بابياس:
قال "إننا نحفظ الأحد بدلًا من السبت، لأنه يوم القيامة"(72).. "إن اللوغوس الذي خلقنا لم يتركنا وشأننا عندما أخطأنا، بل أتى إلى عالمنا وخلّصنا من خطايانا"(73).
لوسيان اليوناني:
وُلِد لوسيان سنة 100م وكان من مذهب الأبيقوريين، ومن أكثر فلاسفة اليونان البارزين الذين يؤمنون بحرية الرأي، وأسفاره العديدة منحته إطلاعًا واسعًا على الأخبار العالمية، وسخَر من إيمان المسيحيين بخلود النفس، وتقديم أنفسهم للاستشهاد، وقد سجّل لوسيان كتاباته على شكل محاورات باللغة اليونانية الفصحى، وقال في كتابه (موت بيريجرنيوس) "إن المسيحيين لا يزالون يعبدون ذلك الرجل العظيم الذي صُلِب في فلسطين، لأنه أدخل إلى العالم هذه الديانة الجديدة.. وأن هؤلاء المفتونين (يقصد المسيحيين) قد أقنعوا أنفسهم بأنهم لن يموتوا بل يخلدوا إلى الأبد، ولهذا السبب تراهم يستخفون بالموت، وكثيرون منهم يسلمون أنفسهم طواعية واختيارًا، وكذلك فإن مُشرِّعهم الأول قد علَّمهم بأنهم جميعًا إخوة الواحد للآخَر، طالما ينبذون آلهة اليونان ويعبدون ذلك الصوفي المصلوب ويعيشون حسب الشريعة"(74).
كَلسوس:
وُلِد سنة 140م وكان فيلسوفًا أبيقوريًا هاجم العقائد المسيحية، فذكر تجسّد المسيح من عذراء، وذهاب المجوس إليه، ومجيئه إلى مصر، وقتل هيرودس لأطفال بيت لحم، واعتماد المسيح بيد يوحنا، وحلول الروح القدس عليه في شبه حمامة، وشهادة السماء له بأنه ابن اللَّه، وذكر أيضًا صَلب المسيح وموته ودفنه وقيامته وصعوده إلى السموات، وإن التلاميذ حسبوه شخصًا إلهيًا (راجع القس يؤانس كمال ـ هل حقًا صُلِب المسيح؟ ص 28).
وقال كَلسوس في كتابه "البحث عن الحقيقة" مستهزءًا بالمسيح "إذا أحد أتباع المسيح أنكره، وآخَر خانه، وفي النهاية حُكِم عليه بالموت صلبًا "كما قال أيضًا" فليرجع المسيحيون إلى طرقهم القديمة، فيكفُّوا عن إتباع هذه السخافة، التي اُخترعت حديثًا، وهي عبادة اليهودي الذي صُلِب حديثًا في ظروف مشينة. ليرجعوا إلى العبادة القديمة، عبادة الآلهة الكثيرة، إلى عادات آبائهم، فالمسيحية بدعـة خطـرة حديثـة، وإن لـم توقف صارت نكبة على الإمبراطورية الرومانية"(75).
واستهزأ كَلسوس بقول السيد المسيح: "يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس"، فيقـول ساخرًا: "أولئك الذين صلبوا إلهكم"، كما هزأ بقول بولس الرسول: "صُلِب العالم لي وأنا للعالم" (راجع نيافة الأنبا يؤانس المتنيح ـ المسيحية والألم ص 27).
وقد ردّ العلاّمة أوريجانوس على كَلسوس في مؤلف ضخم، حيث فنَّد كل افتراءاته وادعاءاته.
إيريناؤس (120 – 220م):
أسقف ليون وقد كتب فصولًا طويلة في شرح آلام المسيح وصلبه وموته ودفنه وقيامته، وقال: "كما قام المسيح بجوهر الجسد، وكشف لتلاميذه آثار المسامير والفتحة في جنبه.. فقد قام بقوّته هو" (Against Her B 5. 7)(77) وقال أيضًا: "غاية الكفارة هي إيفاء مطالب العدل الإلهي نيابة عنا، والمسيح بموته على الصليب، وفىَ هذه المطالب، ومن ثمَّ كفَّر عن خطايانا إلى الأبد"(78) كما قـال عـن الاحتفال بقيامة المسيح: "إن سر قيامـة المسيح لا يمكن أن نحتفل به في أي يوم غير يوم الرب، الذي هو يوم الأحد"(79).