عرض مشاركة واحدة
قديم 02 - 12 - 2021, 07:48 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: هل تحدّثنا عن رموز العهد القديم التي ترسم لنا صورة الصليب؟

8– خروف الفصح:
من أوجه الشبه بين السيد المسيح المصلوب وخروف الفصح ما يلي:

أ ـ "تكون لكـم شاةً صحيحةً ذكرًا ابن سنةٍ، تأخذونه من الخِرْفان أو من المَوَاعِز" (خر 12: 5) أي أن خروف الفصح كان ذكرًا ابن سنة إشارة للسيد المسيح الذي قدم ذاته في عنفوان شبابه. من الخرفان أي حملًا وديعًا كقول إشعياء النبي عن ربنا يسوع: "ظُلِم أما هو فتذلَّل ولم يَفتَح فاهُ، كشاةٍ تُساق إلى الذّبح، وكنعجَةٍ صامتةٍ أمام جازّيها" (إش 53: 7)، وكقول يوحنا المعمدان عن ربنا يسوع أنه حمل اللَّه: "هوذا حَمَلُ اللَّه الذي يَرْفَع خطيّة العالم" (يو 1: 29) أو من الماعز الذي كان يُقدَّم ذبيحة خطية حسب الناموس (عدد 7: 16).


ب ـ كان خروف الفصح يظل تحت الحفظ من اليوم العاشر إلى اليوم الرابع عشر "ويكون عِندكم تحت الحِفظ إلى اليوم الرَّابع عشر من هذا الشهر" (خر 12: 6) أي خمسة أيام فربما ظهرت عليه أعراض المرض فيُرفض ولا يصلح أن يكون ذبيحة، وربنا يسوع دخل أورشليم يوم أحد الشعانين العاشر من الشهر، وظل تحت الحفظ أمام الكتبة والفريسيين يحاورونه ويجادلونه ويفحصونه ويمحصونه ويحاولون أن يصطادوه بكلمة ولكن ثبت أنه بلا عيب ولا مرض، وفي مساء يوم الخميس (اليوم الرابع عشر) قدّم جسده ودمه لتلاميذه وتم القبض عليه وأُسلم ليُصلب، والحكمة من إحضار الحَمل في اليوم العاشر إشارة إلى أن ربنا يسوع جاء بعد الناموس (الوصايا العشر).

ج ـ "يذبَحَه كل جمهور جماعَةِ إسرائيل في العشيَّة" (خر 12: 6) وربنا يسوع حكم عليه كل جمهور جماعة إسرائيل صارخين لدى بيلاطس: "اصلبه اصلبه" وكان الذبح يتم في العشية وبحسب شهادة المؤرخ اليهودي يوسيفوس في القرن الأول الميلادي أن الذبح كان يحدث بين العشاءين، أي بين بداية اختفاء الشمس وبين اختفائها الكامل، والسيد المسيح ظل مرفوعًا على الصليب حتى وقت الغروب.

د ـ "ويأخذون من الدَّم ويجعَلونه على القائِمَتين والعَتَبة العليا في البيوت التي يأكلونه فيها" (خر 12: 7) فما هذه العلامة إلاَّ علامة الصليب، وإن كان الدم لا يوضع على العتبة السفلى فلكي لا يُداس بالأقدام، وللأسف فإن كل إنسان يرفض الصليب متمسكًا بخطاياه يدوس دم العهد "فَكَم عقابًا أشرَّ تظنُّون أنه يُحسب مستحقًا مَن داس ابـن اللَّه، وحسب دم العهد الذي قُدّس به دنسًا، وازدرى بروح النِّعمة؟" (عب 10: 29) ويقول القديس هيبوليتس الروماني إن الدم على العتبة العليا يشير إلى الكنيسة، أما القائمتين فإنهما يشيران إلى اليهود والأمم.

هـ ـ دم الخروف فدى أبكار بني إسرائيل من الموت الجسدي "ويكون لكُم الدم علامَةً على البيوت التي أنتم فيها، فأرى الدَّم وأعبر عنكُم، فلا يكون عليكُم ضربَةٌ للهلاك حتى أضْربُ أرض مصر" (خر 12: 13) ودم الصليب يفدي المؤمنين به من الموت الأبدي وينقلهم للحياة الأبدية، ورغم إن الملاك المُهلك كان ذو معرفة وتميّيز عظيمان ولم يكن محتاجًا للدم ليعرف بواسطته بيوت بني إسرائيل من غيرهم، ولكن كان لا بد من علامة الدم كرمز لفداء الدم الذي صنعه ربنا يسوع على الصليب.

و ـ "ويأكلون اللَّحم تلكَ الليلة مشويًّا بالنار مع فطير. على أعشاب مُرّة يأكلونه. لا تأكلوا منه نيئًا أو طبيخًا مطبوخًا بالماء، بل مشويًّا بالنار.. ولا تبقوا منه إلى الصباح" (خر 12: 8 ـ 10) كان خروف الفصح لا يؤكَل نيئًا ولا يُطبخ ولكن يشوى بالنار إشارة للآلام الرهيبة التي تحمَّلها السيد المسيح في رحلة الصليب. ويُسوىَ على أعشاب مرة إشارة للآلام النفسية التي جاز فيها ربنا يسوع حتى أنه قال: "نفسي حزينةٌ جدًا حتى الموت" (مت 26: 38) وكان الخروف يُشوى على سفودين (سيخين) متعامدين على هيئة صليب والسيد المسيح سُمّر على الصليب الذي هو عارضتين متعامدتين، وكان خروف الفصح يؤكل بالكامل ولا يبقى منه شيئًا إلى الصباح، ولذلك تجد الأب الكاهن في كنيستنا الأرثوذكسية يمسح الصينية بإصبعه ويغسلها بالماء ويشرب الماء لئلا تكون هناك جوهرة صغيرة جدًا من الجسد المقدّس تبقى لليوم التالي.

ز ـ أكل خروف الفصح إشارة لجسد ربنا يسوع ودمه اللذان قدّمهما للكنيسة في سر الأفخارستيا، فلم يكتفِ الرمز برش الدم فقط بل اكتمل بالأكل من خروف الفصح، وذلك للاتحاد بالفادي: "إن لم تأكُلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دَمَه فليس لكم حياةٌ فيكم. مَن يأكل جسدي ويشرَب دمي فَلَه حياة أبديَّة وأنا أقيمه في اليوم الأخير.. مـَن يأكل جسدي ويشرَب دمـي يثبُت فيَّ وأنا فيه" (يو 6: 53 – 56). أي إن خـروف الفصح ليس تذكارًا لقصة تاريخية حدثت في الماضي البعيد، ولكنه يمثّل حياة شركة مستمرة بين اللَّه والكنيسة، حياة شركة تعيشها الكنيسة ليس مرّة كل عام، لكن في كل قداس إلهي تقيمه، ويقول الأب ميليتو أسقف ساردس: "يتحقَّق سر الفصح في جسد الرب. فقد اقتيد كحمل وذُبِح كشاة مُخلّصًا إيانا من عبودية العالم (مصر) ومُحرّرنا من عبودية الشيطان كما من فرعون خاتمًا نفوسنا بروحه وأعضاءنا الجسدية بدمه. أنه ذاك الواحد الذي خلّصنا من العبودية إلى الحرية، ومن الظلمة إلى النور، ومن الموت إلى الحياة، ومن الظلم إلى الملكوت الأبدي. أنه ذاك الذي (فصح) دبَّر خلاصنا. هو الحمل الصامت.. الذي أُخذ من القطيع واُقتيد للذبح في المساء ودُفِن بالليل، من أجل هذا كان عيـد الفطير مُرًّا كما يقول كتابكم المقدَّس تأكلونه فطيرًا بأعشاب مُرّة. مُرَّة لكم هي المسامير التي استخدمت. مرُّ هو اللسان الذي جدّف. مُرَّة هي الشهادة الباطلة التي نطقتم بها ضده"(35).

ح ـ يقول الكتاب وكل إنسان غير مختون لا يأكل من خروف الفصح. "وأمَّا كل أغْلَفَ فلا يأكُل منه" (خر 12: 48).. والختان رمز للمعمودية، فالإنسان غير المُعمّد لا يشترك في وليمة القداس الإلهي.

ط ـ كان أمر اللَّه لبنـي إسرائيـل عنـد أكـل خروف الفصح بعدم كسر عظامه: "وعَظْمًا لا تكسِروا منه" (خر 12: 46) ومُعلّمنا داود النبي يقول عن ربنا يسوع: "يحفَظُ جميع عِظامِهِ. واحِدٌ منها لا ينكسر" (مز 34: 20) وفعلًا هذا ما حدث لجسد السيد المسيح على الصليب، فعندما أرادوا أن يكسروا ساقيه حتى لا تبقى الأجساد إلى السبت وجدوه قد مات: "لأن هذا كان ليَتمَّ الكتاب القائل عَظْمٌ لا يُكسَر منه" (يو 19: 36).

ي ـ الفصح معناه العبور، وكما عبر خروف الفصح ببني إسرائيل من الموت إلى الحياة هكذا عبر ربنا يسوع المصلوب بنا من الموت الأبدي للحياة الأبدية، وهذا ما أوضحه الإنجيل إذ قال أن يسوع المسيح هو فصحنا الجديد الذي ذُبح لأجلنا "لأن فِصْحنا أيضًا المسيح قد ذُبِح لأجلنا" (1كو 5: 7).

ك ـ كانت ذبيحة الفصح تُعتبر أول الذبائح وعيد الفصح يُعتبر أكبر الأعياد اليهودية، والشهر الذي تُقدَّم فيه هذه الذبيحة (نيسان) هو أول الشهور، وكأن الوحي الإلهي يريد أن يعلّمنا أن الحياة الجديدة تبدأ بعد الفداء بالدم.

وأخيرًا نقول بأننا نحن المصريين نفتخر لأن هذا الرمز الرائع للصليب تم في أرض مصر، وليس هذا الرمز فقط، بل أيضًا عبور البحر الأحمر، وماء مارّة، وضرب الصخرة، وغلبة عماليق، والحية النحاسية.. إلخ، كل هذه الرموز كانت على أرضنا المصرية، لذلك يحق لسفر الرؤيا أن يقول: "ومصر حيث صُلِب ربنا" (رؤ 11: 8) وحَظَت مصر بأكبر عدد من شهداء المسيحية الذين حملوا صليب الاستشهاد بفرح، حتى قال المؤرخون: "لم يعرف العالم شهداء كشهداء المسيحية، ولم تعرف المسيحية شهداء مثل شهداء مصر. ولم تعرف مصر شهداء مثل شهداء إسنا ونقادة وأخميم"(36).

وملاحظة أخيرة على أحداث خروف الفصح إن الذين فُدوا بالدم يجب أن يكرَّسوا للَّه بالكامل، وكان عدد المفديين من أبكار بني إسرائيل 23273 شخصًا، فأخذ اللَّه بدلًا منهم سبط لاوي بالكامل وخصَّصه له، وكان عدد سبط لاوي ثلاثة وعشرين ألفًا، والفارق هو 273 شخص فدى كل شخص منهم بخمسة شواقل، وكلم الرب موسى قائلًا: "خُذ اللاّويِّين بَدَل كل بِكْر في بني إسرائيل، وبهائم اللاّويين بَدَل بهائمهم، فيكون لي اللاويُّون أنا الرب.. لكل رأسٍ.. وتعطي الفضة لهارون وبنيه فداء الزَّائدين عليهم" (عد 3: 44 ـ 48).
  رد مع اقتباس