عرض مشاركة واحدة
قديم 04 - 12 - 2021, 02:25 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الأدلة التاريخية والأثرية والطبية على صلب المسيح وموته

أثناسيوس الرسولي (296 – 373م):
تحدّث باستفاضة عن موت المسيح المحيي على خشبة الصليب وقيامته من خلال رسائله، ومن خلال كتابه "تجسُّد الكلمة" وبقية كتبه الثمينة، فيرد على اليهود الذين يسخرون من الصليب موضحًا قوة الصليب التي حطّمت عبادة الأصنام فيقول: "يسخر اليهود بلسان مشحون شرًا وغشًا ويضحكون علينا جهرًا لأننا نؤمن ونعترف دائمًا ونعلن إيماننا بالصليب، إننا نحس بالأسف الكثير لحماقتهم لأن هؤلاء الذين يسخرون من الصليب هم حقًا عميان، لأنهم لا يرون قوة الصليب العظيم التي ملأت العالم كله.. بالأحرى يؤمنون به أنه بواسطته كان خلاص العالم، أنه لم يكن من أجل هلاك بل من أجل خلاص، وقوة الصليب واضحة إذ بدخوله إلى العالم تلاشت الوثنية وعبادة الأصنام وهربت كل شعوذة أمام علامة الصليب، ولم يبق سوى المسيح الذي نحن نمجده"(83).

وقال عن قوة الصليب: "أعطانا السيد المسيح إلهنا الصليب سلاحًا نافذًا ينفذ في النار والهواء والماء والأرض، ولا يحجبه شيء أو يعترض قوته عارض. فهو قوة اللَّه التي لا تقاوَم، تهرب من صورته الشياطين حينما يُرسَم به عليها. الصليب هو قوة المسيح للخلاص والملائكة يخضعون لقوته ويتبعونه حيثما شاهدوا رسمه ليعينوا الملتجئ إليه. ولا تحصل تخلية لمن حَمل الصليب إلاَّ للذي ضعفت أمانته فيه"(84).. "مَن يريد أن يختبر هذا عمليًا فليأت وينظر كيف تُبطَل خداع الشياطين والعرافة الكاذبة، وعجائب السحر، بمجرّد رشم الصليب، والشياطين تلوذ بالفرار"(85).

والآن هيا بنا يا صديقي لنتذوّق حلاوة كلام القديس أثناسيوس عن الصليب والقيامة من خلال مقتطفات بسيطة من كتابه تجسُّد الكلمة، فقد أوضح أن الموت غُلِب بصليب المسيح، حتى إن البشر الضعفاء بطبيعتهم أصبحوا لا يخشون هذا الموت بل يتهافتون عليه من أجل محبتهم في الملك المسيح، فقال: "فقديمًا قبل المجيء الإلهي للمُخلّص، كان الموت مرعبًا حتى بالنسبة للقديسين، وكان الجميع ينوحون على الأموات كأنهم هلكوا. أما الآن، بعد أن أقام المُخلِّص جسده، لم يعد الموت مخيفًا لأن جميع الذين يؤمنون بالمسيح يدوسونه كأنه لا شيء، بل بالحـري يُفضّلون أن يموتـوا على أن ينكروا إيمانهم بالمسيح" (تجسُّد الكلمة 27: 2)(86).

"فإن كان الموت يُداس بالإيمان بالمسيح وبعلامة الصليب، فلا بد أن يكون واضحًا أمام محكمة الحق، أنه ليس أحد آخَر سوى المسيح نفسه له الغلبة والنصرة على الموت وهو الذي أفقده كل قوته.

وإن كان الموت مرعبًا وقويًا فيما سبق، والآن بعد مجيء المُخلّص وموت جسده وقيامته فإن الموت يُحتَقر، فلا بد أن يكون واضحًا أن السيد المسيح نفسه الذي صعد على الصليب هو الذي أباد الموت وغلبه.

لأنه كما أن الشمس تشرق بعد الليل، وتستنير بها الأرض كلها فلا يكون هناك شك بالمرة في أن الشمس هي التي نشرت نورها في كل مكان، وهي التي بدَّدت الظلام وأنارت كل الأشياء، هكذا أيضًا إن كان الموت قد أُحتقر ووُطئ تحت الأقدام منذ الظهور الخلاصي للمُخلّص في الجسد وموته على الصليب، فيبقى أن يكون واضحًا تمامًا أن المُخلّص نفسه الذي ظهر في الجسد هو الذي أباد الموت، وهو الذي يُظهر علامات النصرة على الموت في تلاميذه كل يوم.

لأنه عندما يرى الإنسان أن البشر الضعفاء بطبيعتهم يسرعون إلى الموت ويتهافتون عليه ولا يخشون فساده ولا ينزعجون من مواراتهم في القبر، بل يتحدون الموت بحماس، ولا يجزعون من التعذيب، بل بالعكس فإنهم من أجل المسيح يندفعون نحو الموت بحماس مفضلينه على الحياة هنا، أو عندما يشاهد الإنسان بنفسه الرجال والنساء والأطفال يندفعون ويقفزون إلى الموت لأجل الإيمان بالمسيح، فمن يكون غبيًا بهذا القدر أو من يكون متشككًا أو عديم العقل حتى أنه لا يُدرك ولا يفهم أن المسيح الذي يشهد له هؤلاء الناس هو نفسه الذي يهب ويعطي كل واحد منهم النصرة على الموت؟ إذ أنه يجعل الموت ضعيفًا أمام كل مـن يتمسّك بإيمـان المسيح، ويحمل علامـة الصليب" (تجسد الكلمة 29: 1 ـ 4)(87).

"ومَن يُرد أن يمتحن أقوالنا السابقة بطريقة عملية فدعه ـ في وجود خداع الشياطين وضلالات المنجمين وأعاجيب السحر ـ يستعمل علامة الصليب التي يسخرون منهـا، وينطـق فقط بِاسم المسيح، فيرى كيف تهرب الشياطين من اسمـه، ويُبطَل التنجيـم، ويتلاشى كـل سحـر وعرافـة" (تجسد الكلمة 48: 3)(88).

أما الذين يعترفون بموت المسيح وينكرون قيامته فيرد عليهم القديس أثناسيوس قائلًا: "لأنه إن كان المُخلّص يعمل الآن بقوة بين البشر.. فهل لا يزال يوجد من يتطرّق الشك إلى ذهنه أن المُخلّص قد أتم القيامة وأن المسيح حيّ أو بالأحرى أنه هو نفسه الحياة؟

وهل يمكن لشخص ميت أن ينخس ضمائر الآخَرين حتى يجعلهم يرفضون نواميس آبائهم الموروثة، ويخضعون لتعاليم المسيح؟.. كيف استطاع أن يوقف أعمال الأحياء حتى يكفّ الزاني عن الزنا، والقاتل عن القتل، والظالم عن الظلم، ويصير الكافر تقيًّا؟ ولو أنه لم يقم بل لا يزال ميتًا، فكيف يستطيع أن يطرد ويطارد ويحطم تلك الآلهة الكاذبة التي يدَّعي غير المؤمنين أنها حيَّة؟ وأيضًا كيـف يستطيع أن يطرد الأرواح الشريرة التي يعبدونها" (تجسُّد الكلمة 30: 4، 5)(89).
  رد مع اقتباس