلًا: "قَدْ خَرَجَ أُنَاسٌ بَنُو لَئِيمٍ مِنْ وَسَطِكَ وَطَوَّحُوا سُكَّانَ مَدِينَتِهِمْ قَائِلِينَ: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لَمْ تَعْرِفُوهَا. وَفَحَصْتَ وَفَتَّشْتَ وَسَأَلْتَ جَيِّدًا وَإِذَا الأَمْرُ صَحِيحٌ وَأَكِيدٌ، قَدْ عُمِلَ ذلِكَ الرِّجْسُ فِي وَسَطِكَ، فَضَرْبًا تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلْكَ الْمَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ، وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. تَجْمَعُ كُلَّ أَمْتِعَتِهَا إِلَى وَسَطِ سَاحَتِهَا، وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ الْمَدِينَةَ وَكُلَّ أَمْتِعَتِهَا كَامِلَةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ" (تث13: 13-16)



هدف التحريم (قداسة المجتمع):
التحريم يعبر عن قداسة الله، الذي لا يرضى بالخطية إطلاقًا، لذلك يعلن الله غضبه بمعاقبة المخطئ والقضاء عليه، ونزع شره من المجتمع لتعود إليه قداسته. إن الشر له قدرة عجيبة على الانتشار بسرعة كقول الكتاب: "لَيْسَ افْتِخَارُكُمْ حَسَنًا. أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ خَمِيرَةً صَغِيرَةً تُخَمِّرُ الْعَجِينَ كُلَّهُ؟ إِذًا نَقُّوا مِنْكُمُ الْخَمِيرَةَ الْعَتِيقَةَ، لِكَيْ تَكُونُوا عَجِينًا جَدِيدًا كَمَا أَنْتُمْ فَطِيرٌ..." (1كو5: 6- 7).

لقد شملت لعنة الخطية شعب إسرائيل كله بسبب خيانة عاخان بن كرمي، الذي تعدى أوامر الله، واختلس ما حرمه الله، ولهذا أعلن الله غضبه وتخليه عن شعبه، مطالبًا يشوع بنزع الحرام قائلًا: "قمْ قَدِّسِ الشَّعْبَ وَقُلْ: تَقَدَّسُوا لِلْغَدِ. لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: فِي وَسَطِكَ حَرَامٌ يَا إِسْرَائِيلُ، فَلاَ تَتَمَكَّنُ لِلثُّبُوتِ أَمَامَ أَعْدَائِكَ حَتَّى تَنْزِعُوا الْحَرَامَ مِنْ وَسَطِكُمْ." (يش7: 13).



قطع الشر مسئولية مجتمعية:
إن أحكام التحريم تأتي على المدينة الشريرة بأكملها، ونزع الشر يأتي بالخير والبركة للمدينة بأكملها أيضًا. لذلك فكل أفراد المجتمع ملتزمين بالبعد عن الشر، ونزع أسبابه من حياتهم. أما المجتمع المدني ممثلًا في حكامه، وقضاته فهو مسئول عن تنفيذ الأحكام الإلهية، وأيضًا عن تخصيص أفرادٍ من الشعب (جنودٍ) لنزع الشر.

إنها مسئولية نبيلة تجاه المجتمع كله. لقد كدر عاخان كل شعب إسرائيل كقول يشوع النبي: "... كَيْفَ كَدَّرْتَنَا؟ يُكَدِّرُكَ الرَّبُّ فِي هذَا الْيَوْمِ!». فَرَجَمَهُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ بِالْحِجَارَةِ وَأَحْرَقُوهُمْ بِالنَّارِ وَرَمَوْهُمْ بِالْحِجَارَةِ" (يش7: 25). ولقد نفذ أفراد من الشعب الأمر بالتحريم؛ إشارة لاشتراك الجميع في المسئولية.



أحكام التحريم واجبة النفاذ:
هي أحكام القضاء، التي يقضي بها الله على من يخالف شريعته؛ وذلك بغرض الحفاظ على المجتمع من الفساد والإيذاء، ولا بديل للتحريم، أو القتل حينما يصدر أمر الله كقول الكتاب: "كُلُّ مُحَرَّمٍ يُحَرَّمُ مِنَ النَّاسِ لاَ يُفْدَى. يُقْتَلُ قَتْلًا." (لا27: 29). إن التحريم في العهد القديم يشبه حكم الإعدام الآن، وكما أن الحكم بالإعدام لا يمكن الرجوع عنه، أو دفع فدية عنه متى صدر، كذلك أحكام التحريم التي يُصدرها الله لا يمكن الرجوع عنها. وهل نتخيل مجتمعًا على رأسه الله يتساهل مع السارق، والزاني، والقاتل بحجة الشفقة؟!

  رد مع اقتباس