21ـ ثقب الأيدي والأرجل والجروح:
قال داود النبي: "لأنه قَد أحَاطَت بي كلابٌ. جماعةٌ من الأشرار اكتنفتني. ثقبوا يديَّ ورجليَّ" (مز 22: 16) ولم يحدث قط أنهم ثقبوا يدي داود ورجليه، لأن داود مات فوق سريره مكرَّمًا ودُفِن بشيبة صالحة: "ولما قَرُبَت أيام وفاة داود أوصَى سليمان ابنَهُ قائلًا: أنا ذاهبٌ في طريق الأرض كلّها. فتَشَدَّد وكُن رجُلًا.. واضْطَجَع داود مع آبائِهِ ودُفِن في مدينة داود" (1مل 2: 1 – 10) وقال إشعياء النبي: "وهو مجرُوحٌ لأجل معاصِينا" (إش 53: 5) وزكريا النبي: "فيقول له ما هذه الجروح في يديك؟ فيقول: هي التي جُرِحت بها في بيت أحبائي" (زك 13: 6).
وتحقَّقت هذه النبوات: "حينئذٍ أطلق لهم باراباس، وأمَّا يسوع فجَلَده وأسلَمَهُ ليُصلب" (مت 27: 26).. "ولمَّا مضوا به إلى الموضع الذي يُدعى جمجمة صلبوه هناك" (لو 23: 33).
22ـ الاستهزاء والسخرية:
تنبأ عن هذا الجانب داود النبي قائلًا: "كل الذين يرونني يستهزئون بي. يفغرون الشِّفاه ويُنغِضُون الرَّأس قائلين: اتَّكَل على الربّ فليُنَجِّـه، ليُنقِذْهُ لأنه سُرَّ به" (مز 22: 7، 8).. "وهم ينظرون ويتفرَّسون فيَّ" (مز 22: 17).. "وأنا صِرت عارًا عِندهم. ينظرون إليَّ وينغضونَ رؤوسهم" (مز 109: 25) وأكمل سليمان جانب آخَر من النبوّة قائلًا: "ويتبَاهى بأن اللَّه أبُوه. فلننظُر هل أقوالُهُ حقٌّ، ولنَختَبر كيف تكون عاقبتُهُ. فإنه إن كان الصِّديق ابن اللَّه فهو ينصُرُه وينقِذُهُ من أيدي مقاومِيهِ. فلنمتحِنهُ بالشَّتم والعذاب حتى نَعلَـم حِلْمُـه ونختَبـِر صَبْـرُه، ولنَقْضِ عليه بأقبَح ميتَةٍ" (الحكمة 2: 16 – 20).
وتحقَّقت هذه النبوات: فإن عسكر الوالي "بعدما استهزَأوا بهِ، نَزَعوا عنه الرِّداء وألبَسُوه ثيابَهُ، ومضوا به للصَّلب" (مت 27: 31).. "وكان المُجتازون يُجدِّفون عليه ويَهزُّون رؤوسهم" (مت 27: 39) وقال رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ: "قد اتَّكل على اللَّه، فليُنقِذه الآن إن أرادَهُ. لأنه قال: أنا ابن اللَّه" (مت 27: 43).. "وكذلك رؤساء الكهنة وهم مستهزئون فيما بينهم مع الكتبة، قالوا: خلَّص آخرين وأمَّا نفسه فما يقدر أن يُخلِّصها. لينزل الآن المسيح ملك إسرائيل عن الصليب، لنرى ونؤمن. واللذان صُلبا معه كانا يعيرّانه" (مر 15: 31، 32).
23- الزلزلة والظلمة:
تنبأ عاموس عن ظلمة الشمس في وسط النهار قائلًا: "أليس من أجل هذا ترتعد الأرض.. ويكون في ذلك اليوم، يقول السيد الرب، أني أُغَـيّب الشمس في الظُهر، وأُقتِمُ الأرض في يوم نور" (عا 8: 8، 9).
وتحقَّقت هاتان النبوتان فيقول الإنجيل: "والأرض تزَلزلت، والصُّخور تشقَّقت" (مت 27: 51).. "وأمَّا قائد المئة والذين معه يحرُسون يسوع فلمَّا رأوا الزلزلة وما كان، خافوا جدًا وقالوا: حقًا كان هذا ابن اللَّه!" (مت 27: 54).. "ومن الساعة السادسة كانت ظُلمة على كل الأرض إلى الساعة التاسعة" (مت 27: 45). وعندما حدثت الظلمة في وقت كان يستحيل فيه حدوث كسوف كلي للشمس تعجَّب عالم الفلك ديوناسيوس الأريوباغي وقال: "إما أن يكون خالق الطبيعة متألمًا أو أن العالم آخذ في التمزُّق".
24ـ إحصاء عظامه والعطش وشُرب الخل:
تنبأ داود النبي عـن هذا فقال: "كالماء انسكبتُ. انفصلت كل عظامي. صار قلبي كالشَّمع. قد ذاب في وسَط أمعائي. يَبِسَت مثل شقفةٍ قوَّتي، ولَصِقَ لساني بحنكي، وإلى تراب الموت تضعـُني.. أُحصيَ كلَّ عظامـي، وهـم ينظرون ويتفرَّسون فيَّ" (مز 22: 15 ـ 17).. "ويجعلون في طعامي علقَمًا، وفي عطشي يسقُونني خلًا" (مز 69: 21).
وتحقَّقت هذه النبوَّات فمن شدة جذب الأذرع على الصليب، ومن شدَّة الآلام صارت عظام ربنا يسوع ظاهرة ومُحصَاة، وتعبيرًا عن شدة العطش قال النبي: "لصق لساني بحنكي" وعن شُرب الخل يقول الإنجيل: "أعطوه خلًا ممزوجًا بمرارةٍ ليشرب. ولمَّا ذاق لم يُرد أن يشرب" (مت 27: 34).. "بعد هذا رأى يسوع أن كل شيء قد كَمَل، فلكي يتمَّ الكتاب قال: أنا عطشان. وكان إناءٌ موضوعًا مملوًّا خلًا، فملأوا إسفِنجَةً من الخَلِّ، ووضعوها على زوفا وقدَّموها إلى فمِهِ. فلمَّا أخذ يسوع الخَلَّ قال: قد أُكمِل" (يو 19: 28، 29)، فالخل قُدّم للسيد المسيح مرتين، في المرة الأولى كان ممزوجًا بمرارة لتخفيف الآلام عنه، وهذا المزيج رفضه يسوع ليتحمل الآلام كاملة، وهذا ما ذكره متى الإنجيلي، وفي المرة الثانية كـان خلًا بدون مرارة وهـذا شرب منه المسيح وهو على الصليب ليتم المكتوب: "وفي عطشي يسقونني خلًا".
25ـ وقوف أقاربه من بعيد:
قال داود النبي: "أحبَّائي وأصحابي يقفون تجاه ضربتي وأقاربي وقفوا بعيدًا" (مز 38: 11).
وتحقَّقت النبوة فقال الإنجيل "وكان جميع معارفِهِ ونساءٌ كُنَّ قد تَبعنَه من الجليل، واقفين من بعيد ينظرون ذلك" (لو 23: 49).
26ـ الصلاة من أجل صالبيه:
قـال إشعيـاء النبي "وشَفَع في المُذنبين" (إش 53: 12).
وتحقَّقت النبوَّة عندما قال السيد المسيح وهو على الصليب: "يا أبتاه، اغفِر لهُم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعَلُون" (لو 23: 34).