قال إشعياء النبي: "ويلعَبُ الرَّضيع على سَرَب الصِّل، ويمدُّ الفَطيم يَدَه على جُحر الأفعوان. لا يسؤُون ولا يُفسدون" (إش 11: 8، 9) ويرى الأنبا ساويرس أسقف الأشمونين أن الفطيم هنا يرمز للسيد المسيح فيقول: "الفطيم الطفل يعني المسيح الذي وهو عظيم اتضع لإرادته وصار صغيرًا من أجلنا وهو أيضًا كالطفل بغير مكر ولا خطية. وقوله يمد يده على جُحر الأفعوان أي الحيَّة. يعني بيده {روح ناسوتية} ويعني بجُحر الأفعوان {الجحيم} الذي هو جُحر إبليس الحيَّة القديمة المُهلِكة، قال أنه ينحدر بروح ناسوته إلى الجحيم الذي هو جُحر إبليس الحيَّة الرديئة"(178).
قال اللَّه على لسان إشعياء النبي: "هل تُسْلَب من الجَبَّار غنيمَةٌ؟ وهل يُفلِت سبي المنصور؟ فإنه هكذا قال الرب حتى سبي الجَبَّار يُسْلَب، وغنيمَةُ العاتي تُفلِتُ. وأنا أُخاصِمُ مُخاصِمَكِ وأخَلّص أولادَكِ. وأطعِم ظالميكِ لحم أنفُسِهم، ويَسكَرُون بدَمِهم كما من سلافٍ، فيَعْلم كل بَشر أني أنا الرب مُخلِّصُكِ، وفاديك عزيز يعقُوب" (إش 49: 24 ـ 26).
وعقيدة نزول السيد المسيح إلى الجحيم ثابتة بشهادة العهد الجديد:
قال الرب يسوع "أم كيف يَستَطيع أحَدٌ أن يَدخُل بيت القَويِّ وينهَب أمتِعَتَه، إن لم يَرْبِط القَويَّ أولًا، وحينئذٍ ينهب بيتَه؟" (مت 12: 29).
قال متى الإنجيلي: "لكي يتمَّ ما قِيل بإشعياء النبيِّ.. الشعب الجَالس في ظُلمَةٍ أبصر نورًا عظيمًا، والجَالسون في كورة المَوت وظلالِهِ أشرَقَ عليهم نور" (مت 4: 13 ـ 15).
قال الرب يسوع للص اليمين: "الحَقَّ أقول لَكَ: إنك اليوم تكُون معي في الفردَوس" (لو 23: 43).
قال بولس الرسول: "لا تَقُل في قَلْبِكَ مَن يَصْعَد إلى السماء؟ أي ليُحدِر المَسيح، أو مَن يهبِطُ إلى الهاوية؟ أي ليُصعِد المسيح من الأموات" (رو 10: 6، 7).
قال بولس الرسول "إذ صَعِدَ إلى العلاء سبي سبْيًا وأعطى الناس عَطايا. وأمَّا أنه صَعِدَ فما هو إلاَّ أنه نزل أيضًا أولًا إلى أقسام الأرض السُّفْلَى. الذي نَزَل هو الذي صَعِدَ أيضًا فوق جميـع السموات" (أف 4: 8 ـ 10).
قال بطرس الرسول: "فإن المسيح أيضًا تألَّم مرَّة واحِدَةً من أجْل الخَطايا، البارُّ من أجل الأثمَةِ، لكي يُقرّبنا إلى اللَّه، مُماتًا في الجسد ولكن مُحيى في الروح. الذي فيه أيضًا ذَهَب فكَرَز للأرواح التي في السّجـن" (1بط 3: 18، 19).. "فإنه لأجل هذا بُشّر الموتى أيضًا، لكي يُدَانوا حَسَب الناس بالجَسَد، ولكن ليَحْيَوا حسب اللَّه بالروح" (1بط 4: 6).
وعقيدة نزول السيد المسيح إلى الجحيم ثابتة في التقليد:
بالرغم من أن السيد المسيح قد أمضى بجسده يوم السبت في ظلمة القبر، فإن الكنيسة تدعو هذا اليوم "سبت النور".. لماذا؟.. لأن السيد المسيح نزل بروحه إلى الجحيم وأنار على الذين كانوا في الهاوية ونقلهم إلى فردوس النعيم، والكنيسة تسهر هذه الليلة حتى صباح السبت فـي سهرة رائعة تُدعى " أبو غالمسيس" أي استعلان. إذ اُستعلنت القيامة للذين في الجحيم قبل أن تُستعلن للذين على الأرض.
وفي القداس الباسيلي يُصلي الأب الكاهن: "نزل إلى الجحيم من قِبل الصليب"، وفي القداس الغريغوري "أعطيت إطلاقًا لِمَن قُبض عليهم في الجحيم" وفي قسمة عيد القيامة "الذي من قِبل صليبه المُحيي نزل إلى الجحيم ورد أبانا آدم وبنيه إلى الفردوس"، وفي قداس القديس يوحنا الذهبي الفم: "عندما انحدرت إلى الموت أيها الحياة الذي لا يموت حينئذٍ أمتَّ الجحيم ببرق لاهوتك" وفي قطع الساعة السادسة نصلي: "نعظّمك لأن من قِبل صليب ابنكِ انهَبَطَ الجحيم وبَطُل الموت"، وفي تحليل الساعة التاسعة "وأنر علينا كما أنرت على الذين كانوا في ظلمة الجحيم وردنا جميعًا إلى فردوس النعيم".
وعقيدة نزول السيد المسيح إلى الجحيم ثابتة من أقوال الآباء:
* القديس أمبروسيوس: يقول: "من الواضح أن السيد المسيح لم يسقط تحت قوات الظلمة، بل بالحري وهو كسر سلطانها كارزًا حتى بين الأموات الذين كانوا في الجحيم لكي يحررهم"(179).
* الأب هيبوليتس: يقول: "لقد رتَّب الأمور التي على الأرض، إذ صار إنسانًا بين الناس ليُعيد الناس للخلقة التي كان عليها آدم قبل الخلقة، وذلك من خلال ذاته وأيضًا الأمور التي تحت الأرض إذ أُحصيَ مع الموتى مبشرًا بالإنجيل لنفوس القديسين"(180).
* القديس إيريناؤس: يقول: "لهذا السبب نزل الرب أيضًا إلى أعماق الأرض مبشرًا بصعوده مُعلنًا غفران الخطايا لمن آمنوا به. والآن فإن كل الذين آمنوا به وترجّوه وأعلنوا مجيئه وخضعوا لبركاته أي الأبرار والأنبيـاء والآباء. غَفَر لهم خطاياهم بنفس الكيفية التي صنعها معنا تمامًا"(181).