الإجابة:
الأخ العزيز الراسِل، هذا الكلام ربما يبدو منطقيًا، ولكنه في الواقع خالي من الصحة! وقبل أن أرد على رسالتك(*) أود أن أوضح لك حقيقة مهمة:-
بادئ ذي بدء أحب يا صديقي أن أُذَكِّرَك أنه مضى على الكتاب المقدس آلاف من السنين، وقام ضده آلاف من المعارضين والمعاندين، ومنهم الكفرة والمُلحدين منذ أيام أباطرة الرومان حتى الحكم الشيوعي في العصر الحاضر. فلم يزداد إلا رسوخًا وانتشارًا وتأثيرًا في العالم أجمع. وكانت هذه الإدعاءات والاتهامات سببًا في مزيد من الدراسة ومزيد من البحث ومزيد من الاكتشافات على مرّ التاريخ التي أيدت صحة الكتاب المقدس ولا تزال خبايا الأرض وكنوز الآثار تؤيد كل يوم صحة جميع ما جاء فيه من أخبار. ورغم الإدعاءات بالتحريف إلا أن المدعين لم ولن يستطيعوا أن يأتوا ببرهان واحد يؤيد إدعائهم. وكيفما حاولت كل عواصف الزمان أن تَقْلِبَهُ فلا تراه إلا كعمود الحق، طرفه الواحد في السماء والآخر في أعماق الخليقة لا يستطيع أحد أن يحوله إلى وجهة أخرى.
والكتاب المقدس هو الكتاب الوحيد على وجه الأرض الذي منذ كتاباته وحتى يومنا هذا يطبع ويوزع منه سنويًا ملايين النسخ التي تزداد عامًا بعد عام.
فلا تخف يا أخي على الكتاب المقدس. فأنا وأنت والكنيسة جميعًا في حماية وحفظ الكتاب المقدس وليس العكس!
ولنأخذ النقاط التي تناولتها في رسالتك واحدة فواحدة..
1- تقول "المسلمون أنهم معذورون في اتهامهم الكتاب المقدس بالتحريف لأن من الأدلة التي يستندون عليها هو موقعكم هذا، الذي تقولون فيه أن البروتوستانت قاموا بحذف أسفار من الكتاب المقدس "كعادتهم". يا أيها الناس المعتدلون المفكرون، هل من الحكمة أن تعلنوا على النت أن البرتوستانت حذفوا أسفارا كاملة من الكتاب المقدس، وهل عندكم دليل على هذا".
عزيزي، يجب أن تعلم أن قولنا أن البروتوستانت قاموا بحذف أسفار من الكتاب المقدس (من نسخهم) التي لا يعترفون بها ليس مجرد قول وإنما هو حقيقة واقعة. والحقيقة دائمًا تعلن عن نفسها ولا تحتاج إلى من يعلنها. وذِكْرنا لهذه الحقيقة لن يزيد من بشاعتها شيء. كما أن إخفاء الأخطاء هو نوعًا من السلبية التي لا تجدي بل تضر في النهاية فنكون مثل النعامة التي تدفن رأسها حتى لا ترى أعدائها (كما تقول الأسطورة وليس الواقع بالطبع). ويجب أن نعلم جميعًا أن إظهار الأخطاء الإيمانية والعقائدية لا علاقة له بخطية إدانة. فالأخطاء العقائدية التي تكون في العَلَن، يجب أن يُرَد عليها في العلن!
يجب أن نعلم جميعنا أن الدفاع عن الإيمان لا يعتبر خطية إدانة. فالأخطاء العقيدية التي تكون في العَلَن، يجب أن يُرَد عليها في العلن!
هوَّذا القديس يوحنا الحبيب، الذي هو من أكثر الناس حديثًا عن المحبة، يقول من جهة الأمور الإيمانية: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ، وَلاَ يَجِيءُ بِهذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ؛ لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ" (رساله يوحنا الثانية 10-11)... (ستجد النص الكامل للكتاب المقدس هنا في موقع الأنبا تكلا) هل يقع من يرفض السلام على مثل هذا الإنسان في خطية الإدانة؟! حاشا. بل لو أنه قبل هذا المنحرف، يقع في خطية .. وهكذا يقول القديس بولس الرسول: "اَلرَّجُلُ الْمُبْتَدِعُ -بَعْدَ الإِنْذَارِ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ- أَعْرِضْ عَنْهُ. عَالِمًا أَنَّ مِثْلَ هذَا قَدِ انْحَرَفَ، وَهُوَ يُخْطِئُ مَحْكُومًا عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ" (تيطس 3: 10، 11). ويقول أيضًا "أَنْذِرُوا الَّذِينَ بِلاَ تَرْتِيبٍ" (رساله تسالونيكى الأولى 5: 4). وأيضًا: "نوصيكم أيها الأخوة باسم ربنا يسوع المسيح: أن تتجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب، وليس حسب التعليم الذي أخذه منا" (رسالة تسالونيكي الثانية 3: 6).
هنا تعليم الرسل: لا يُكتَفي بمجرد الإدانة، بل يتطور أكثر إلى إنذار الشخص المنحرف، والإعراض عنه، وعدم قبوله في البيت، وعدم السلام عليه ..